من دواعي سرورنا أن السيد رئيس الجمهورية يضع الدستور تحت وسادته ، قبل أن ينام ، وهو عندما يصحو من نومه يعيد قراءة مواده، حتى يحفظها عن ظهر قلب!!
طوال فترة رئاسته يسهر الليالي ، ويراقب النجوم ، ويتابع حركة الكواكب ، ثم يقضي الرجل معظم وقته في تقليب صفحات الدستور ، ليرى أي المواد التي تحظى بالأولوية من الشعب ، لكي يطبقها على من يحاول من بعض الساسة خرقها، أو يحاول ” البعض” بيع الدستور في سوق الخردة بثمن بخس!!
وبقي الرجل حريصا على أداء تلك المهمة الموكلة اليه ، بإعتباره حامي الدستور، وهو يخشى أن ياتي أحد السراق أو الفاسدين ويسرقه من تحت رأسه، ويضيع مصير البلد في خبر كان!!
وكلما تعرض الرئيس لـ ” فزة ” من نومه ليلا ، طمأنته السيدة الأولى أن الدستور مايزال يرقد تحت وسادة رأسه، وهي وطاقم الحماية يراقبان الوضع بدقة متناهية، فهي تخشى مثل سيادته أن يسرقه ” حرامية البلد” ويبيعونه في المزاد العلني!!
في كل يوم يحاول الرئيس قراءة عدد من نصوص الدستور، وكأنه طالب مدرسة ، لكي يتأكد من أنه حفظ مواد الدستور ، للإستفادة منها عندما يكتب عن مناسبة أو يحضر مؤتمرا أو لقاء مع أفراد الشعب!!
كل رئيس يقول أن الشعب هو مصدر السلطات ، ولا نجد شعبا في العالم ربما يكون له الحق بأن يكون مصدرا لأي سلطة، لأن الاخيرة تمنح بفرمان من جماعته الذين إختاروره، أما الشعب فهو بريء في أغلب الأحيان من أن يكون له حق الإختيار!!
الرئيس يدرك أزمات الشعب ، وهو على علم بأنه متعب وشقي، ولا يجد الشعب لقمة عيشه إلا بشق الأنفس ، وانه وصل الى مرحلة الإنفجار، لكنه يدرك أن الشعب ” مدجن” وليس بمقدوره أن يحرك ساكنا لتغيير أحواله!!
والرجل بحاجة الى مخصصات ” حراسة” ، فهو الوحيد المكلف يحماية الدستور، لكن عمله اليومي المرهق في الحفاظ على مواد الدستور تتطلب ” مخصصات آضافية” تتناسب وحجم المهمة الثقيلة التي حمله إياها الشعب!!
وبالرغم من أن حجم الدستور هو من الحجم النصفي الصغير ، فهو لايعادل صفحات دفتر مدرسي أبو العشرين صفحة، لكن مضامين مواده هي من تضع على الرئيس تحمل أوزار ثقيلة الوطأة ، ليس بمقدوره أن يتحملها !!
وكلما وضع الرئيس نسخة من الدستور تحت وسادته تعرضت للتمزق والتلف أو ربما إنسكب عليه شراب ما، فيضطر الرجل كل يومين أو ثلاثة لطلب نسخة إضافية ، لكي يبقى الدستور مهابا ، وهو يحاول في كل مرة تقليب أوراقه برفق حتى لايحاسبه الشعب إن وجد دستوره وهو ممزق أو ” معقوج” !!
وكلما إتصل به أحد من الرئاسات الأخرى ليطمئن على أحوال الشعب، أشار اليه بأنه ينبغي تطبيق مواد الدستور ، قبل أن يأتي ويقدم مطالبه في أن يتجاوز بعض مواد الدستور، لأن الأخير يقف حجر عثرة دون تحقيق زعامات البلد الأساسية لما يسهل عليهم تحقيق ما يطمحون الى تحقيقه من أمنيات تخصهم، وهو يطمئنهم أنه سيغفو بعض الوقت ، وعندما يتأكدوا أنه قد نام، بإمكانهم عندها أن يخرقوا الدستور كل على طريقته الخاصة، لكن الرجل يحملهم مسؤولية ما يحل بهم من عواقب!!
إطمئنوا ايها الشعب ، فالرئيس يسهر على حماية الدستور ، وهو كلما شعر أنه راح يشخر ، فــزّ الرجل من نومه، ليطمئن أن الدستور مايزال تحت وسادته!!
والرجل يؤكد على الدوام وفي كل مناسبة إنه لن يسمح لأحد بسرقة نسخة الدستور ، وكيف لا وهو الحارس الأمين وحامي الدستور، وهو يدرك أن “الحرامية ” , و”اللصوص ” حوله كثيرون، وهو ليس بمقدوره وحده أن يحافظ عليه، كما أن الرجل يدرك في قرارة نفسه أن منصبه هو الآخر “مهدد” في أية لحظة ، وإن “شخصيات متنفذة” تراقب وترصد تحركاته، للانقضاض على الدستور، ليكون بمقدورها توجيه ” الإتهام” له بأن الدستور قد سرقته جهة مجهولة، بينما كان الرئيس يغط في نوم عميق!!