الجريمة في العراق .. تعكس مدى الضرر الامني والأخلاقي والنفسي الذي طال المجتمع العراقي
آخر تحديث:
بقلم:نهاد الحديثي
يعاني العراق من انتشار الجريمة، فقد احتل وفق مؤشر الجريمة المنظمة العالمي، الذي اصدرتهاخيراً منظمة الأمم المتحدة للجريمة والمخدراتالمرتبة الثامنة من بين 193 دولة عالمياً في مؤشر الجريمة,, وجاء العراق وفق المؤشر في المرتبة الثانية من بين 46 دولة في قارة اسيا، وفي المرتبة الأولى من اصل 14 دولة بمنطقة غرب اسيا، خلال عام 2023 مقارنة بعام 2021 , وكشف المؤشر، عن ان درجة الاجرام في العراق خلال عام 2023 بلغت 7.13 درجة، مقارنة بعام 2021 حيث بلغت حينها 7.05 درجة، بينما تضمنت أنواع الجريمة المنظمة المنتشرة في العراق العديد من القضايا,, وتصدرت المراتب الاولى جرائم الإتجار بالبشر وتهريبه، والابتزاز، والتجارة بالسلع المقلدة، وتجارة الأسلحة والمخدرات ويرهن معنيون تنامي هذا النوع من الجرائم بأسباب عديدة اهمها البطالة والفقر وتفشي السلاح المنفلت والمخدرات, مشددين على ضرورة ضبط الحدود والعمل اكثر على مكافحة المخدرات والمافيات التي تقف خلف هذه التجارة.
المختصون بالشأن الامني والاستراتيجي، قالواانه خلال العام 2023 كان هنالك انخفاض بنسبة 20 في المائة بحسب التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية. حول انخفاض معدل ونسب الجرائم المنظمة في العراق. من خلال عمليات المتابعة والقاء القبض، وتتبع اصحاب وشبكات الجرائم المنظمة,, واضافوا ان آفة المخدرات تعتبر بوابة لباقي الجرائم المنظمة في العراق، خصوصا في السنوات السابقة، حيث ساهم ذلك في تنامي الجريمة المنظمة، في ظل الضعف لدى اجهزة انفاذالقانون ,, وأكد المختصون ان هذه العصابات تنشط عندما تضعف المؤسسات الامنيةوالملاحقات, واوضحوا ان هناك أرضية خصبة لنشاط هذه التجارة، حيث يستغل تجار المخدرات بطالة الشباب في استدراجهم وتجنيدهم,, كما وبينوا أن عملية الاستدراج تبدأ بإيصال الشاب المتعاطي الى مرحلة يصبح فيها غير قادر على شراء هذه المادة او تسديد ما عليه من اموال لصالح المتاجرين بالتالي يتحول من متعاط الى عضو في عصابة للجريمة المنظمة,,بهذه الطريقة تشكلت الكثير من شبكات الجريمة المنظمة في مجالات السرقة والقتل والتهريب وغيرها من الجرائم,, وتؤكد الحقائق انه هناك ملاحقة لعصابات ومافيات المخدرات، التي يحمل بعضها ارتباطات خارجية، كما ان هناك توجيهات بمعاقبة اجهزةانفاذ القانون في حال تهاونها في هذا الملف، لان المافيات قد تؤثر عليهم من خلال الترغيب اوالترهيب,, وهناك عمليات استباقية لإلقاء القبض على تجار المخدرات، مؤكدا انه شهريا تتم مصادرة مئات الاطنان من المواد المخدرة,, وتشير الاجهزةالمختصة حاجتها الى السيطرة التامة على الحدود فهناك مساحات شاسعة وهناك منافذ ثانوية غير رسمية، يتم من خلالها ادخال المخدرات وتهريب الاعضاء البشرية وغيرها من الامور، وبالتالي فان السيطرة على الداخل مرهونة بالسيطرة على الحدود.
العراق بعد 2003 أطلق صفارة الإنذار بشأن انتشار الجريمة بأنواعها في البلاد واتخاذها أشكالا فظيعة تعكس مدى الضرر الأخلاقي والنفسي الذي طال المجتمع العراقي، جرّاء كثرة الحروب واستشراء العنف وتردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نتيجة الفشل المزمن لتجربة الحكم القائمة منذ أكثر من عقدين بقيادة الأحزاب الدينية,, لتطور السريع في أرقام الجريمة في العراق والتحول المشهود في طبيعتها نحو مزيد من القسوة والفظاعة ووقوع الجرائم بشكل متزايد في نطاق الأسرة الواحدة، يعدّ انعكاسا لظروف أمنية واقتصادية واجتماعية أوجدتها تجربة الحكم الفاشلة في البلاد وأفضت إلى تحولات أخلاقية ونفسية باتت تهدد تماسك المجتمع العراقي ووحدته ,, دمار الأحزاب الدينية الحاكمة طال المنظومة الأخلاقية عبر نشر تدين سطحي مثير للنعراتومكرّس للأنانية والجشع,, ويسجل الأخصائيون الاجتماعيون إلى جانب التزايد المهول في أعداد الجرائم بالعراق، تحوّلات خطرة في نوعية الجريمة وطبيعتها,, تفاقم ظاهرة الجرائم داخل الأسر وفي نطاق العائلة الواحدة،مظهرا على تدهور القيم المجتمعية والتفكّك الأسري كنتيجة لاستشراء الفقر وتراجع التعليم وتفاقم ظاهرة التسرّب المدرسي المبكر والانفجار المهول في أرقام البطالة وانتشار تعاطي المخدّرات,, وتنتشر بالتوازي مع تفشي أنواع فظيعة من الجريمة في العراق ظاهرة الانتحار ذات الصلة المباشرة بالأوضاع الاجتماعية والنفسية للعراقيين, وكانت أرقام رسمية عراقية قد أظهرت تزايدا سريعا في عدد حالات الانتحار المسجلة في البلاد. وقالت وزارة الداخلية إنّ عدد المنتحرين قفز في ظرف سبع سنوات فيالمناطق العراقية باستثناء إقليم كردستان من 376 إلى 1073 حالة سنويا, ويترافق تصاعد أرقام الجريمة في العراق والتغيرات في طبيعتها نحو مزيد من القسوة والفظاعة مع ظاهرة لصيقة كثيرا ما تكون سببا مباشرا في ارتكاب الجرائم، وتتمثل في انتشار المخدّرات بأنواعها على نطاق واسع وتفشي تعاطيها لدى فئات اجتماعية واسعة وخصوصا فئة الشباب.
وتطفو ظاهرة جديدة على سطح المجتمع العراقي، والتي دائما ما تكون “سلبية”، وهذا ما يدور فعلاً حول الجرائم التي ترتكبها النساء، حيث أصبحت ظاهرة تهدد الاجهزة الامنية، ففي الوقت الذي شخصت الشرطة المجتمعية، الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة،واشار خبراء أمن الى علاقة الجهاز الامني بتزايد هذه الجرائم. وارتفعت في الآونة الأخيرة نسبة انضمام النساء في العراق إلى عصابات الجريمة المنظّمة، حيث باتت العصابات تستخدم العنصر النسوي في الجرائم التي تنفذها ولم تقتصر على الرجال فقط، الأمر الذي لم يألفه العراق سابقاً.
وبات إعلان السلطات الأمنية العراقية عن تفكيك عصابات وشبكات إجرامية تضم نساء في صفوفها أمراً مألوفاً في الشارع العراقي. والتي تتطلب جهوداً مضاعفة للإيقاع بها، باعتبار ان نساء تكون أكثر حرفية وقدرة على المناورة في جرائمها , الفقر ينمي الظاهرة ومواقع التواصل تفتح الطريق يوما بعد الاخر,, أسباب زيادة الجرائم المرتكبة من قبل النساء،، أن “كثرة المشكلات المجتمعية من بينها التفكك الأسري، والذي أصبح بؤرة لعدة جرائم سواء كانت على مستوى العنف الأسري او تلك التي ترتكب من النساء او حتى الرجال,, “التفكك الاسري تقف خلفه الكثير من الاسباب، الا أن السبب الرئيس يدور حول الابتعاد عن العادات والتقاليد الاصلية، وتأثير العالم السيبراني، ومواقع التواصل الاجتماعي على البنية الاسرية بشكل عام”،وعدم وجود ضابط داخلي او ذاتي او حتى مجتمعي للسيطرة على الافعال والتصرفات التي تعتبر خارج القانون”.ومن هنا ياتي دورالشرطةمجتمعية، على التثقيف والتوعية من مخاطر هذه الظروف، مثل الادمان على مواقع التواصل الاجتماعي، ورفع المستوى الثقافي، والوقايا من الجريمة، وتثبيت الأصر الاسرية. ختاما نقول انه في العام 2023 وبعد تنفيذ البرنامج الحكومي، لاسيما فيما يتعلق بمتابعة الجريمة المنظمة ومنع وقوعها وخفضها، وبالفعل تحقق هذا الهدف, بحسب بيان لوزارة الداخلية العراقية, واضافت ان معدلات الجريمة انخفضت الى ما يقارب 20 بالمئة في عموم العراق, وان وضع الجريمة مسيطر عليه وجيد جدا في الوقت الحاضر. وهناك اجراءات جديدة سيتم العمل عليها في العام 2024، وستكون مكثفة باتجاه ملف الجريمة المنظمة في العراق .