تعلمنا من قراءة التاريخ وفي المجالس العامة والخاصة ان الرجال هم من يكتبون تاريخهم لكي يتركوا ارثا يحتفي به ورثتهم ويتفاخرون به من بعدهم في مجالسهم ، لاسيما ونحن امة تعتاش على الفخر حتى وان كان زائفا ودليل ذلك ان بعضهم ممن لم يترك لهم اجدادهم ارثا مشرفا يتفاخرون به نجدهم يتفاخرون بأجدادهم عندما كانوا قطاعا للطرق ولصوص ( الحوافة ) . وهم بذلك يفتخرون بفخر يتيم لا اب له .
ما حدث يوم امس تحت قبة مجلس النواب العراقي عند الانتقال الى الجولة الثالثة لانتخاب رئيس مجلس النواب والتي أنحصرت بين السيدين محمود المشهداني وسالم العيساوي يعد مهزلة يندى لها الجبين ، قد يظن البعض بان القوى السياسية قد انتصر عندما نجحت بإفشال اجراء الجولة الثالثة لحسم رئاسة المجلس ، لكن الواقع يؤكد عكس ذلك فمن وجهة نظري ان ما حدث قد اكد قوة شخصية وتأثير النائب سالم العيساوي مقابل ضعف وفشل منافسيه ، فضلا عن اعلان موت السيد محمود المشهداني سياسيا ، فبعد الجولة الاولى التي حصل فيها السيد محمود المشهداني على 47 صوت مقابل 97 صوت للسيد سالم العيساوي ، شهدت الجولة الثانية خساره قاسية للسيد المشهداني امام السيد سالم العيساوي بعد ان حصل السيد المشهداني على 137 صوت مقابل 158 صوت للسيد العيساوي . والغريب في الامر ان السيد المشهداني وانا متأكد مما اقول هو نفسه غير مؤمن بالجهة السياسية التي دعمته في الجولة الثانية من اجل ابعاد السيد العيساوي .
يؤسفني ان ارى شخصا هرما ومن ذوي الحكمة الذي كان في يوم من الايام من اصحاب الصولات والجولات من اجل انتزاع حقوق مكونه ، ان يصبح اللعوبة بيد من هم بسن اولاده ، او يستخدم من قبلهم جسرا لعبور المياه الآسنة .
لا يليق بالسيد المشهداني ما يفعله بنفسه فهو من نسب كريم من خير الانساب ، لكن يبدوا ان تقدمه في السن قد تغلب على فطنته وحكمته ، فجعلوا منه اداة لتصفية الحسابات لقضية ليس له فيها لا ناقة ولا جمل . فكلنا يتذكر عندما رشح نفسه امام السيد الحلبوسي كيف انتهى به الامر محمولا على اكتاف القوات الامنية بعد ان تعرض لحادثة اعتداء لا نعرف ما مدى مصداقيتها . والنتيجة خرج خاسرا امام السيد الحلبوسي ؟ واليوم هو مرشح السيد الحلبوسي ضد سالم العيساوي ؟ مفارقة عجيبة ! كيف قبل السيد المشهداني ان يكون مرشحا لحزب تقدم ذلك امرا محيرا ولا يليق به . كان من الصواب ان يكتفي السيد المشهداني بعضوية مجلس النواب او يعتزل العمل السياسي بأوج سمعته ولا اقول عظمته ( لا يوجد عظيم في عملية سياسية اسسها محتل ) من اجل الحفاظ على ارث يفتخر به من بعده ابنائه واحفاده .
لقد تم اغتيال السيد محمود المشهداني سياسيا وتاريخيا ، على عكس ما كان مخططا له وهو القضاء على السيد سالم العيساوي الذي خرج منتصرا . فاليوم السيد المشهداني قد اضحى بلا هوية سياسية ، فألى من ننسبه هل هو زعيم سياسي سني ام هو شخصية سياسية اطارية ام هو احد اعضاء حزب تقدم او احد قيادات تحالف الصدارة التقدمي هل هو سني ام شيعي او هو شني ام سيعي ، قد يقول البعض انه شخصية وطنية وانا هنا لا اطعن في وطنية الرجل حاشا لله لكن ما هكذا تكون الوطنية ، الوطنية هي الابتعاد عن الفتنة والعمل على تضميد جراح الوطن والترفع عن نزوات الصغار ، انا اعتقد ان السيد المشهداني قد كبى ولك جواد كبوة ، مازال هناك متسع من الوقت للتصحيح عن طريق الانسحاب من هذه المنافسة التي لا تليق به ، فلم يعد في العمر ما يستحق ان يلوث به نفسه والاعمار بيد الله . من المؤسف جدا لقد انهى السيد المشهداني تاريخه بيديه . وانا هنا اكرر اسفي واعتزازي به اتمنى ان اكون ناقدا وليس مسيئا .