السمات الشخصية للقيادات الفاشلة ومخاطر إستمرارها على مستقبل العراق

السمات الشخصية للقيادات الفاشلة ومخاطر إستمرارها على مستقبل العراق
آخر تحديث:

بقلم:حامد شهاب

يؤكد علماء النفس والاجتماع والإعلام أن هناك جملة سمات تتسم بها القيادات الفاشلة ، التي تؤدي قراراتها الى إشاعة الفوضى والفلتان والسير بالبلد الى مرحلة الإنهيار ..ومن هذه السمات:

  1. هناك سمات شخصيات كامنة موروثة في أصل الشخصية، هي من تحدد تلك المعالم ، بإتجاه النجاح أو الفشل ، وسمات القيادة هي موهبة ربانية ، تتمثل في (السمات الكارزمية) للشخصية الإنسانية الفردية ، قد تصعد بها الى الأعالي ، في حين أنها إن لم يكن بمقدورها إمتلاك مثل تلك السمات، فقد تعود بها قهقريا الى الوراء ، لكونها لاتمتلك في داخلها مقومات القيادة ، حيث تشعر الشخصية الفاشلة في داخل نفسها ، أنها ليست مؤهلة للقيادة، وهي إن تم اختيارها إضطرارا فستؤدي الى كوارث وتتسبب بخسارات باهضة للبلد ، أهمها ضياع مستقبل البلد ، وفقدان سمعته الشعبية داخليا وخارجيا.

  2. إن أخطر ما تواجهه الدول والمجتمعات أن تتقلد قيادات فاشلة مقاليد السلطة والقرار ، وهي التي لم تؤهلها مكانتها للصعود الى المواقع العليا، أو أن يكون لها في يوم ما (شأن) في القيادة العليا، بل أن من عاش مرحلة نكوص وشعور بالحرمان وماض سحيق ، قد عاشه في داخله ، منذ أيام الطفولة ومراحل الشباب الاولى ، فإنه ليس بمقدوره أن يمتلك سمات القيادة أو يتورط في دخول عالمها، لأن شخصيات من هذا النوع ، تؤدي الى حالات فشل واخفاق وربما كوارث إجتماعية ، قد تعرض مصير الدول والحكومات الى الإنهيار والتلاشي ، وهو ما نشهد معالمه اليوم فيمن تقلدوا مقاليد السلطة والقرار في العراق ، منذ عام 2003 وحتى الآن ، حيث ليس لدى أغلب إن لم نقل جميع من تولوا السلطة ، مؤهلات للقيادة داخل شخصياتهم، وهم قد عانوا من (مركب التقص) داخل أنفسهم لسنوات طوال، وليس بمقدورهم أن ينهضوا من كبوتهم والانحدار النفسي الذي عاشوه أيام الحرمان، ولهذا فهم يتخبطون في قراراتهم ولا يمتلكون شجاعة إتخاذ القرار ، لأنهم يدركون أنهم مهزومون داخل أنفسهم، وليس بمقدورهم تحقيق إنجاز كبير يخدم مجتمعاتهم ، وإن تحقق شيئ صغير منه ربما ، فهو بمساعدة أطراف خارجية وقوى أخرى داخل السلطة ، حاولت إنقاذهم من مهاوي السقوط، لكي لاتنحدر مكانتها هي كليا أمام الآخرين، وبالتالي ينهار المجتمع وبناء الدولة ، ويصبح مصيرها في خبر كان.

  1. إن الفشل يكمن داخل الشخصية منذ أيام وسني طفولتها الأولى ، وفي بعضها جوانبها وراثية وأخرى مكتسبة، وليس بمقدور أي شخص أن يمتلك معالم القيادة ، وبخاصة السلطات العليا للبلد أو في إداراته العليا دون وجود إرث عريق يشفع له، ، وهو إن تم اختياره لاغراض مصلحية او لسد فراغ في السلطة، فلن يكون بمقدوره تحقيق أي من الأهداف المناطة به ، أو تلك التي تم الاعلان عنها قبل توليه المهمة.

  1. هناك جوانب مكتسبة تتبلور في الشخصية في سنوات الشباب الأولى من عمر الشخصية ، وتعتمد على نوع العائلة أو المجتمع أو البيئة التي تربى فيها، فإذا تربى أو عاش ضمن بيئة يمتلك بعض أفرادها سمات قيادية ، مثل الشجاعة وجرأة طرح الآراء والمبادأة، فمثل تلك السمات تنمو في تلك الشخصية وتعد سمات مكتسبة، لكن الشرط هذه المرة أن توجد بوادر نمو نفسي واجتماعي داخلي ، تتوافق مع تلك السمات، وتتقبل وجود سمات يتفاخر بها الفرد بين أبناء عشيرته او مدرسته او النادي او الكلية او المنظمة او المحيط العام الذي يندمج مع عناصره وتؤثر فيه إيجابا، لتنمي روح الصمود والتحدي والقدرة على الظهور القوي ، على خلاف من يعيش وسط مجتمع خامل، تنعدم فيه المبادرة وسمات البطولة والتحدي والقدرة على إثبات الذات.

  1. ان الشعور بالدونية داخل النفس البشرية منذ سنيها الأولى ، تولد جملة تراكمات من حالات الإخفاق والشلل ، تحول دون قدرة الشخص على أن يكون لديه قدرة على التميز والظهور، فتاريخ عائلته او طبيعة بيئته أو مكانته المتدنية إجتماعيا او وظيفيا، ترافقه داخل تفكيره لسنوات، وتلعب دورا كبيرا في حالة الإنكسار النفسي للشخصية ، وتبقى تشعر في داخلها أنها محبطة ، حتى وإن أظهرت بعض سمات القوة والنشاط ، إلا انها سرعان مايعود اليها الإحباط، كونها تشعر أن مرحلة (الدونية) لم تغادرها في داخلها، وهي تشعر دوما بأنها أقل بكثير مما تم تكليفه بها أو إضطر لخوض غمار تسلق الصعود الى الاعالي ، واذا بها تهبط بأقدارها في فترات لاحقة، لتعود الى نفس المرحلة التي كانت تعيش حالة صراعها وإضطرابها الداخلي، وليس بمقدورها الصمود امام تحديات الزمن.

  1. إن الفكر الذي تعنتقه أو نوع الثقافة التي إمتلكها الفرد ، هي من تحدد أحيانا قدرة الشخص على إمتلاك سمات قيادة ناجحة او فاشلة، فالمجتمع أو البيئة المحبطة ، تكرس عوامل النكوص داخل الشخصية ، وهي ان إستمرت بشعورها بمرحلة دونية مرت بها في سنواتها الأولى ، فسوف ترافقها تلك الحالة الى مدى العمر أحيانا، فهي لاتمتلك فكرا لديه مقومات القوة والانتشار وفرض الرأي ، ولهذا يبقى مركونا في زاوية الانحدار الانعكاسي ، ويحول شعوره بتدني مرتبته الى نكوص مستمر، ليس بمقدوره أن يرفع رأسه ، أو يتخذ دور المبادر القادر على فرض وجهة نظره، أو جعل الاخرين يتعاطفون معها او يتقبلون مايطرحه ، كونهم هم يشعرون إن تلك الشخصية قد مرت بمراحل نكوص متدنية ، وحالات إحباط مجتمعي ، يصعب عندها تصحيح مساراتها، ولهذا فهي تبقى محاصرة تحت هذا الاطار الذي وضعته الأقدار ربما فيه، ولم يعد بمقدورها أن تخرج من محيطه.

  2. بل أحيانا لاتلعب حتى المستويات الدراسية المتقدمة والنجاحات والنتاجات الثقافية والإبداعية ، دورا مهما في أن تكون لدى الشخصية المعينة القدرة على إمتلاك مقومات القيادة، فهي تتأثر على الدوام بجملة تراكمات الشعور بالنقص والنكوص في داخلها، ولهذا فهي حتى وإن امتلكت شهادات عليا، ومهارات ثقافة عليا في جوانب معينة، وبخاصة نجاحاتها الادبية والثقافية ، فهي سرعان ما تتخلى عنها، وتعود بممارساتها الى ماكانت عليه قبل سنوات، ولم تشعر بأن الشهادة أو القيمة الأدبية ، ربما قد منحتها فرصة أن تعتلي بشخصيتها لترتفع بها الى الأعالي ، أو تشعر بقيمة المكانة، بل ربما تنسى حتى أنها وصلت مراحل متقدمة علميا في الحياة ، لكن طبيعة تربيتها وتنشئتها هي من تصقل تفكيرها وتحرك أنماط سلوكها، وهي تبقى أسيرة للماضي الذي عاشته ، وأثرت في تحديد معالم تلك الشخصية، التي تشعر بداخلها أنها محبطة طوال سنوات، وإن الشهادة والابداع المعرفي ، لم تضف اليها شيئا ، إن لم يكون وجودها عامل ضعف وليس قوة ، وهي تشعر أنها ربما لاتستحق تلك المكانة، بل أن الأقدار ربما هي من أوصلتها الى أنها حصلت على شهادة عليا، وتريد أن تؤكد لمحيطها أنها ما تزال ملتزمة بنفس التقاليد التي عاشتها ، أيام مراحل شبابها الأولى ، وليس بمقدورها الإستفادة من الشهادة لأغراض إثبات الذات.

هذه سمات أساسية ، تتسم بها الشخصيات الفاشلة في الحياة ، وتلك التي تتقلد مهاما وظيفية عليا في الدولة وصنع القرار ، فهي تشعر داخل نفسها ، أنها غير مؤهلة أصلا للقيادة، وهي تدرك مقدما أنها ستعاني من إحباطات، وقد تتخذ قرارات كارثية ، ومع هذا فهي تستمر في السلطة، ولا تتوقف عن ممارسة الدور ، مهما أوصلت البلد الى حالات فوضى وإرتباك، وهو ماينبغي ان تحذر منه الدول والحكومات والمجتمعات، من أن حكاما ومسؤولين على تلك الشاكلة، سيعرضون مستقبل البلد لمخاطر جملة، وقد يخوضون حروبا تفتك بالشعب وتؤدي به الى المهالك، كون شخصيات من هذا النوع، ليست مؤهلة للقيادة العليا، وعلى العقلاء والشخصيات ذات الأرث التاريخي ، أن تنصحهم بالتخلي عن الإستمرار في مهمتهم، قبل أن يحصل مالايحمد عقباه، وقد تقع الفأس في الرأس كما يقال، حين تتدهور أحوال البلد، وتصل الى مرحلة إنهيار شامل وفوضى رهيبة ، وهو ما يشهده العراق الان، ولا يعلم العراقيون ما ستؤدي اليه سياسات هابطة من هذا النوع الى محن وكوارث ونكبات لها أول وليس لها آخر ، وكان الله في عون العراقيين ، على أحوالهم التي لاتسر ..حيث مستقبل البلد في كف عفريت .. ولله في خلقه شؤون ، على كل حال.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *