العراقي أنواع مثل بقية الخضار والمأكولات والأجناس الحيوانية والنباتية المختلفة ,يمكن للعراقي أن يكون غنيا مكتنزا للمال والجاه والسلطة في بيته وفي البنك وفي المؤسسة التي يعمل فيها ،ويمكن للعراقي أن يكون مسكينا ضعيفا مغلوبا على أمره فكأنه جدة المتنبي في مرضها حيث يصفها بقوله .
لاتلمني ولم الليالي التي
أخنت على جدتي برقة الحال
العراقي المسكين المختلف عن غيره من ذوي الحظوظ العالية يعيش منسيا ولايهتم له الآخرون ويعتمدون معه سياسة التغييب والإهمال عمدا،فهم منشغلون بمكاسب جمة تتيحها لهم الحظوظ تلك الموصوفة بالعالية وهو لايعرف منها شيئا ،لإنه إما موظف بسيط يذهب الى عمله في الصباح ويعود في المساء ،أو يعمل بأشغال يدوية لاقيمة لها،أو سائقا لسيارة أجرة،أوسيارة لنقل البضائع ،أو فلاح لايملك غير أن ينظر الى أرض لاتنتج ،وهذه التوصيفات لعراقي يعيش ،يأكل ويشرب ويمارس حياته لكنه عاجز عن التأثير الذي يملكه الكبار في التجارة والمناصب , هو مسكين لأنه يناقش قضايا تافهة ،في سيارة الأجرة، أو في المقهى ،أو في المنزل ،فيقول الرجل الجالس في مؤخرة السيارة،(والله السياسيين مو خوش اوادم هم ياخذون كل شي وماينطونه شي وإحنا عايشين عليك ياالله) فيرد الآخر،( صوجنا إحنا ناس مو اوادم لو بينا خير ماإنتخبنا ذوله الي ماأدري منين الله جابهم طيحوا حظ الشعب ويريدونه ينتخبهم ،عمي إحنا مو خوش شعب ترضون مترضون).
واحدة من النساء ترد بلهجة واثقة، (إحنا اهل الحضارة والكرم والجود ليش هو أكو شعب مثل شعبنا وطيبة مثل طيبتنا ) واحد آخر يصيح ( والله خبصتونا متكلولي إشبيكم إشمتريكين اليوم باجة ،إشكد تحجون عفية شعب بس السوالف الماصخة ) يقول الرجل الجالس قرب باب النزول (إحنا احسن شعب بكل شي ماكو مثل لحم الغنم العراقي حتى الكباب ماله طعم بره مو مثل كباب العراق هاي الكاع مملوحة سبحان الله ،والناس بهذا البلد طيبين مالهم مثيل بالدنيا رحنا وشفنا ومشفنا مثل طيبة اهلنا العراقي يروح لآخر الدنيا ويحن لبغداد ) يصرخ بهم الراكب الجلس جنب السائق المبتسم وهو يركز على الصاعدين من الركاب الى سيارته ( ليش عمي إحنا احسن الدنيا اكو أهواي بشر احسن واطيب بس الظاهر إنتم مشايفين شي بالدنيا ثم ذوله الي يذبحون ويصلخون بالإرهاب من وين إجو قابل من المريخ كلهم عراقيين وربي بس إحنا تعودنا نضحك على إرواحنا ) لكن مواطنا متحضرا جدا يرد ( عمي ذوله إجو من وره الحدود واكو كم واحد تعاونوا وياهم ).
هذا هو العراقي المسكين الذي يجري الماء من تحت قدميه ومن بينهما ،ولايدري ،أو يدري لكنه يعجز عن الفعل، وينشغل بالكلام والصخب وترويج الدعايات عن الكرم والطيبة والمحبة والتسامح، وهي توصيفات صحيحة لكنها ليست ذات قيمة أمام جشع البعض وفسادهم وسطوة أحلامهم ومايفعلونه بالناس والبلاد ويسخرون كل شي لأجلهم ولأجل مقربين منهم , مسكين .