لندن: شبكة اخبار العراق-اكدت منظمة العفو الدولية أن العراق لا يزال عالقاً في حلقة رهيبة من إنتهاكات حقوق الإنسان، مشددة على أن المكتسبات الأساسية لحقوق الإنسان، التي كان يجب تحقيقها فشلت في التجسد، داعية إتخاذ خطوات ملموسة لترسيخ ثقافة حماية حقوق الإنسان.وقالت المنظمة في تقرير لها حمل عنوان “عقد من الإنتهاكات”، إنه “بعد مرور عشر سنوات على حرب العراق التي قادتها الولايات المتحدة وأطاحت بالنظام السابق فإن العراق لا يزال عالقاً في حلقة رهيبة من انتهاكات حقوق الإنسان، ومنها الهجمات ضد المدنيين وتعذيب المعتقلين والمحاكمات الجائرة”.ويقدم التقرير عرضاً زمنياً لتعذيب وإساءة معاملة المعتقلين على أيدي قوات الأمن العراقية والقوات الأجنبية في أعقاب حرب العراق في عام 2003.ويُبرز التقرير عجز السلطات العراقية المستمر عن مراعاة التزاماتها باحترام حقوق الإنسان وحكم القانون في مواجهة الهجمات المميتة المستمرة من قبل الجماعات المسلحة، التي تُظهر ازدراء جلفاً لحياة المدنيين.ونقل التقرير عن حسيبة الحاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، قولها إنه “بعد مرور عشر سنوات على نهاية حكم صدام حسين القمعي، يتمتع العديد من العراقيين اليوم بحريات أكبر من تلك التي كانوا يتمتعون بها في ظل نظام حزب البعث، ولكن المكتسبات الأساسية لحقوق الإنسان، التي كان ينبغي تحقيقها خلال العقد المنصرم، فشلت فشلاً ذريعاً في التجسُّد، ولم تلتـزم الحكومة العراقية وقوى الاحتلال السابقة بالمعايير المطلوبة بموجب القانون الدولي، ولا يزال شعب العراق يدفع ثمناً باهظاً لفشلها”.”وأشارت صحراوي إلى أن التعذيب يتفشى وترتكبه قوات الأمن الحكومية، مع إفلات مرتكبيه من العقاب، وخاصةً ضد المعتقلين المشتبه في ارتكابهم جرائم بموجب قانون مكافحة الإرهاب أثناء احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي لاستجوابهم، مشيرةً إلى أن معتقلين زعموا أنهم تعرضوا للتعذيب لإرغامهم على “الاعتراف” بارتكاب جرائم خطيرة أو لتجريم آخرين أثناء احتجازهم في تلك الظروف، لافتةً الى تراجع العديد منهم عن اعترافاتهم خلال المحاكمات، ولكن المحاكم قبلت تلك الاعترافات كأدلة على أنهم مذنبون بدون التحقيق في مزاعم التعذيب، وحكمت عليهم بالسجن لمدد طويلة أو بالإعدام.وتابعت، “وزيادةً على الظلم، قامت السلطات بعرض معتقلين في مؤتمرات صحفية أو بإجراء ترتيبات لبث “اعترافاتهم” على شاشات التلفزة المحلية قبل تقديمهم إلى المحاكمة أو صدور الأحكام بحقهم، وهو ما يشكل انتهاكاً لمبدأ افتراض البراءة وحق كل متهم في الحصول على محاكمة عادلة”.صحراوي لفتت إلى أنه تم تعليق عقوبة الإعدام بعد حرب العراق في عام 2003، و”لكن سرعان ما أُعيد العمل بها على يدي أول حكومة عراقية وصلت إلى سدة الحكم، واستُؤنفت عمليات الإعدام في عام 2005. ومنذ ذلك الحين أُعدم ما لا يقل عن 447 سجيناً، بينهم صدام حسين وبعض مساعديه الرئيسيين، وأفراد مزعومون في الجماعات المسلحة. ولا يزال مئات السجناء بانتظار الإعدام. ويُعتبر العراق الآن، الذي شُنق فيه 129 سجيناً في عام 2012، أحد أوائل بلدان العالم في تنفيذ عمليات الإعدام”.