الحوار الإستراتيجي الأمريكي -العراقي وحوار الطرشان
آخر تحديث:
بقلم:عبد الجبار الجبوري
وسط خلافات وإنقسامات عميقة ،حول بقاء القوات الامريكية أو إنسحابها من العراق بين الكتل السياسية،وتهديدات لزعماء الفصائل المسلحة الولائية،يصل مصطفى الكاظمي اليوم الى واشنطن، للقاء الرئيس الامريكي جوبايدن، والتباحث معه حول، طريقة الإنسحاب الامريكي من العراق،حيث وصل قبل يومين ،وفداً عراقياً كبيراً برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين،ومستشارالأمن القومي قاسم الأعرجي وضباط كبار في القوات المسلحة،وأجرى الوفد إجتماعات معمقّة مع الجانب الأمريكي، حيث أظهرتْ التصريحات داخل الوفد العراقي،تناقضات واضحة في قضية رحيل أو بقاء القوات، وقواعدها في العراق،وفي بغداد هاجم زعيم عصائب أهل الحق وزير الخارجية فؤاد حسين على تصريحاته ،التي تلمّح الى إبقاء القوات الامريكية وليس رحيلها،واصفاً إيّاها (بالمؤسفة والمرفوضة،وهي تبرير لبقائها)،في حين هدّد زعيم إحدى الفصائل المسلحة القوات الامريكية،بالويل والثبور إذا لم تنسحب،في حين وضعت ممثلة الامم المتحدة جينين بلاسخارت،عندما أبلغت الامم المتحدة في تقريرها،أن (إن الاوضاع الامنية مهزوزة جدا،ولايمكن إجراء إنتخابات دون تزوير، وفي ظل سلاح منفلت)، فيما شنّ فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، هجوما غير مسبوق على بلاسخارت ،واصفا تصريحاتها،(بأنها تجاوزت الدور المهني، واصبحت ورقة في الملعب السياسي العراقي )،ولكن مصادر في البنتاغون حسمت الامر كله قبل وصول الكاظمي الى واشنطن اليوم، وقالت بملء الفم( لا إنسحاب من العراق،وإنما إعادة تموضع فقط مع بقاء 2500 جندي امريكي)،
إذن الانسحاب الامريكي من العراق، أصبح من الماضي،ولكننا نسأل إذن لماذا إذن ذهب الكاظمي الى واشنطن، وجعل عنوان الزيارة الأبرز كان حول(جدولة الانسحاب الامريكي من العراق)، لابد وإن هناك سيناريوهات أمريكية جديدة،في الشرق الاوسط، تقتضي إطلاع الكاظمي على مجرياتها ، في ظلّ متغيرات جيوسياسية ،سريعة في المنطقة،تتمّثل في تظاهرات شعب الأحواز وانتفاضته الباسلة ،ضد ملالي طهران،بظلّ دعم أمريكي وبريطاني واضح ،لهذه الثورة ،واندماج المعارضة الإيرانية في الخارج معها بدعم دولي وأمريكي، وهذا يحسم الجدل، أن لا إنتخابات قادمة في العراق،نعم هناك تفاهمات أمريكية –عراقية، حول خطر داعش ،الذي مازال يهدّد المدن العراقية، ومازال العراق ،بحاجة ماسة لدعم التحالف الدولي،بالرغم من أنّ مصطفى الكاظمي، صرّح قبُيل سفره الى واشنطن(أن الغراق لايحتاج الى قوات امريكية لقتال داعش،وإن الجيش العراقي قادر لوحده مواجهة داعش)،وهذا ذر الرماد في العيون، وإرضاء وخوف من لفصائل الولائية فقط،،
نعم هناك إنقسامات كبيرة بين الأحزاب الولائية وفصائلها وكتلها، التي تسيطر على البرلمان، وتطالب برحيل القوات العسكرية الامريكية وغلق قواعدها، وبين الأحزاب الكردستانية والكتل والقوى الوطنية العقلانية، التي ترى في إخراج القوات الامريكية ،وتوقف جهد التحالف الدولي، يضرّ بمستقبل العراق، لصالح إيران، وصالح داعش معاً،وهذا مايعقد جولة الكاظمي المصيرية لواشنطن،بل يفشلها مسبقاً،ولكن مايمكن الاهتداء له، أن زيارة الوفد برئاسة الكاظمي الى واشنطن ،هي الزيارة الأخيرة له، وهي زيارة مصيرية، قد تنتج تفاهمات وإتفاقيات في مجالات امنية وإقتصادية وعسكرية،ولكنها لن تصل الى تفاهمات سياسية ، لإختلاف وجهات النظر بين الطرفين،وشدة الصراعات السياسية داخل العملية السياسية،والضغط الايراني الذي تمارسه على أتباعها، من أجل إنجاح مؤتمر فيينا المُعطّل سياسيا، بسبب تعنّت طهران ،أزاء الشروط الامريكية – الاوربية،في عودة الإتفاق النووي الإيراني، وهي أسّ الخلاف بين أمريكا وإيران وأتباعها في