شاءت صدفة اللقاء بإمرأة تجاوزت العقد الخامس جلست بجانبي في طائرة قادمة من اسطنبول الى عمان كانت قادمة من جنيف لحضور مؤتمر عن حقوق الانسان هناك , وبعد التعارف وتجاذب اطراف الحديث معها عن الاوضاع التي تمر الامة العربية بها والمنطقة بصورة عامة وحقوق الانسان بصورة خاصه . تحدثت الامرأة بكل صراحة عن واقع الامة والحقوق المغيبه فيها وزعمت انها كاتبة وناشطة حقوقية وداعية سلام ولخصت رأيها وطروحاتها بالامة العربية والعرب , ولا اريد ان اطيل وكما يأتي :
1. الامة العربية امة جاهلة متخلفة لا تمتلك ثقافة تأريخية تؤهلها للتمدن والتحضر والتقدم , ودليلها على ذلك انها امة معركة داحس والغبراء التي استمرت الحرب فيها عدة سنوات بين القبائل العربية قبل الاسلام .
2. تاريخ الامة مزيف اغلبة احاديث وروايات اقرب ما تكون للخرافه والخيال وفرضيتها ان الاماميين (الحسن والحسين ) ابناء الامام علي عليهم السلام هما شخصيتين وهميتين ابتدعها التاريخ العربي الاسلامي , ولا توجد لهاتين الشخصيتين حقيقة والتي ادت الى اختلاف العرب والمسلمين بين مؤيد ومعارض لهما .
3. ان الامة لا تستحق العيش كبقية الامم لانها لم تعرف ثقافة الحوار او تتعلم من ثقافة الامم الاخرى.
4. على الامة ترك القديم العربي بما تحملة من تاريخ وثقافة وتقاليد وعادات , والنظر لصناعة تاريخ جديد لتكون بمصاف الامم الحديثة .
5. ترك ما تؤمن به وتحملة من مباديء ( كالقومية , والوحدة , والتاريخ ) التي جلبت وكما ادعت الدمار والويلات والحروب وارجعتنا عشرات السنين او اكثر للوراء …… واشارت بشكل خفي وسريع الى ترك استحقاقاتنا وحقوقنا المشروعة كقضية فلسطين , وانتقدت الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وصدام حسين اللذين جلبا المأسي على الامة بسبب افكارهم القومية كالوحدة وتحرير فلسطين ومحاربة الاستعمار .
هذا الحديث استمر لأكثر من ساعتين والغريب في الموضوع ان هذه الامرأه لم تعترف بما تحقق من انجازات في ميادين متعددة في عهدهما خدمت الامة ,خاصة في العراق قبل الاحتلال من احداث طفره نوعية كبيرة في نواحي الحياة كالثقافة والتعليم والصحه والعلوم والخدمات الانسانية وغيرها وان ما جرى في العراق من قبل اعدائة غايته احباط وانهاء المشروع النهضوي العربي الذي كان يمثل القاعدة الاساسية للامة في تحررها وعزها وان اجهاضة تمثل في الثالوث الشيطاني اسرائيل , وامريكا , وملالي طهران بأحتلال العراق , والاغرب من ذلك قناعتها بأن العراق هو من بدأ الحرب العسكرية ضد امريكا وكأن العراق يشترك بحدود برية او بحرية معها او اطلق صواريخ على ارضها وانتهك سيادتها .
والحديث يطول في هذه المواضيع بالرغم من تفنيد ما قالته بالشرح والتوضيح والتفصيل لحقائق ما جرى من استهداف معادي للامة العربية الا انها مصره على ان العرب لا يستحقون العيش في الحياة للاسباب التي ذكرتها الامرأه .
والسؤال الذي وجه اليها وهي ناشطة حقوقية وعربية كما ادعت هل من الحقوق الانسانية منع شعب او امة للعيش في الحياة بحرية ؟؟ وهي حقوق منصوص عليها واكدتها تشريعات قانونية انسانية عالمية .
وهل من الحقوق انكار ثقافة امة هي مهبط الرسالات السماوية ومهد الحضارات واول من شرعت قوانين وانظمة للانسان و الحياة .
وهل من الانصاف انكار وجود امة لها تاريخ وحضارة وثقافة تطمح العيش بسلام وامان واستقرار ؟!!
وان تستمر في مشاريعها القومية المستقبليه وهي امة رسالتها انسانية كما شهد لها التاريخ والمنصفين . والاسئله كثيره ومتعدده والمناقشات الموضوعية مستمرة معها لطروحاتها العجيبه و الغريبة .
ولكن الحق لابد ان ينتصر ويبين عندما قالت (( انها امرأة شعوبية تضمر كرهاُ للعرب ) ولربما كما يقول المثل الشعبي انها فلتة لسان .
فالشعوبية حركة تهدف تدمير الثقافة العربية وحقوق الانسان العربي وتشويه رسالة الاسلام , وانها حركة باطنية تظهر بمظاهر متعددة لها مشروع ثقافي سياسي تخريبي في جسم الامة العربية تختفي تارة وتظهر تارة اخرى بأدعاء حرصها على الامة ثقافتها ومستقبلها زوراً .
وفي ضوء ذلك ولربما يقع القاريء او المستمع في حيرة ودوامة التساؤلات امام ظاهرة الزيف والتحريف لوقائع التاريخ العربي بهذا الشكل . فالبحث عن الحقيقة في معالجة أي ظاهرة اجتماعية ينطلق اساساً من معطيات صادقة و واقعية كموضوع بهذه الاهمية و الخطورة ويتطلب مناقشه موضوعية جادة ومنهج علمي واقعي موثق وليس بهذا النزوع السطحي لتفكيك الحقائق وتزيفها لهذا الحد المشحون بالتناقض والتنافر وبكل اساليب التزوير لمواضيع بهذه الاهمية والتي تعطي فهماً اعمق لهذه الشخصية في طروحاتها وارائها لنموذج السلوك المعادي للأمه المحكوم بحزمة من العقد الظاهرة بشكل واضح ضمن اطار هذه السلوكيات والطروحات للتنفيس عن المكبوت في الذات البشرية .
اذاً انها نموذج للشعوبية القديمة الجديده بثوب حقوق الانسان كمشروع تسللي لجسم الامة لنخرة و تزيف تاريخه وهدم حاضره وانهاء مستقبله . انها الشعوبية بثوب جديد لحقوق الانسان .
الشعوبية الجديدة … وحقوق الانسان … بقلم د.عامر الدليمي
آخر تحديث: