بغداد/شبكة أخبار العراق- يوافق اليوم التاسع من نيسان الذكرى الثانية عشر لاحتلال العراق من قبل القوات الامريكية البريطانية وحلفاؤها ، ففي مثل هذا اليوم من عام 2003 اعلنت الولايات المتحدة سيطرتها على العاصمة بغداد وباقي المدن العراقية وانتشار قواتها بشكل غير مسبوق على الاراضي العراقية ضاربة عرض الحائط قرارات مجلس الامن والشرعية الدولية وبعدَ مرورِ إثنتا عشرةَ سنةً على الاحتلالِ تعيشُ البلادُ تدهورا أمنياً وسيطرة تنظيم داعش على عدد من المحافظات وانتشارا للميلشياتِ الاجراميةِ التي ترتكبُ جرائمَها على مرأىً ومسمعٍ من القواتِ الامنيةِ ،لكن بغداد لم تخلع ثوب حزنها الأسود حتى الآن، على الرغم من دخولها العام الثالث عشر من الاحتلال الأميركي لها، والذي كان إيذاناً بتدمير العراق أمنياً واجتماعياً واقتصادياً وحتى جغرافياً، بعد أن كانت توضع في مصاف الدول المتقدمة في وقت سابق للغزو الأميركي، الذي تسبّب بمقتل وإصابة نحو مليون عراقي وتهجير نحو 7 ملايين مواطن، فضلاً عن أعداد كبيرة من الأيتام والأرامل والمعوّقين والمعتقلين تقابلها عشرات الجماعات والمليشيات المسلحة، التي اختلفت عقائدياً وفكرياً واجتمعت على مساعدة الأميركيين على تدمير بلاد الرافدين.هذه الذكرى أجمع العديد من السياسيين والمواطنين العراقيين، في أحاديث على لعنها والإصرار على تسميتها بذكرى اليوم الأسود.ويقول النائب في البرلمان العراقي، حسن شويرد:إن “البلاد تتراجع في كل شيء وفي مختلف القطاعات، من الأمن إلى الاقتصاد والتعليم والصناعة والزراعة، ولم يعد هناك شيء على حاله في العراق اليوم”. ويضيف: “حتى قطاع التعليم، الذي كنا نتباهى به، فقد عمدوا إلى تغيير المناهج حسب توجيه رجال الدين بأفكارهم وأهوائهم، فيما تعاني الصناعة إهمالاً كبيراً من قِبل الحكومة، فالمعامل التي كانت مزدهرة في زمن النظام السابق تجدها الآن مغلقة أو مدمرة بالكامل، وبتنا نستورد لنأكل فقط، ولن نتحدث عن الأمن المفقود فمعلوم من الجميع كيف كنا وأين صرنا”، خاتماً بالقول: “إنها ذكرى مؤلمة على صدور الجميع”.وتقول منظمة “عهد الرافدين” العراقية، المعنية بملفات حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية، إن “الدولة العراقية تدخل عامها الثالث عشر بتفاؤل كبير من انتهاء مرحلة التدمير الكلي للبلاد، حيث من المؤمل أن تكون نهاية هذه المرحلة بداية مرحلة ثانية أقل وطأة على الشعب”.ويوضح مدير المنظمة، عبد السلام المفتي: أن “ذكرى سقوط بغداد التي تمر هذه الأيام على العراقيين، تجعلهم يحنّون إلى وقت كانوا ينامون فيه ليلاً وأبوابهم مفتوحة وأرواحهم مأمونة، لا موت ولا دمار، ولا لغة إلا لغة الدولة والنظام والقانون”.ويضيف المفتي أن “العراق كدولة من ناحية عملية انتهى الآن، فالتجربة الأميركية فشلت، هذا إذا أردنا أن ننصفها ونتبنى مقولتها أنها غزت العراق لنشر الديمقراطية، فبات العراق الآن ممزقاً إلى ثلاث دويلات صغيرة، واحدة كردية، وأخرى شيعية تابعة لإيران، وثالثة سنّية تحكمها جماعة إرهابية تُسمى داعش”.ويلفت إلى أن “مئات الآلاف قُتلوا ومثلهم أصيبوا وملايين شُردوا في كل دول العالم، إضافة إلى انتشار مراكز التعذيب ومليشيات الخطف والسلب، وغياب التجارة والصناعة والزراعة، وفوق كل هذا انحطاط بالبنية الأخلاقية في المجتمع وانتشار السرقة والمخدرات والرشوة والفساد بكل أشكاله”.من جهته، يعتبر القيادي في اتحاد القوى العراقية محمد المحمدي :”أن ما تشهده المنطقة حالياً من مآسٍ كبيرة هي ارتدادات طبيعية لسقوط بغداد، إذ أدى احتلال العراق إلى بروز إيران كقوة وحيدة في المنطقة فرضت سلطتها على دول أخرى لم تكن قادرة على ذلك قبل احتلال الأميركيين للبلاد”، مشيراً إلى أن “العراق احتُل من الجنود والدبابات الأميركية لكنه في الحقيقة احتُل بالخفاء من إيران التي تسلمت البلاد على طبق من ذهب”.