الحبل السري بين النظام الايراني والتنظيمات الإرهابية/2
آخر تحديث:
بقلم:علي الكاش
سبق أن القينا الضوء على إغتيال الإرهابي الدولي ابو محمد البصري في ايران، والذي عاش فيها منذ عام 2013، وزعم النظام الأيراني حينها مقتل استاذ لبناني وابنته في منطقة بازداران، وكعادته فالنظام مجبول على الكذب والإحتيال، فقد تبين ان الرجل كان ابو محمد المصري وابنته مريم أرملة حمزة ابن لادن، وقد جرت مراسيم زواجهما في طهران، وكان ابو محمد المصري المنفذ لهجوم الرياض عام 2003. كما سبق للمحكمة الإتحادية الامريكية ان اكدت بأن الإرهابيين الذين استهدفوا برجي التجارة تلقوا تدريباتهم في ايران، وصدر حكم بتغريم ايران بضعة مليارات من الدولارات. لذلك كان اختيار ابن لادن لعناصر من جنسيات سعودية (مع وجود الاف العناصر من مختلف الجنسيات) في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر امرا مقصودا ـ بالتنسيق مع طهران ـ لتوجيه أصابع الإتهام الى السعودية ووسمها بالإرهاب، ودفع الإدارة الأمريكية الى اسقاط النظام، لكن الإدارة الامريكية مسكت كافة خطوط الحدث ، وكشفت الحقيقة فحملت ايران المسؤولية، فايران تسخر القاعدة لضربه الولايات المتحدة فتضرب عصفوين بحجر، فهي تحمل السعودية المسؤولية من جهة، و اهل السنة من جهة اخرى المسؤولية.
الحقيقة ان العلاقات بين القاعدة وايران سبيق احداث سبتمبر، فقد جاء في تقرير التحقيقات عن احداث سبتمبر” اظهر ابن لادن في مطلع التسعينات اهتماما خاصا بعمليات التفجير المشابهة لتفجير مقر المارينز في بيروت عام 1983 الذي اشرف على تنفيذه القائد في حزب الله (الإرهابي الدولي عماد مغنية)، وتؤكد اللجنة التحقيقية ان المسؤولين عن تفجير السفارتين الامريكيتين في تنزانيا وكينيا تلقوا تدريبات من ذراع ايران في بيروت( حزب الله).
مع مقتل الإرهابي، حدثت ثلاثة تفجيرات ارهابية على السعودية، احدهما استهدفت مقبرة لغير المسلمين في (جدة) حيث شاركت وفود غربية في مراسم احياء ذكرة الحرب العالمية الأولى، نظمتها السفارة الفرنسية، وقد أدى الى جرح عدد من الحضور، وصفت الحكومة الفرنسية الهجوم بالعدوان الجبان، وتعرضت السفارة السعودية في هولندا الى اطلاق عيارات نارية، علاوة على إستهداف منشأة نفطية سعودية من قبل الذراع الايراني في اليمن (الحوثيين).
ونسال: لو كانت السعودية ترعى وتمول الارهاب كما تزعم ايران وذيولها العرب؟ هل كان الرجل الثاني في تنظيم القاعدة يعيش في السعودية ام طهران، واي طرف كان ضحية الارهاب السعودية ام ايران؟ نترك الجواب للعقلاء.
عود على بدء
ذكر البنتاغون” ان الوثائق والمراسلات بخط يد زعيم تنظيم القاعدة تمت مصادرتها بعد مقتل بن لادن بمخبأه في مدينة (ابوت آباد) على الحدود الايرانية ـ الباكستانية، وإتضح من مراسلات ابن لادن وافراد من القاعدة داخل ايران وجود صفقات بين الطرفين تمثلت بحماية القاعدة المراقد الشيعية في العراق، وتجنيب الايرانيين اية هجمات هناك، بالقابل فان ايران تمنح تنظيم القاعدة ممرا آمنا لابن لادن ومراسلاته، وملجئا يأوي قادة التنظيم وعوائلهم”. وهذا ما ثبت في مقتل حمزة ابن لادن وابو محمد المصري.
نود أن نوضح نقطة مهمة تتعلق بالعلاقة بين القاعدة والنظام الإيراني قبل وخلال الفضيحة التي سُكت عنها، وسنفصلها. البعض مع الأسف يعتقد إن هناك نوع من التعارض بين تنظيم القاعدة من جهة والنظام الإيراني من جهة ثانية، على إعتبار إن القاعدة وداعش محسوبة على أهل السنة كما أن التنظيمات الإرهابية الإيرانية كالحرس الثوري وحزب الله اللبناني والحشدد الشعبي وانصار الله في اليمن وغيرها محسوبة على الشيعة. مع إن الطائفتين عموما بريئتان من تلك التنظيمات الإرهابية التي تمثل أحزابها وأشخاصها فقط، وليس المذاهب التي تدعي الإنتساب لها. لكن هذه النظرة مع صحتها تعد أحادية الجانب وليست شمولية. لو رجعنا قليلا إلى الوراء وتمعنا بصورة مكثفة في بعض الشواهد القريبة لوجدنا الكثير من المؤشرات التي تؤكد بأن القاعدة وداعش والأحزاب الإيرانية المتطرفة هما وجهان لعملة واحدة. نعم قد تختلف الأفكار والوسائل ولكن الأهداف واحدة، لأن المصالح موحدة. فتنظيم القاعدة يبقى في خدمة النظام الإيراني طالما أنه يساهم بشكل فاعل في تشويه صورة الإسلام من خلال وسمه بالإرهاب. حتى أمسى الإسلام مرادفا لكلمة الأرهاب جراء نشاطاتهم الإرهابية في دول العالم. وقد لاحظنا مؤخرا الهجوم على الإسلام من قبل الرئيس الفرنسي، الذي أعتبر الأزمة في الإسلام وليس المتطرفين الإسلاميين، وصدت قوانين جديدة تعادي المسلمين، وربما تعم الظاهرة في بقية الدول الأوربية.
كما إن النظام الإيراني يعمل بدوره على تشويه صورة الإسلام ولصقه بالإرهاب من خلال تصدير الدجل والشعوذة الى دول أخرى ونجح في العراق وسوريا ولبنان واليمن والسعودية والكويت. وتصدره المرتبة الأولى في العالم بعدد الإعدامات بحق مواطنيه، وإستحقاقه مركزا مرموقا في إنتهاكات حقوق الإنسان. إضافة الى مشاكسته للشرعية الدولية من خلال إصراره على تطوير برنامجه النووي لخدمة أهدافه التوسعية. وآخرها قرار البرلمان الإيراني بعدم السماح للمفتشين الدوليين بتفتيش المنشئات النووية، وزيادة تخصيب اليورانيوم بعد إغتيال العالم النووي الايراني فخري زادة في طهران، علاوة على تدخله السافر في شؤون دول الجوار من خلال تصدير الإرهاب كبند من بنود تصدير الثورة الممسوخة، وإطلاق التهديدات والإستفزازات ضدها. ورعاية التنظيمات الشيعية المتطرفة الموالية له وزرع الخلايا النائمة في البلدان العربية وتحريض الأقليات الشيعية على أعمال الشغب والفتنة والمطالبة بالإنفصال كما جرى في اليمن والبحرين والسعودية. الغرض منه تمزيق الوحدة الإسلامية، وهذا النهج يمارسه تنظيم القاعدة أيضا. وهناك مثل معروف بأن” عدو عدوي صديقي”.
لقد بانت للعالم حقيقة النظام الايراني، وان عددا من قادة تنظيم القادة يحتضنهم الملالي مع عوائلهم. وبعضهم مطلوب بالإسم للعدالة لنشاطاتهم الإرهابية في العديد من دول العالم بما فيها الشيطان الأكبر وقوى الإستكبار العالمي حسب تصنيف النظام الإيراني. لكن النظام لأيراني يتستر على وجودهم ولا يسلمهم لغاية في قلب يعقوب!
تساؤلات مشروعة
ـ أليس من الغرابة إن أذرع أخطبوط القاعدة ووليده تنظيم الدولة الإسلامية طالت القارات السبع وشملت ساحة عملياته العشرات من الدول القريبة والبعيدة، لكن أذرعه قصرت عن إيران ولم تطلها؟
ـ رغم إن العديد من بيانات القاعدة وداعش ذات نفس سلفي طائفي معادي للصفوية التي هي الأولى كما يفترض بالتصفية كخصم مزمن وعتيد. ناهيك على الإختلاف الأيديولوجي بين الصفوية والوهابية في المباديء وليس الأهداف!
ـ لماذا تستهدف التنظيمات الإرهابية المملكة العربية السعودية، ويدعي البعض (ذيول ايران) ان المملكة الشقيقة هي التي تدعم هذه التنظيمات الإرهابية، اقول حدث العاقل بما لا يعقل، فإن صدق فلا عقل له. غالبا ما تضمنت بيانات القاعدة وداعش خطابات هجومية وتحريضية ضد الأسرة الحاكمة في السعودية ويطلقون عليهم (آل سلول)، ولم يتهجموا يوما واحدا على أركان نظام الملالي!!
ـ إن الساحة الإيرانية مكشوفة أمام تنظيم القاعدة وداعش من خلال دولتين مجاورتين تعمان بالفوضى والإنفلات والإفتقار الى السيادة (العراق وأفغانسان)، بحدود طويلة وتضاريس وعرة من الصعب السيطرعليها، بالطبع علاوة على الباكستان، فما هو السبب من خلو الساحة الإيرانية من إرهاب القاعدة؟
الأنكى من هذا كله ان مكاتب الأحزاب الإيرانية في العراق أو الموالية لإيران كحزب الدعوة بشطريه والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الله وعصائب أهل الحق كذلك الهيئات الإيرانية في العراق بأغطية إستخبارية مختلفة كالمؤسسات الخيرية والسياحية والبنوك والشركات الأخرى هي بمنأى عن إرهاب القاعدة؟ فما هو السبب؟
ـ لماذا لم تستهدف القاعدة عملاء أمريكا وإيران ـ كبار المسئولين في الحكومة العراقية ـ في ظل الأنفلات الأمني، في حين تستهدف الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة؟
اكدت مصادر الإستخبارات الغربية بإن الزرقاوي هرب من أفغانستان إلى إيران في تشرين الثاني 2001 حيث تم احتجازه هناك، قبل أن يطلق سراحه من الإقامة الجبرية ويسمح له بالسفر إلى العراق ليقتل ويُقتل. ونستذكر إعتراف جورج تنيت مدير (CIA ) أمام لجنة الإستخبارات العائدة لمجلس الشيوخ الامريكي بقوله” نرى دلائل مزعجة تشير بأن تنظيم القاعدة أسس له وجودا له في كل من إيران والعراق”. كما نشرت صحيفة التلغراف البريطانية في 14/11/2006 تقريرا عن مصادر إستخبارية رفيعة المستوى بأن الرئيس الإيراني يسعى بقوة لإقناع زعماء القاعدة الذين في ضيافة نظامه بإختيار(سيف العدل) ليكون الرجل الثالث في التنظيم بعد أسامة بن لادن وأيمن الظواهري”! (يشاع ان الظواهري توفي في قطر). ومن المعروف إن العدل هو أحد المطلوبين في قائمة أمريكية تضم(22) قائدا من تنظيم القاعدة. وما يزال مكتب التحقيقات الفدرالي يلاحقهم منذ أحداث (11) سبتمبر. لكن طهران ترفض تسليمهم لأغرض التحقيق. وأضافت الصحيفة بأن تلك العلاقة تثير القلق والخوف سيما إنها تتم برعاية مباشرة من قبل الرئيس نجادي. وأكدت من جانب آخر بأن العدل يقيم في أحد قصور الضيافة في طهران مع إثنين من أبناء اسامة بن لادن ( سعد ومحمد). وعلقت الصحيفة بأن نجادي وعد مقابل تعيين العدل كرجل ثالث في القاعدة، أن يقدم تسـهيلات لتدريب وتجهيز عناصر التنظيم. كما أكدت بأن “حرس الثـورة الإسلامية يقدمون لمقاتلي القاعدة تسهيلات إستخدمتها في السابق مجموعات إسلامية أخرى مثل حزب الله اللبناني”.
كما ذكرالصحفي (جونثان رادل) احد أبرز الداعمين للقضية الكردية بأنه” لم يكن للقاعدة وبقية الجهاديين سوى قلة من الأتباع في العراق قبل الغزو الأمريكي. وكان وجوهم يقتصر على المنطقة الكردية الممتدة على الحدود العراقية- الإيرانية. حيث رأت طهران إن بقائهم في هذه المنطقة يعد أفضل وسيلة لضمان إستمرار حالة عدم التوازن لدى القوميين الأكراد”. وكانت التصريحات المدوية حول العلاقة بين طهران وتنظيم القاعدة قد أثارها أيضا السيناتور الأمريكي (جون مكين) خلال جولته الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط بقوله” الجميع يعرف جيدا بأن عناصر تنظيم القاعدة يتوجهون إلى إيران حيث يتلقون تدريباتهم هناك، ثم يعودون إلى العراق للقيام بنشاطات إرهابية، هذه حقيقة ثابتة، وإننا قلقون منها”. بل إن الرئيس الأمريكي بوش نفسه غمز إلى تلك العلاقة بقوله” إن أعداء أمريكا الحقيقيين هم الإرهابيون السنة والراديكاليون الشيعة. إنهم يشكلون الإسلام الفاشيستي”. فمن هم الأرهابيون السنة بنظر بوش غير تنظيم القاعدة (لم يكن لداعش وجود حينها)؟ أما الراديكاليون الشيعة فهم عدة فرق تتفيأ تحت خيمة الولي الفقيه في إيران.
كما نقلت وكلة اسوشييتد بريس عن رجل المخابرات المعروف (بروس ريدل) تأكيده بأن” نشاط القاعدة في إيران، كان دوماً لغزاً محيرا بالنسبة الى الولايات المتحدة”. مضيفا ” بأن تحركات عناصر القاعدة نشطت بقوة عام 2008 بالتزامن مع إصرار الولايات المتحدة بفرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي”. فقد سمح لسعد بن لادن خلالها بالسفر إلى باكستان مع (4) قياديين من التنظيم. ومن أهم زعماء القاعدة الموجودين في طهران بالإضافة إلى عائلة بن لادن ( سعد ومحمد وعثمان وإيمان- غادرت طهران إلى سوريا). منهم أبو حفص الموريتاني، وسيف العدل، وأبو عيد المصري، ومصطفى حامد، وسليمان ابو غيث المتحدث بإسم القاعدة. وهناك قادة آخرون تتحفظ طهران بأسمائهم. ويبدو إنهم يقيمون فيها بشكل مؤقت. ومثل هذه التحركات وصفتها (كلير لوبيز) من وكالة المخابرات الأمريكية بأنها” لا تبشر بخير”. وسبق أن نشرت صحيفة ( سيسيرو ) الألمانية نقلا عن مصادر إستخبارية مطلعة بأن (25) من زعماء تنظيم القاعدة ينحدرون من مصروالسعودية واوزبكستان وشمال أفريقيا وأوروبا، قد فروا بعد الغزو الأمريكي لإفغانستان ويقيمون حاليا في فنادق راقية في طهران. مضيفة بإن الحرس الثوري الإيراني ” يقدم لعناصر القاعدة دعماً لوجستياً وتدريبات عسكرية”.
كما أشار آخر تقرير للكونغرس الاميركي بعد مقتل بن لادن- أعدته شركة كرونوس الاستراتيجية المعنية بشئون مكافحة الإرهاب- الى وجود علاقة وثيقة بين الحرس الثوري الايراني وتنظيم القاعدة. وذكر (مايكل سميث) معد التقرير بأن ” إيران اقامت بهدوء علاقة عمل قوية مع أبرز قادة القاعدة. وإن هذه العلاقة أقيمت بهدف التصدي للنفوذ الاميركي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا”. وأضاف إن العلاقة تضمنت ” مساعدة إيران للقاعدة على تجنيد الإرهابيين لتنفيذ إعتداءات ضد الولايات المتحدة وحلفائها من خلال توفير الدعم الضروري الذي يمكن تنظيم القاعدة من توسيع نطاق عملياته”. وإنتهى التقرير بتوصية خطيرة ” فيما إذا لم تتخذ الولايات المتحدة إجراءات وقائية كافية فإن علاقات ايران بالقاعدة قد تكلفها – أي الولايات المتحدة وحلفائها- ثمناً باهضاً”.
ربما يعيب البعض علينا بأن الإقتباسات المذكورة هي من مصادر امريكية وأوربية معادية للقاعدة وإيران وهي مصادر مشكوك بأمرها رغم تباينها من حيث المنشأ والمصدر. وهذه حقيقة لايمكننا إنكارها. فالإعلام كان دائما و أبدا خادما مطيعا للسياسة سواء في البلدان المتقدمة أو النامية مع إختلاف مستوى الخدمة. ولكن عندما تقترن هذه المعلومات بإعترافات من عناصر القاعدة أنفسهم فالأمر هنا يختلف حتما!
