يبدو المشهدُ العراقي قاتماً وضبابياً،وفوضوياً،وهو يواجه، عواصف أمريكية وإيرانية عاتية، قد تقلعه من الجذور، وتحيلهُ دولاً وطوائف وإثنيات وأعراقاً متعددة لا رأس لها،هذا هو العراق الذي يريده أعداؤه، ونقصد بأعدائه، بالمشروعيّن الأمريكي في اقامة مشروع الشرق الاوسط الكبير، والايراني الذي يروم إقامة (الامبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد) في توسعه الديني،وإكمال الهلال الشيعي عبر سنجار،لهذا كانت عقدة إتفاقية سنجار، تضرب عصب السياسة الإيرانية، وتوابعها داخل العراق، رافضة أي تنفيذ للإتفاقية المبرمة بين الاقليم وبغداد ،برعاية أممية ودعم أمريكي،لأنه يقطع طريق الحرير، الذي تريده طهران الى البحر الابيض المتوسط،العراق يعيش أزمات ،لايمكن له الخروج منها دون خسائر، فكورونا، والإنهيار الاقتصادي، وهبوط أسعار النفط، والتظاهرات الغاضبة ، وتغوّل السلاح المنفّلت، وفرض هيمنته على الحكومة،وفشل البرلمان في التصويت على الموازنة ،وقانون الانتخابات وإكمال قانونية المحكمة الاتحادية، والصراعات المحتدمة بين الكتل وداخلها، جعلت من العراق دولة فاشلة بامتياز، تحكمها الدولة العميقة ب بسلاحها المنفلت، وفصائلها الخارجة عن القانون، والتي تعيث في العراق قتلاً وفساداً،كل هذا بكفّة، والصراع الأمريكي- الإيراني في العراق، بكفّة أخرى،نعم لولا هذا الصراع وتدخله في شؤون العراق، لأستطاع العراق لملمة جراحه، ونفض غبارالإحتلالين ، وواجه مشاكله وأزماته وتغلب عليها، ولكن يبدو أن المشروعين الامريكي والايراني، لن يتركاه الاَّ محطماً ومجزئأ ومقسماً الى دويلات، وطوائف وقوميات،فالعراق الآن في قلب العاصفة الامريكية –الايرانية، والانتخابات الأمريكية التي ستجري بعد إسبوع من الآن، هي مَنْ سيحدّد مستقبل العراق والشرق الاوسط كلّه، فما هو السيناريوالأمريكي في مرحلة مابعد الإنتخابات،فإذا فازجو بايدن، سيكون الحلُّ الامريكي لمشاكل العراق ،هو تنفيذ –مشروع بايدن التقسيمي-واعادة الاتفاق النووي مع طهران ،والانسحاب الكامل من العراق،وهذا بحدّ ذاته كارثية أخرى تحلُّ بالعراق،تشابه كارثة الرئيس باراك أوباما بإنسحابه من العراق وتركه لقمة سائغة لإيران وميليشياتها، ولتنظيم داعش الارهابي، وللفوضى الخلاقة،أما اذا فاز ترمب فستكون إستراتيجيته حاضرة وواضحة في عموم الشرق الأوسط،والتي سيكمل فصولها من العراق، حيث سينفّذ بنودها ،بإنهاء التواجد الايراني، وميليشياتها في العراق وسوريا، ويزيد من عزلة إيران الدولية، وفرض عقوبات اضافية أقسى غير قابلة للتراجع ، والمضي قدماً في إقناع الدول العربية والخليجية تحديدا ،بقبول التطبيع مع اسرائيل ،وتحجيّم الخطر الايراني عليها، ونزع سلاح حزب الله والحوثيين وفصائل وميليشيات العراق الولائية التابعة لايران،ثم فرض سلام شامل في منطقة الشرق ، بعد القضاء على الإرهاب المتطرّف لداعش وأخواتها ومشتقاتها (السنية والشيعية)، فإستراتيجية الرئيس ترمب هي الأقرب الى العراق، وفرض الأمن فيه ، فالعراق، مشروع تطبيّعي مضمون، بالنسبة للرئيس ترمب، مع إسرائيل، وهذا ما تؤكده التسريبات ،أن الضغوط التي يواجهها الكاظمي ،مع الدعم الامريكي والضغط البريطاني، هومَن سيضع حكومة الكاظمي والمرجعية في النجف ،أمام الامر الواقع( اما التطبيع مع اسرائيل وإما الدولة العميقة وسلاحها المنفلّت)،ويفتح الباب على مصراعيه، امام دول الخليج أن تحذو حذو العراق في التطبيع ، ومواجهة الخطر الايراني، فأمريكا لاتريد حرباً برية مع إيران، ولاتسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي، أو تهديّد دول الخليج، وأن تخرج من العراق وسوريا بشكل كامل نهائياً، وبما ان ايران تدرك ، ان عودة ترمب وفوزه في الانتخابات ، يعني انهاء وفشل مشروعها التوسعي الفارسي، في عموم الشرق الاوسط، لهذا تعمل ايران كل ما بوسعها تعزيز هيمنتها ، ولو بالقوة ومواجهة عسكرية مع امريكا ،والتنمر،وإستخدام أذرعها بالترغيب والإرهاب في مناطق تواجدها فيه، وهذا مايقلق أمريكا ودول المنطقة، إذن الصراع الامريكي – الإيراني، بعد فوزترمب حتمياً ،ومن أرض العراق، كساحة حرب مباشرة،ولهذا فإن العراق يعيش العاصفة مابعد الانتخابات الامريكية، بين أن يتخلّص من الإحتلال الايراني ونفوذه، والتخلّص من اللادولة الى الدولة ، وبين أن يبقى لادولة في قبضة المجهول والسلاح المنفلت، في المقابل، نرى إصلاحات الكاظمي وخلخلة بنيّة الأحزاب الطائفية ،وقصقصة أجنحتها الفاسدة ، ودعم المتظاهرين،وسماع طلباتهم ،وملاحقة الفصائل الخارجة عن القانون، في ظل صراع محتدم داخل البرلمان ،على قانون الانتخابات والمحكمة الاتحادية للإستئثار بالسلطة ، فهو يواجه رفض أجنحة ايران وأحزابها ،بوضع العصا في العجلة، لإبعاد موعد الانتحابات، أو إلغائها، لأنها تدرك أن فشلها في الانتخابات، يعني زوال السلطة من يدها،وهذا أقسى ماتخشاه، لهذا تصرّح بأن الانتخابات، لايمكن لها أن تتحقق ،في ظلّ أوضاع منفلتة وفساد كبيروحكومة فاشلة، لاتستطيع تأمين إنتخابات حرة ونزيهة بلا تزوير ،وإنهاء شأفة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة، ونحن نعلم حجم الأزمات التي يعاني منها الكاظمي وحكومته، بالنسبة للوضع الاقتصادي المنهار ،وتهديدات الفصائل، وخطر عودة تنظيم داعش، الذي بدا يطلّ برأسه في ديالى وصلاح الدين وكركوك،ويشكل تهديداً مباشراً، إضافة الى وباء كورونا ،وعجز الحكومة عن مواجهته رغم خطورته، إذن أزمات الكاظمي لايمكن حلّها، والقضاء عليها بدون دعم خارجي، عربي ودولي، فإلانتخابات المقبلة، فرصة للتغيير،ولكن ليس تحت تهديد السلاح وسطوة الميليشيات ،وسطوة إيران عليها،لذلك نرى أن فرصة الإصلاحات، التي يطمح لها الكاظمي والشعب، للتخلص من السلاح وسطوته، صعبة التحقق، ومستحيلة التطبيق، لأن أساس العمليةالسياسية،التي بنيت على محاصصة طائفية،تقودها أحزاب طائفية ،لاتؤمن بالآخر،وإنتشارتاريخي غير مسبوق ،في الفساد والإنفلات الأمني، وتغوّل ميليشيات ولاؤها لإيران ، جعل من العراق، ساحة لتصفية حسابات الدول الكبرى، والاقليمية وتدخلاتها ،وجعل الإصلاح والأمن امراً مستحيلاً،يضاف الى كل هذا الرُّكام من الفساد والفشل والصراع ، إبتعاد الحكام العرب، وضعفهم في مواجهة التحديات الكبرى ، التي تعيشها المنطقة، فهم بين نارين ، نار التطبيع مع اسرائيل، ونار التهديدات الايرانية، وتغول ميليشياتها واذرعها لهم، وهكذا نرى سوء الأوضاع وتدهورها نحو المجهول يخلق فرصة الحلّ، وهي السمة البارزة في مشهد مابعد الانتخابات الأمريكية، التي ستحدّد شكل المنطقة جيوسياسياً، العراق يعيش العاصفة بأبشع صورها،ويعيش أوضاعاً إقتصادية مزرية وصعبة جدا ، توشك على الإنهيار القريب، كما تشي بحرب أهلية ، بسبب فشل المنظومة العسكرية، والحكومية، في ضبط ايقاع السلاح المنفلت اللادولة ، وتغوله أمام الدولة ومؤسساتها الدستورية في محافظات الجنوب، لهذا لايمكن لأحد ،التكهن بأوضاع العراق مابعد الإنتخابات، ولايمكن التكهّن بمستقبل عراق تحكمه اللادولة ، وتتنّمر على شعبه أحزاب تحرك ،وتدعم وتغطّي على جرائم اللادولة ،هذه هي حقيقة الأوضاع في العراق، وموقفه من الصراع الأمريكي – الإيراني،الذي يتصّاعد على شكل قصف كاتيوشا، وتفجيرات ،وقتل جماعي للمواطنين، وقمع للمتظاهرين،وهو جزء من الحرب ،الغير معلنة بين الطرفين ، فلماذا يجري كل هذا على أرض العراق فقط،الجواب في نتيجة الانتخابات الامريكية بعد أيام ، وعندها يتضّح الخيط الابيض من الخيط الاسود وسنرى …