الشارع العراقي بدا أكثر توحداً هذا العام في الذكرى السنوية لاحتلال بغداد، ولعل تداعيات المشهد الأمني والسياسي والاقتصادي جعلت حتى المؤيدين للاحتلال، يرفضونه اليوم.ويقول المواطن سعيد أحمد : إنه في تلك اللحظة، أدرك كما أدرك الملايين، سواء من داخل العراق أو خارجه “أن الدولة العراقية أسقطت وأن بلاد الرافدين وقعت بين أيدي الأميركيين، مما خلّف الكثير من الويلات والدمار والقتل والفوضى والفساد”.أما المواطن حسين ماجد ظافر، من سكان منطقة اليرموك، غربي العاصمة بغداد، فيشير في حديث : إلى أنه “كانت لدينا دولة وسيادة وعِلم، أما الآن فالبلد ممزق، وبات الجار يكره جاره والأخ أخاه، وألقى الأميركيون قذارتهم علينا، وبتنا منطقة تحكمها شلة منصّبة بتوافق أميركي إيراني”.وتقول الناشطة والحقوقية، منال عباس: إن “بغداد كانت وما زالت تعاني، من قتل ودمار واعتقالات واغتصاب وتهجير وحرق للمساجد والمنازل، كما تشهد مناطق بأكملها داخل بغداد تغييراً ديموغرافياً على مرأى ومسمع العالم أجمع”، لافتة إلى أنه “حين سقطت بغداد بيد القوات المحتلة، فرح البعض واعتبروه انتصاراً على حقبة دامت نحو ثلاثة عقود، في حين لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للغالبية العظمى من الشعب العراقي، الذي اعتبر يوم تدنيس أرض بغداد وصمة عار في تاريخ الأمة أجمع، كيف لا وكل من يقرأ التاريخ ويعرفه، لا يخفى عليه ما يخلّفه الاحتلال الذي لم يرحل عن العراق وعاصمته، إلا وقد دسَّ من هم أسوأ منه داخل البلاد، والذي يعاني اليوم بكل مفاصله وعلى مختلف المستويات، فالجماعات المسلحة وقياداتها، المسنودة من قبل الحكومة العراقية وإيران، تتخذ من بغداد مقار لها والتي اعتبرها مستشار الرئيس الإيراني، علي يونسي، عاصمة للامبراطورية الفارسية”.من جهته، يقول المواطن أبو فهد الرصافي: إن “الحياة في بغداد تغيرت بنسبة 85 في المائة، من تدهور أمني، وغياب القانون، وانتشار الفوضى وذلك بسبب أننا أصبحنا تحت رحمة المليشيات التي خرّبت بغداد، وعلى الرغم من كل شيء، إلا أننا لم نفقد الأمل في عودة بغداد أفضل مما كانت عليه، بعد أن تتخلص من الدخلاء، الذين ما جلبوا لها ولسكانها غير الدمار، لأن بغداد في كل مرة تُثبت أنها قادرة على النهوض مهما اشتد بها الألم، فالتاريخ يعيد نفسه”.ما يراه الرصافي هو ما غرّد به الصحافي العراقي، إياد الدليمي، عبر صفحته على “تويتر”، قائلاً إن “التاريخ لا يعيد نفسه إلا في بغداد، فهي مدينة عرفت الاحتلال مرات ومرات، وعرفت في كل مرة كيف تتحرر، وهي اليوم بدأت التململ ولن تطول كبوتها”.وقد بلغت مدينة بغداد ذروتها في عصر الخليفة العباسي الثالث، هارون الرشيد، لكنها فقدت هذه المكانة عندما غزاها المغول والتتار ثم الفرس.أهالي بغداد الأصليون الذين يعانون بدورهم من غزاة بشكل آخر، وهم الذين سكنوا العاصمة بعد الاحتلال قادمين من مدن الجنوب البعيدة، وسيطروا على مفاصلها الحيوية، اكتفى أحدهم، وهو الحاج عمر عبد الغني، بالقول: “لا أتمنى شيئاً سوى أن أرى بغداد قد عادت كما كانت قبل دخول الديمقراطية الأميركية إلينا”، فيما انتشرت على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي عبارة “بغداد لم تسقط ولكن دخلها الساقطون”، في حين انتشرت كتابات على الجدران، ليلة أمس، حملت عبارات تؤكد هوية بغداد العربية وتلعن الاحتلال وعرابيه.
الذكرة 12 لاحتلال العراق.. ..زمن السقوط والهرج والمرج!
آخر تحديث: