العراقُ ومشروعُ برنارد لويس الجهنّمي..!!

العراقُ ومشروعُ برنارد لويس الجهنّمي..!!
آخر تحديث:

بقلم:عبد الجبار الجبوري

 يعدُّ مشروع المفكر اليهودي برنارد لويس،التفتيتي والتفكيكي لمنطقة الشرق الاوسط، أخطر المشاريع التي تواجه المنطقة، من أكثر من قرن ،بل وحتى وأخطر من إتفاقية سايكس بيكو المشؤومة،ذلك إن إتفاقية سايكس-بيك ، قسّمت المنطقة ،بين الدول المستعمرة لها،وكلٌّ أخذ حصته من التقسيم(بريطانيا وفرنسا وإيطاليا)، وإنتهى التقسيم بطرد المستعمرين ،وتحرير الدول العربية فيما بعد،إلاّ أنّ مشروع( لويس)، أخطر وأشمل ليس على حاضر المنطقة ،واّنّما على مستقبلها،فالمشروع كما جاء به لويس ،هو تفتيت المنطقة على اسس قومية وعرقية وإثنية وطائفية،وتفكيك دولها الى دويلات طوائف،بل وأكثر من هذا، تفتيت حتى العشيرة الواحدة وصولاً الى العائلة ،وما يحدث في العراق، تنفيذ (حَرْفي) لما نقول،إذْ نجح الأمريكان منذ الإحتلال الأمريكي للعراق، والى يومنا هذا ،أن يحققوا مالم يحققه الرؤساء الأميركان منذ مئات السنين،في عموم منطقة الشرق الأوسط،فأنظروا الى مايجري في ليبيا ولبنان واليمن وسوريا وافغانستان وتونس وغيرها،أما في العراق فقصتنا قصة طويلة ،فقد أحدث الإحتلال زلزالاً في البنية الإجتماعية ،قبل أنْ يشعل صراعات سياسية ومعارك حزبية وطائفية ،شيعية – شيعية، وسنية سنية، وكردية كردية،ومعارك حتى بين عشائر عراقية(وبالهاونات)،ومانشاهده من صراعات في مايسمى بال(بيت الشيعي)، بين سيد مقتدى الصدر وتياره، وبين الإطار التنسيقي الشيعي وجماهيره، هو(حرب حقيقية)، ذهب ضحيتها الآف الشهداء والجرحى(ثورة تشرين)، وآخرها أكثر من (50) شهيد من التيار الصدري، على بوابات المنطقة الخضراء، قبل أن يُجبر الصدر على الإنسحاب من العملية السياسية ،وإستقالة نوابه ال(73) في البرلمان، بضغط وتهديد إقليمي ودولي،والصراع الآن يدور داخل الإطار التنسيقي نفسه ،حول المناصب والنفوذ،في حين يتصارع سياسيو (السّنّْة) مع بعضهم، لتسقيط السيد الحلبوسي، وإبداله بشخصية موالية للإطار، لتحقيق أهداف ومآرب سياسية ومناطقية ،كما يحصل في الأنبار،(كتلة جماعة الأنبار- جماعة سطام ابو ريشة- مشكلة ليث الدليمي والكرابلة،)، وصراع كتلة السيادة وعزم الخنجر مع الإطار التنسيقي ، بعد أن نكث الإطار بعهده معهم ،وبالشروط المتفق عليها لتشكيل حكومة السوداني،وقد يصل الى إنسحاب السيادة وعزم من حكومة السوداني ،اذا لم تتحقق بنود الإتفاق مع الإطارالتنسيقي، وهكذا الحال مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يشهد (صراعاً) محتدماً بينه، وبين حزب الاتحاد الوطني ،بزعامة بافل طالباني الموالي للإطار التنسيقي،يهدّد بإنفصال السليمانية عن الإقليم،بل الصراع حتى داخل حزب الاتحاد الوطني نفسه، بين بافل طالباني،وشيخ لاهورجنكي، الرئيس المشترك للحزب،إذن هذه الصراعات تقف خلفها جهات دولية ،تستفيد من هذا الصراع ، بل وتؤججه ، وتصب الزيت على ناره المستعرة،لتحقيق أهدافها الإستراتيجية،وفي مقدمة هذه الجهات تقف إدارة بايدن(صاحب مشروع تقسيم العراق الى ثلاث دويلات طائفية)،التي تعمل الى تنفيذ مشروع برنارد لويس