وقالت حسيبة الحاج صحراوي: “إن أحكام الإعدام وعمليات الإعدام تُستخدم على نطاق مرعب. ومن الأمور الفظيعة بشكل خاص أنه حُكم على العديد من السجناء بالإعدام إثر محاكمات جائرة وعلى أساس اعترافات قالوا إنهم أُرغموا على الإدلاء بها تحت وطأة التعذيب”.وأضافت صحراوي تقول: “لقد آن الأوان لأن تقوم السلطات العراقية بوضع حد لهذه الحلقة الفظيعة من الانتهاكات، وإعلان وقف تنفيذ عمليات الإعدام كخطوة أولى على طريق إلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة لجميع الجرائم.”وشددت على أن إزاحة صدام حسين من سدة الحكم في عام 2003 كان يجب أن يتبعها إصلاح جوهري لأوضاع حقوق الإنسان، ولكن قوى الاحتلال بدأت منذ اليوم الأول بارتكاب التعذيب وغيره من ضروب الانتهاكات الفادحة لحقوق السجناء، مثلما أظهرت بوضوح فضيحة سجن أبو غريب التي تورطت فيها القوات الأمريكية، وضرب بهاء موسى حتى الموت في حجز الجنود البريطانيين في البصرة”.وإنتقدت صحراوي عدم محاسبة الولايات المتحدة وبريطانيا المسؤولين من قواتها عن إنتهاكات حقوق الانسان التي ارتكبوا على نطاق واسع في العراق، مشيراً إلى أن الضحايا العراقيون لانتهاكات حقوق الإنسان التي اقترفتها الولايات المتحدة وجدوا الطريق إلى الإنصاف في محاكم الولايات المتحدة مغلقاً، فيما اشارت إلى أن “السلطات العراقية إعترفت من وقت إلى آخر بممارسة التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة، ولكنها ما انفكت تحاول تصويرها على أنها حوادث معزولة، أو أعلنت عن فتح تحقيقات رسمية في بضع قضايا بارزة، لم يُكشف النقاب عن نتائجها في النهاية، إن وُجدت”.ولفتت صحراوي الى أن تعذيب وإساءة معاملة المعتقلين كان واحداً من أكثر السمات ثباتاً وتفشياً في المشهد العراقي الخاص بحقوق الإنسان، وإن الحكومة لا تُظهر ميلاً يُذكر للاعتراف بحجمها أو لاتخاذ التدابير الضرورية لجعل مثل تلك الانتهاكات الخطيرة جزءاً من الماضي.واشارت التقرير إلى أن من بين أساليب التعذيب التي ذكرها المعتقلون: صعق الأعضاء التناسلية وغيرها من أعضاء الجسم بالصدمات الكهربائية، والخنق الجزئي بوضع كيس على الرأس وربطه بشدة، والضرب أثناء تعليق الشخص في أوضاع ملتوية، والحرمان من الطعام والماء والنوم، والتهديد بالاغتصاب أو بالقبض على قريبات المعتقل الإناث واغتصابهن. إن النساء المعتقلات مستضعفات بشكل خاص، ويتناول التقرير لعدة حالات زعمت فيها النساء أنهن تعرَّضن لإساءة المعاملة الجنسية في الحجز.وخلصت حسيبة الحاج صحراوي إلى القول: ” لا يزال العراق عالقاً في حلقة مقفلة من التعذيب والإفلات من العقاب، كان ينبغي كسرها منذ أمد بعيد. وقد آن الأوان لأن تتخذ السلطات العراقية الخطوات الملموسة الضرورية لترسيخ ثقافة حماية حقوق الإنسان، وأن تفعل ذلك بدون مزيد من المراوغة أو التأخير.”