الصراع بين تحالفي الإصلاح والبناء على مناصب المحافظات ليس من أجل المواطن
آخر تحديث:
بغداد/شبكة أخبار العراق- لم تعد محنة السياسة العراقية مقتصرة على استكمال التشكيلة الحكومية لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وبقاء خمس وزارات فيها شاغرة بسبب عدم الاتفاق على توزيعها بين الأحزاب الماضية إلى سلسلة من المشاحنات والمناكفات والحملات الإعلامية، إذ تدور معركة أخرى حول مناصب ومراكز أكثر ارتباطاً بالحياة اليومية للعراقيين. وتشهد محافظة البصرة، صراعاً سياسياً على منصب المحافظ، بين المحافظ الحالي أسعد العيداني، وتيار “الحكمة” الذي يقوده عمار الحكيم. وقبل البصرة، دخلت محافظات النجف وبغداد وبابل في الدوامة نفسها، وانتهت بصفقات بين الكتل السياسية واستجوابات بقضايا فساد هدفها الابتزاز والتخويف، لينتهي الأمر بتغيير المحافظين.
وتمّ، الأسبوع الماضي، في النجف، استجواب المجلس المحلي للمحافظ لؤي الياسري، بقضايا فساد وبيع قطعة أرض في مقبرة “وادي السلام” وتجارة المخدرات في المحافظة، ثم أقيل الياسري بعد التصويت بعدم القناعة بأجوبته التي قدمها. وسُرّبت معلومات عن أنّ أعضاء مجلس المحافظة كانت لديهم نيّة مبيتة لإقالة الياسري، رغم إجابته على جميع أسئلة جلسة استجوابه. وقال مصدر من النجف، إنّ “مجلس المحافظة كان موجهاً من قبل جهات سياسية، أبرزها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وعمار الحكيم”، مضيفاً أنّ “الصدر يسعى إلى الاستحواذ على مناصب المحافظين في أكثر من محافظة. ورغم أن محافظ النجف أجاب على الأسئلة كافة بالأدلة والوثائق، إلا أنّ إرادة أعضاء المجلس كانت أقوى”. ولفت المصدر إلى أنّ “كتلتي الصدر والحكيم اتفقتا على إقالة الياسري، للاستيلاء على السلطة في النجف وتقاسمها”.وفي البصرة، أسفر صراع المحافظ أسعد العيداني وعمار الحكيم على منصب المحافظ، عن دخول المتظاهرين هناك على خطّ الأزمة، وتضمين مطلب جديد ضمن مطالبهم هو إقالة العيداني، وهو ما وصفه الأخير بأنه “تسقيط سياسي”، متهماً تيار الحكمة بدفع مجموعات من المتظاهرين ضده. وما تزال التظاهرات في البصرة مستمرة منذ شهر يوليو/تموز الماضي، حيث يندد المحتجون بالفساد المستشري وانعدام الخدمات في المحافظة وانتشار البطالة، ويطالبون بتوفير فرص عمل للشباب.
وفي السياق، علق مسؤول محلي في مجلس محافظة البصرة على الأزمة المتعلقة بمنصب المحافظة بالقول إنّ “الصراع على المنصب لا علاقة له بتحسين الواقع الخدمي أو الاقتصادي لأبناء المحافظة، وإنّما للاستيلاء على أكثر من 500 مليار دينار عراقي (420 مليون دولار أميركي)، هي موازنة المحافظة من الحكومة المركزية”، مشيراً، في حديثٍ صحفي، إلى أنّ “الحكومة المحلية لا تهتم لمشاعر الناس والجوع والعطش الذي أنهك السكان، وإنّما تسعى الأحزاب كافة إلى نيل ما تستطيع من مقدّرات المدينة وثرواتها، فضلاً عن سرقة ما تخصصه الحكومة المركزية للبصرة، وهو الأمر الذي حصل في الدورات السابقة وفي عهد الحكومات المتعاقبة، التي سرقت موازنات المحافظة”.وأوضح المسؤول أنّ “ائتلاف دولة القانون (الذي يتزعمه نوري المالكي)، وتحالف سائرون وتيار الحكمة، بالإضافة إلى حزب الفضيلة الإسلامي، أبرز المتصارعين على مناصب المحافظين، وتحديداً في البصرة، التي تمثّل العاصمة الاقتصادية للعراق”، مضيفاً أنّ “هذه الأحزاب تريد السيطرة على مجالس المحافظات تمهيداً لإلغائها والسيطرة على مقدرات المحافظات المادية. فالأحزاب تبحث عن مكاسبها الشخصية، وسباقها ليس من أجل النهوض بواقع أبناء هذه المحافظات”. ورأى المسؤول أنّ “الحكيم والصدر يقفزان على القانون، فهما يحاولان تحقيق العودة إلى نظام الحكم المركزي، مع العلم أنّ القانون في البلاد فيدرالي، ومعناه الحكم عبر اللامركزية”.
وفي ظلّ ما يحدث، اكتفى رئيس الحكومة عادل عبد المهدي بدعوة الأحزاب، في بيان، إلى الابتعاد عن الصراع، وهو ما أثار سلسلة من التعليقات الساخرة ضده، إذ أن ما يحدث أكبر من بيان صحافي، وفق ما علّق صحافيون على ما صدر عن عبد المهدي. وقال رئيس الوزراء إنّ “محافظة البصرة تعاني من الحروب ونقص الخدمات وتلوث المياه وغيرها من المشاكل المتراكمة، مع أنها الأولى بإنتاج النفط”، مشيراً إلى “أهمية تكاتف الجهود وأخذ معاناة البصريين بعين الاعتبار، من أجل تحسين واقع المحافظة الاقتصادي، والعمل على أن تتركّز المنافسة السياسية على حفظ أمن واستقرار المحافظة ومصالح المواطنين، والاستجابة للمطالب المشروعة”.إلى ذلك، أكد النائب عن البصرة، عامر الفايز، حقيقة أنّ “الخلاف السياسي تحوّل من الوزارات إلى مجالس المحافظات”، موضحاً، في حديث صحفي، أنّ “المحافظين يتمتعون بامتيازات ومخصصات كثيرة، فحتى المقعد النيابي قد لا يوفر لصاحبه ما يوفره كرسي المحافظ، وهو الأمر الذي جعل بعض المحافظين الفائزين بمقعد في البرلمان لا يتركون كرسي المحافظة”. ولفت الفايز إلى أنه “قد تزداد المشاكل في المحافظات مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية”.من جهته، قال مصدر سياسي من تحالف البناء إنّ “ما يجري في أغلب المحافظات العربية الشيعية خصوصاً، هو حراك من قبل كتلة الإصلاح والإعمار (الصدر والحكيم) للاستحواذ على مناصب المحافظين من القوى السياسية الأخرى، خصوصاً التي هي بيد دولة القانون”، موضحاً، أنّ “قادة الكتل والأحزاب في بغداد من الخط الأول، هم من يقود أعضاء مجالس المحافظات، فيما الأخيرون لا يقومون بأي عمل سياسي إلا بعد موافقة هؤلاء القادة”، وأشار عماد إلى أنّ “أغلب المحافظين الذين هم خارج قوى الإصلاح والإعمار، مهددون بالإقالة واستبدالهم بمحافظين جدد من الشخصيات التابعة لهذه الكتلة حصراً”.