هذه بعض من الإعترافات: في لقاء تلفازي أجري في الرابع من نيسان عام 2007 ضمن برنامج (إضاءات) مع ناصر البحري الملقب (أبو جندل) – كان الحارس الشخصي لأسامة بن لادن ومن المقربين جدا اليه – ذكر بأن” تنظيم القاعدة يقيم علاقة وصلات مع الحكومة الإيرانية لأن عدوهما واحد وهو الولايات المتحدة الأمريكية. وهناك شخصيات في القاعدة تتابع ملف التعاون مع إيران مثل سيف العدل وأبو حفص الموريتاني، لكن وجود شخصيات من القاعدة في إيران هو لغرض التنسيق”. كما جاء في سيرة الزرقاوي التي أرخها سيف العدل- المستشار الأمني للقاعدة- الآتي” أحدي النقاط التي طرحناها على أبي مصعب ومن يتواجد معه هو إنشاء محطتين في طهران ومشهد في إيران من أجل تسهيل عملية عبور الاخوة دخولاً وخروجاً، من والي أفغانستان. وإن طريق إيران ـ أفغانستان أصبحت سالكة ومأمونة، هذه النقطة كانت جديدة ومهمة لنا في القاعدة، وقد قمنا باستغلالها جيداً. بحيث أخذنا نستعيض بها عن الطريق القديم المار عبر باكستان، خصوصاً فيما يتعلق بحركة الاخوة العرب، وهذه النقطة جعلتنا نفكر بمحاولة بناء علاقة طيبة مع بعض الخيرين في إيران، وذلك من أجل تمهيد وتسهيل الطريق أكثر، وللتنسيق في بعض الأمور المشتركة، ولقد تم إنجاز التنسيق مع الإيرانيين لاحقاً”.
كما نستذكر زعيم القاعدة ( ناصر الوحيشي) الذي كان معتقلا في إيران وسلمته إلى السطات اليمنية، وقد أكد بنفسه تلك العلاقة في الحوار الذي أجراه معه (عبدالإله شايع) في (صحيفة الناس)، وقد نشر كذلك في الجزيرة نت. علاوة على إعتراف القيادي في تنظيم القاعدة ( محمد عتيق العوفي) الذي بثته الفضائية العربية عام 2009 حيث كشف عن”علاقة الاستخبارات الإيرانية والمتمردين الحوثيين بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وإستعدادهم لمدِّهم بالمال والأسلحة اللازمة لتنفيذ العمليات الإرهابية”. وهناك الكثير من الإعترافات في أروقة المخابرات العراقية عن تلك العلاقة وسبق إن إستفسرنا من أحد الضباط الأمنيين عنها. فأكد لنا بأن عدد من عناصر القاعدة ممن ألقي القبض عليهم في العراق اعترفوا بتلقي تدريباتهم في إيران. وعن صحة الوثائق الإستخبارية – يمكن الرجوع اليها في الكثير من المواقع- التي سربت إلى بعض المواقع حول تلك العلاقة الشاذة؟ فأكد بأنها صحيحة تماما. وأن هناك المئات من تلك الوثائق في أرشيف الأجهزة الأمنية! لكنها تعتبر سرية للغاية ولا يجوز مطلقا تداولها خارج الجهاز بأمر من المالكي وخلفه! وكذلك الأمر فيما يخص جميع النشاطات الإرهابية الإيرانية في العراق فهي خط أحمر والويل كل الويل لمن يتجاوزه.
وربما يتساءل البعض عن سبب تواجد بعض زعماء القاعدة في طهران رغم التباين المذهبي والأيديولوجي بين الطرفين؟
يجيب على هذا السؤال المحلل الستراتيجي اليهودي (يوشي ميكلبرع) بأن” إيران قد جعلت من نفسها زعيماً لمعسكر الإسلاميين المتطرفين بصرف النظر عن الإنتماءات الطائفية”. وهو نفس التفسير الذي ورد في صحيفة التلغراف البريطانية في 14/11/2006 ” قبل ذلك كانت هناك خلافات شديدة بين إيران والقاعدة. لكنهما أدركا بعدها بأن لديهما مصالح مشتركة”. وهذه الحقيقة تفسر العلاقة الوثيقة بين النظام الإيراني وحزب الأخوان المسلمين رغم الإختلاف العقائدي الكبير بين الطرفين، والتي تطورت عام 1979 ولا سيما يعد إغتيال الرئيس أنور السادات من قبل الإسلامبولي. الذي سمت طهران أحد شوارعها بإسمه تيمنا بفعله الارهابي، وقبلها سمت شارعا بإسم سيد قطب!
بمعنى إن النظام الإيراني يأخذ بمبدأ ميكافللي”الغاية تبرر الوسيلة”. المبدأ الذي إتبعه في حربه ضد العراق والذي عرف فيما بعد (فضيحة الووترغيت) حيث كان يستورد الأسلحة والأعتدة من الكيان الصهيوني في الوقت الذي يتبجح فيه بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وإلتزامه بالقضية الفلسطينية. لكن هذه المرة إستخدم النظام الإيراني ورقة أخرى ليبرر علاقته مع القاعدة بإعتبار أن كليهما يحارب قوى الإستكبار العالمي. وهناك الكثير من الدلائل حول العلاقة الوثيقة بين تنظيم القاعدة والنظام الإيراني يمكن الرجوع إليها.