العراق،التحولات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط،تضعُنا مباشرة أمام سيناريو سايكس-بيكو جديد، وقد بدأ تفعيله إنطلاقاً من الأحواز، وثورة شعبه في التحرر والأنعتاق من نير الأستعمار الفارسي،ومايجري في العراق من صراع، وفشل سياسي، وإنهيار اقتصادي، وهشاشة وضع أمني غير مستقر، وعودة خطر داعش ، وأزمة وباء كورونا، يقابله فشل وإنهيار لبناني واسع وتاريخي، في الوضع الامني والاقتصادي والسياسي، وكذلك الوضع السوري الملتبس، وغياب التفاهمات الامريكية- الروسية – الايرانية – التركية، هناك يجعل من الوضع الأمني ،تتلاقفه أمواج الارهاب والانقسام،وهو الحال المضطرب في خروج الحوثيين عن الشرعية،وإصرارها على السيطرة على الارض اليمنية كلها ،بقوة السلاح الإيراني وصورايخها وطائراتها المسيّرة،نحن أمام طريقين لاثالث لهما،إمّا حرب عالمية في الشرق الاوسط،،مع إيران وحلفائها روسية والصين وسوريا وحزب الله وفصائلها الولائية، وبين أمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا الاتحاد الاوروبي،أو تطبيق سيناريو سايكس بيكو، أو بايدن- جونسون،وهو الأقرب الى الواقع،في ظلّ المتغيرات والتحولات الإستراتيجية في المنطقة،لذلك لايمكن التعويّل على زيارة الكاظمي لواشنطن، وهي بروتوكولية بحتة، ولن ينتج عنها شيء في مصلحة العراق، وإنما هو تكريس لواقع مرير نعيشه،قد يفضي الى تكرار سيناريو طالبان في أفغانستان،أو حوثي في اليمن،وهما سيناريوهان محتملان جدا،إذْ ما تخلت أمريكا عن التزامتها في العراق،كما يحصل الآن لحلفائها في افغانستان،رغم التصريحات والزيارات الى واشنطن ،واللقاء مع الرئيس جو بايدن،(لقاء الرئيس الافغاني،ولقاء الكاظمي)، فأمريكا معروف عنها ،أنها تتخلّى عن حلفائها بسرعة،تبعاً لمصالحها الإستراتيجية، فسبق لها أن تحالفت مع داعش والقاعدة في العراق، كما تحالفت ودعمت ميليشيات عراقية ولائية في العراق وسوريا واليمن ضد داعش والقاعدة، امريكا لا أخلاق سياسية لها،ولكنها تضع مصلحتها العليا أولاً وأخيراً، في حين لايفكر عملاؤها في العراق بغير مصلتحتهم الشخصية ،ومصلحة أحزابهم ،الحوار الإستراتيجي كذبة أمريكية لاتنطلي علينا،ربما تنطلي على قصيري النظر ،ومراهقي السياسة، وأصحاب الأجندات الخارجية،ولهذا تتعامل معهم ، ليس كحلفاء،وإنما كأجراء لديهّا،ومن يعوّل على الحوار الاستراتيجي هذا فهو واهم، لسبب بسيط،هو أن أمريكا لاتنظر الى الكاظمي، على أنه الندّ لها ،وإنما التابع الذليل لها،من هنا نقول أن الحوار الإستراتجي هو تكتيكي لا إستراتيجي وهو كذبة سياسية،ولعبة إستخبارية امريكية ،إنطلت على السذّج والعملاء فقط،أمريكا ماضية في إستراتيجيتها في الشرق الاوسط، ولن تنسحب حتى تحقق مشروعها الشرق الاوسط الكبير، ومَن يرى غير ذلك فلينظر الى اللعبة من كل زواياها،وليس من زوايته فقط،نعم الحولات الكبرى في المنطقة قادمة بلا شك،(بحرب أو بدونها)، وارى أنا بدونها،إعتماداً على الواقع المنظور،فامريكا لن ترسل جيوشها ثانيةً ،للشرق الاوسط من أجل حماية الحكومات والانظمة، هي فقط تدع الانظمة والحكومات، تتقاتل فيما بينهما ،لتحقق الأهداف والإستراتيجيات الامريكية في المنطقة ،وهذا مايحصل فعلاً على الارض،هي تتعامل مع الواقع كما هو لا كما يتخيله الآخرون لها، وهذا سبب خذلان الحكومات وخساراتها،أنها قصيرة النظر وفاقدة الرؤية،وهو مكمن ضعفها السياسي،الحوار الإستراتيجي الامريكي ،يمضي كما تريده إدارة بايدن، لاكما تريده حكومة الكاظمي وأحزابها، التي تحلم أن تحقق إنجازاً لها ،يرضي إيران وفصائلها،ويحقق لإيران هدفها في العودة الى مفاوضات مؤتمر فيينا ،المتوقف حاليا، كورقة ضغط على إدارة بايدن،نقول بثقة أن هذا الحوار، هو حوار الطرشان، وهوكذبة صدقّها الآخرون ،ولم يستفد منها الآخرون في العراق…