بكل قوتها ونفوذها، مستغلة الصراعات السياسية والحزبية ،بين كتل وأحزاب العملية السياسية ،التي جاءت بها لهذا الهدف الجهنمي،وهو تفتيت بنية الشعب العراقي وتجزئته، الى طوائف وحارات حقيرة،فالإدارة الأمريكية ، تدعم كل جهة وحزب ورئيس كتلة ،وشيخ عشيرة وتنظيم ارهابي يحقق لها اهدافها، في تمزيق وحدة الشعب العراقي، وإشعال حرب أهلية بين قومياته وطوائفه ، تماماً كما خططّ لهذا برنارد لويس ذات يوم، والآن جاء وقت التنفيذ،فنرى إدارة بايدن تدعم تنظيمات إرهابية في سوريا، كالنصرة والقاعدة وقسد وحزب العمال الكردستاني، وتنظيم الدولة(داااعش الارهاب)، وتزودهم بالعتاد والسلاح والدعم الاعلامي والسياسي واللوجستي، وهكذا في جولات ولقاءات السفيرة الامريكية ألينا رومانوسكي في العراق ولقاءاتها مع فصائل وعشائر وزعماء كتل وأحزاب تعلن مقاومتها للاحتلال الامريكي بالسلاح ، وإستطاعت أن تروّض البعض منهم ،وتحييّده عن مقاومة أمريكا وقصف سفارتها وقواعدها في العراق،وهي في السرّ تعتبره إرهابياً وتفرض عليه عقوبات دولية ، وعلى لائحة الإرهاب الدولي، إنها إزدواجية المعايير الأمريكية، وبراغماتية أمريكية تستخدمها لتنفيذ مخططها الجهمني ،ليس في العراق (الذي تحقق منه الكثير)،وإنما في الشرق الأوسط، وبعد أن إنكشف المخطط الأمريكي لتفتيت وتفكيك المنطقة ،وإنفضحت السياسة الأمريكية الخارجية ، بادرت المملكة العربية السعودية لسحب البساط من تحت أرجل ادارة بايدن، وفتحت أبوابها الدبلوماسية، لترصين العلاقات مع الصين، العدو اللدود لأمريكا، وبادرت الى توقيع إتفاقية مع الصين ،سياسية واقتصادية ونفطية ، وتبعتها دول خليجية،ثم جاءت الإتفاقية السعودية – الإيرانية ، لتكون كالصاعقة على رأس الرئيس بايدن وحكومته ،التي تشهد إضطرابات وأزمات ،ومعارك سياسية داخلية وخارجية مع ترامب والصين وروسيا وإيران،لقد خسرت أمريكا جميع حلفائها بمن فيهم اسرائيل،لتتفرّد في القرار السياسي والعسكري الخارجي، ولم يبق لديها إلاّ إرتكاب حماقة أخرى، للخروج من أزماتها ودعمها لاوكرانيا ضد روسيا،وإشعال حروب في منطقة الشرق الأوسط، والهدف التالي بعد العراق سيكون إيران،التي فرضت عليها حصاراً تأريخياً ، تماماً كما فعلته مع العراق، إدارة بايدن تريد إحياء تحالف غزو العراق، وإعادة السيناريو نفسه، ولكن يبقى السؤال الإفتراضي ،هل تستطيع تحقيق ماتم تحقيقه في ألعراق ،لقد تغيّرت الأوضاع في العالم ،وتغيرّت التحالفات ، فلا سيناريو إيراني جديد ولاهم يحزنون، أمريكا دائما تكذب على شعوبها، وتخلق أعداء إفترضيين، لتحقيق حماقات لمصالحها الإستراتيجية في المنطقة، فأقصى ما ستقوم به إدارة بايدن بمعاونة إسرائيل، هو تنفيذ ضربة عسكرية قاصمة، لمفاعلات ومصانع صاورخية باليستية ايرانية وتدميرها ،كما دمرّت العراق،نعم مشروع برنارد لويس يتحقق في المنطقة ،ولكن ببطء شديد،ليس بقوة أمريكا ، ولكن بغباء وحماقات الأحزاب الحاكمة ،ونظرتها القاصرة لفهم أهداف أمريكا الشريرة في المنطقة ومشاريعها الاستراتيجية، ولشهوة الإنتقام من خصومها ، التي ستؤدي بهم الى مزابل التاريخ… 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *