ياسين طه العمر
منذ ان وطأت اقدام المحتل الامريكي ارض العراق حتى اخرجت الشياطين رؤوسها وظهرت علينا عشرات الميليشيات المسلحة تعود لاحزاب يدور غالبها ان لم يكن جميعها في الفلك الايراني, تلك المليشيات التي عاثت في ارض العراق فسادا طوال السنوات الماضية دون ان يردعها احد, جولت العراق الى اشبه بالغابة تعبث بها الذئاب,وتسودها الفوضى والخراب, جاء ذلك مترافقا مع جعجعة بدولة ديمقراطية يسودها القانون وتؤطرها العدالة ,وظلت تلك الشعارات للاستهلاك المحلي حالها كحال شعارات النزاهة والوحدة الوطنية والمصالحة.
وبعد احداث العاشر من حزيران الماضي جاءت فتوى المرجعية الشيعية بتشكيل قوات شعبية وفق فتوى الجهاد الكفائي الذي لم تتبناه المرجعيات الشيعية اذبان الاحتلال الامريكي للعراق لكنها حشدت كل الشارع الشيعي تجاه ما حدث في الموصل وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة حول طبيعة الدور الذي تلعبه تلك المرجعية وحول دور اجهزة الدولة ومصداقيتها وهيبتها, فبدلا من يصنع القرار في اروقة مجلس الوزراء او تحت قبة مجلس الوزراء لمواجهة الكارثة التي حلت بالبلد , جاء القرار من هناك, من النجف حيث يقيم المرجع الاعلى علي السيستاني.
وتشكلت قوات الحشد الشعبي في ظرف ايام واخذت طريقها لاداء دورها الذي من المفترض انها جاءت من اجله, لكنها بدلا من ذلك راحت تمارس ادوارا اخرى لاتقل خطورة عن تلك التي مارستها شقيقاتها من الميليشيات من قتل وتهجير وفتك بالمواطنين الامنيين وفق اسس طائفية مقيتة, ثم جاءت عمليات السلب وسرقة السيارات التي فضحت ممارسات الحشد الشعبي لتضيف دليلا عن الخطأ الفادح الذي ارتكبته الدولة العراقية بسماحها بتشكيل هكذا قوات بدلا من تعزيز قدرات الجيش العراقي والقضاء على عمليات الفساد الفضائي التي نخرت جسد المؤسسة العسكرية العريقة التي باتت تحت رحمة هذه المليشيات المتوحشة, وقد تواترت الروايات على ما يقوم به عناصر تلك المليشيات من ممارسات بحيث يستطيع صبي حدث السن ان يفرض على قيادات الجيش ما يريد دون ان تمتلك تلك القيادات القدرة على كبح جماح تلك العناصر.
ان مما يثير الدهشة ان ينبري البعض للدفاع عن الحشد الشعبي وكانهم فوق القانون, وكانهم منزهون عن الخطأ, واذا ما تم الكشف عن اي مصيبة اقترفتها ايادي هؤلاء فان التبرير الجاهز هو ان هناك من استغل لافتة الحشد الشعبي للقيام بتلك الممارسات, وبالتالي فان النتيجة واحدة هي المزيد من التدهور الامني وضياع الحقوق والحريات , ومزيدا من الدماء التي تسال دون ذنب او جريرة.
ان الدولة العراقية بكل عناوينها مطالبة اليوم بتدارك الاخطاء التي حصلت في الفترة الماضية من خلال تقنين عمل قوات الحشد الشعبي وتنظيم وجوده بقانون برلماني يحدد صلاحياته وطبيعة العمليات المنوطة بها والفترة اللازمة لذلك بما لا يتعارض مع صلاحيات القوات المسلحة التي ينبغي ان يعزز دورها, وان لا تتكرر فيها الاخطاء الذي كانت سببا في ما وصلت اليه البلاد.