في ركن من أركان الكرة الأرضية توجد مزرعة وسط غابة كثيفة بكل أنواع الأشجار والنباتات والمخلوقات الأخرى يعيش فيها مجموعة من الخراف وبعض البهائم ترعاها عائلة مكونة من الآباء وأولادهم والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأبناء العمومة والخالات . وعلى رأس العائلة الجد الأكبر الذي هو المثال الأعلى لجميع أفراد العائلة الذي يفترض أن يحترمونه ويقدسونه ويخضعون لتوجيهاته مهما كانت ، دون أي مناقشة ، ويأتمرون بأوامره وتوجيهاته بإعتباره صاحب الخبرة المطلقة في جميع المجالات الحياتية والغيبية بالرغم من كبر سنه وشيخوخته . فهو المرجع المقدس لهذه العائلة . ويعيش بجانب هذه المزرعة عوائل آخرى ترعى الغنم وبعض البهائم أيضاً إلا إنها تمتلك أعداداً من الأغنام أقل من تلك العائلة التي تمتلك المزرعة . وكان كل هٓم تلك العوائل هو التعاون بينهم على الكيفية التي ترعى بها أغنامهم والمشاركة في المروج الخضراء لخرافهم لكي تعطي منتوجاً جيداً من حليب ومنتجات مستخلصة منها . ومن حسن الحظ كانت هناك مروج خضراء كافية لجميع تلك العوائل لإطعام خرافهم بالشكل الذي يؤمن زيادة وزن الخراف وغزارة منتجاتها من حليب ومشتقاته مما يحسّن من الوضع العام لتلك العوائل في تحقيق أرباح مجزية من بيع الخراف وجز صوفها وألتفنن في تصنيع لحومها ومنتجاتها الأخرى .
وكأي مزرعة لتربية الخراف كان هناك عدد من الذئاب محيطة بتلك المزرعة تحاول تأمين الغذاء لها ولصغارها مما أفقد أصحاب المزرعة عدداً غير قليل من الخراف . وشعرت العائلة ، أمام عجزها مواجهة تلك الذئاب المفترسة ، بخطورة الموقف ومستقبل المزرعة المهدد فلجأت الى الجد الأكبر تستشيره لإيجاد حل ينقذهم ويحافظ على إدارتهم للمزرعة والإستفادة من خرافها . فأقترح هذا الجد تربية أصناف من الكلاب تدٌرب بصيغة معينة لحماية المزرعة من الذئاب من ناحية والإشراف على رعي الخراف بشكل أمين في المروج وتأمين عودتهم الى حضائرهم في المساء ليكونوا مهيئين لجز الصوف والذبح لأغراض التجارة والربح صباحاً .
وبموجب مقترح الجد الأكبر سارع أفراد العائلة بتجميع عدد من الكلاب السائبة حسب الفصيلة التي تناسبهم وتدريبهم على حماية المزرعة وحمايتهم أيضاً وبالنتيجة حماية الخراف في حظائرهم . وقد كانت الخراف فرحة نوعاً ما لكونها في مأمن في حظائرها ولكنها تجهل بأن في كل صباح يوم يتم جز الصوف لبعض الخراف وذبح البعض الآخر للإستفادة من لحومها وعظامها وجلودها وكل ملحقاتها. وإستقرت المزرعة ونجحت العائلة في إدارتها وسارعت الى إعطاء هدايا وعناوين لبعض أفراد العائلة لمقترحاتهم ولنجاحهم في إدارة المزرعة ، فقد أُهديه للجد الأكبر صاحب المقترح الوشاح الأحمر ، وهو اللون الذي لا يتجاوزه أي لون آخر ، أما المتخلف عقلياً وهو صدر العائلة فقد أُهديه خط أحمر أيضاً وبندقية ليصيد ما يرغب فيه في هذه المزرعة أضافة الى إدارة مجموعة شرسة من الكلاب كهواية شخصية .
أما المعماري والمسؤول عن بناء متطلبات المزرعة من أفراد العائلة فقد أهديه شريط أحمر ومجموعة من الكلاب الشرسة التي يستطيع توجيهها حسب قناعاته . وبذلك أستمرت هذه العائلة في إدارة المزرعة بنجاح ، وأستمرت الخراف تنتظر العلف الذي يقدم لها وهي راضية على نعمة العلف المقدم من أصحاب المزرعة . المشكلة إن هناك أكثر من مؤتمن على الخراف المسكينة ، وكل واحد منهم يريد أن يربي هذه الخراف بالشكل الذي تعطيه أكثر صوفاً ولحماً وعظماً ومخلفات أخرى . المهم إن المزرعة تبقى وتستمر أدارتها من قبل تلك العائلة .
ونتيجة للتطورات التكنولوجية الحاصلة في مجال الفضاء والتصوير الفضائي فقد تبين أن تلك المزرعة تقع في مكان ما يحيطه من الشمال تركيا ومن الشرق إيران ومن الغرب سوريا ومن الجنوب الكويت والسعودية . وبالرغم من هذه التكنولوجيا يبقى الأمر مجهولاً .