لم يكن العراق يوما بمثل الحال الذي يعيشه حاليا فبعد ما كان حاضرة العرب وعامل قوة وتوازن في منظومة العمل العربي تراجع دوره وتاثيره في محيطه العربي بعد احتلاله وحتى الان ومايؤكد الانكفاء العراقي وضعف ارتباطه بمحيطه العربي وتفاعله مع قضاياه وتحدياته وشواغله هو الدستور العراقي الذي كتب على عجل تحت اشراف حاكم العراق السابق بول بريمر حاول مشرعوه تكريس حال العراق الجديد في محاولة لسلخه عن امته وهويته العربية بنص يقول / ان الشعب العربي في العراق هو جزء من الامة العربية / وكأن عرب العراق اقلية بالمفهوم الامريكي ورغم اعتزازنا بشركاء الوطن ومكوناته من الاكراد والتركمان والمسيحيين وباقي الاقليات فان عروبة العراق وهويته لايقبلان الشك فنسبة عرب العراق نحو 80 بالمائة من سكان العراق وهم اغلبية بكل المقاييس وان كل دساتير العراق المؤقتة منذ تاسيس الدولة العراقية عام 1921 وحتى احتلاله نصت صراحة على ان العراق جزء من امته العربية فكيف اصبح الشعب العربي في العراق وهو يمثل اغلبية السكان جزء من الامة العربية وهذا النص اريد له ان يكون مصدا مانعا بين العراق ومحيطه حتى يسهل تغييب هويته وابعاده عن دوره واخراجه من منظومة العمل العربي فالدستور العراقي كان ومازال مصدر قلق قطاعات كبيرة من العراقيين الذين رأوا فيه وصفة للتقسيم واضعاف العراق رغم محاولات تعديله الا انها فشلت امام اصرار البعض على ابقائه على حاله من دون تغيير ورغم ان اركان الحكم في العراق توافقوا على اعادة النظر بالدستور وتعديل بعض فقراته بعد مضي ستة اشهر على اقراره الا ان اللجنة التي شكلت لهذا الغرض لم تجتمع منذ تشكيلها وحتى الان ان الدستور العراقي جرى تمريره بصفقة سياسية بين اركان العملية السياسية بشرط تعديله لاحقا على الرغم من رفضه من قبل اربع محافظات عراقية ونسبة كبيرة في العاصمة بغداد وفقا للصيغة التي كتبت بها في استفتاء مشكوك بنتائجه لقد سعت سلطة الاحتلال الامريكي الى تحويل الدستور العراقي الى اداة ووسيلة لتقسيم العراق وانكار عروبته بنص غريب ومشبوه استند الى نظام المحاصصة الطائفية والعرقية ادخلت العراق في صراعات مازالت ماثلة للعيان وعندما نؤكد على عروبة العراق وهويته العربية فاننا لانصادر وننكر حق اي مكون او نلغي دوره فوحدة المصير والعيش المشترك بين العرب والاكراد والتركمان والمسيحيين والاقليات الاخرى هي حقيقة لايمكن القفز عليها او انكارها فمن دون هذه الشراكة الابدية التي تواصلت وترسخت وتعمقت خلال المراحل التي سبقت الاحتلال كانت صمام الامان لوحدة العراق ومصدر قوته وان الحديث على عروبة العراق لايلغي حق شركاء الوطن في العيش المشترك مع المكونات الاخرى بامان واستقرار فهوية العراق العربية وعمق ارتباطه بامته العربية هي مصدر قوة ومنعة لجميع مكونات المجتمع العراقي وليس مصدر قلق لهم كما يتوهم البعض فوحدة العراق ودوره المؤثر في مسيرة العمل العربي هي من تحمي السلم الاهلي والعيش المشترك بين مكونات العراق وتبعد عنه نزعات الاستئثار بالسلطة والاقصاء ومصادرة حق الاخرين كما هو الحال في ظل الدستور المختلف عليه
كاتب عراقي