بقلم: فاروق يوسف
لم أتعب نفسي بقراءة مسودات مشاريع وقف إطلاق النار في غزة، بغض النظر عن الجهة التي تقترحها، لا لشيء سوى اقتناعي بأن إسرائيل لن تستجيب لما يُطلب منها إلا بعد نزع سلاح حركة حماس. وعلى سبيل المناورة بحثًا عن تنازلات مقابلة، ترفض حماس هذا الواقع، لكن حقيقة وضعها لا تتيح لها الاستمرار طويلًا في هذا الرفض. ما دفعته غزة وأهلها من أثمان باهظة يشكل عنصر ضغط إنساني وأخلاقي لا يمكن الاستهانة به. سلاح حماس لم يعد مؤهلًا للدفاع، ولم يكن كذلك في الماضي. كان سلاحًا هجوميًا بنفس قصير، قياسًا بميزان القوى الذي تميل كفته لصالح إسرائيل.
على العموم، فإن قياديي حماس العسكريين، الذين لم يعودوا على قيد الحياة، لم يخططوا لانتصار مباشر من خلال قوة سلاحهم. فهم، بفضل خبرتهم العسكرية، كانوا يعلمون أن السلاح الإسرائيلي قادر على الانتصار على سلاحهم. لذلك، استمد تفكيرهم في الانتصار قيمته من محاولة لفت أنظار العالم إلى قضيتهم، وبخاصة ما يتعلق من تلك القضية بالظلم الذي يعانيه أهل غزة من حصار وعزل ونبذ وتجويع وتهميش.
على الجانب الآخر، هناك سلاح حزب الله، الذي يجب نزعه قبل فوات الأوان. كل الرهانات القديمة سقطت. بات الحزب، بعد تصفية قياداته العسكرية والسياسية التاريخية، مجرد كتلة بشرية مسلحة. لا يزال أفراد تلك الكتلة يؤمنون بالعقيدة ذاتها التي جعلتهم على ثقة بأن الخيار الإيراني سينتصر في المنطقة، وأن جنود “الولي الفقيه”، وهو تعبير مستعار من زعيمهم الأسبق حسن نصرالله، سيُكتب لهم النصر. غير أن هذا الإيمان لا يكفي في غياب إيران كقوة ضاغطة. سلاحهم لا معنى له في حالة انكفاء إيران على نفسها ومحاولتها حماية أمنها واستقرارها. سلاح حزب الله، دون الدعم الإيراني، لا يشكل خطرًا على إسرائيل، لكنه يظل عقبة أمام تنفيذ القرارات الدولية. هذا ما تستفيد منه إسرائيل، لأن لبنان، مع استمرار سلاح حزب الله، يبقى بلدًا منقوص السيادة، إذ تعجز دولته عن فرض سيطرتها على أراضيها. وتعلم إسرائيل أن تمسك الحزب بسلاحه لن يؤذي إلا لبنان. لا أحد في العالم سيمد يد العون للبنان ما دام هناك شيء اسمه سلاح حزب الله.
لن تكتمل الصورة إلا إذا سلطنا الضوء على سلاح الحشد الشعبي في العراق. ذلك سلاح إيراني وُجد لحماية المصالح الإيرانية في العراق، غير أن البعض يظن، في وهم، أنه يقوم بحماية أبناء الطائفة الشيعية، أو بشكل أدق الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق. واقعيًا، استُخدم هذا السلاح في أوقات سابقة وفق أجندة إيرانية واضحة المعالم. لا يشكل سلاح الميليشيات في العراق خطرًا على إسرائيل بقدر ما يشكله على العراق نفسه. كل ما يُقال عن دور الحشد في حماية العراق في مواجهة داعش هو نوع من التضليل، فالموصل، على سبيل المثال، لم تتحرر من احتلال داعش إلا بالقوة النارية التي قدمها القصف الأميركي. ولأن الحشد يتلقى أوامره من الحرس الثوري الإيراني، فإن انتماءه إلى القوات العسكرية العراقية وخضوعه لأوامر القائد العام لتلك القوات يعدّ واحدة من أكبر الأكاذيب التي يعيشها العراق الجديد.












































