محمد حسن الساعدي
قيام اي بناء للدولة يتكون من ثلاثة مفاصل مهمة ( السلطة التشريعية ، والسلطة التنفيذية ، والسلطة القضائية ) وكلاً يقوم بودرة المناط به والذي كفله الدستور العراقي ، دون التدخل بعمل وصلاحيات السلطة الاخرى ، الا السلطة القضائية التي تُمارس عمل فُض النزاعات بين السلطتين ، او تقوم بمحاسبة السلطة التنفيذية عندما تتجاوز حدود صلاحيتها الممنوحة لها او العبور على الدستور الذي منح صلاحيات محددة لكل سلطة من هذه السلطات .السلطة القضائية هي الحكم في فض كل النزاعات ذات الطابع السياسي وغيره ، لهذا تتسم دائماً بالمصداقية والنزاهة في جميع مفاصلها لان بفساد هذه السلطة نكون قد هدمنا ركنا مهماً من أركان الدولة ، وسقوطها بيد الفساد الذي اصبح ظاهرة طبيعية في العراق الجديد .الفساد وصل الى هذه المؤسسة الى راس الهرم فيها ، حتى امست جميع مفاصل السلطة القضائية بيد الحكومة السابقة ، تضرب منافسيها وخصومها ، حتى وصل الحال برئيس القضاء الاعلى والذي من المفترض ان يمتلك ضميراً مهنياً في إصدار اي قرار قضائي ، نراه اصبح اداة لضرب خصوم الحكومة السابقة ، وإصدار إلقاء قبض بالهاتف ، ناهيك من ان اخطر انواع الفساد في النظام القضائي هو القضاة في محاكم البداءة والاستئناف والذين يطالبون برشى من المواطنين الامر الذي أدى الى ان يقع الظلم على الأبرياء وافلات المجرمون الحقيقيون من قبضة العدالة .
كما ان هناك الكثير من القضاة يمارسون ضغوطاً على شركات محلية وأجنبية لابتزازها والحصول على مردودات مالية الامر الذي دفع الى التراجع الكبير في الاستثمار وعزوف الكثير من الشركات العالمية عن العمل في العراق في الوقت الذي كان ينبغي ان يكون القضاء العراقي صمام اماني حقيقي لحفظ مؤسسات الدولة من الضياع بيد مافيات الفساد والرشى .
اليوم على مجلس القضاء الاعلى البدء بعملية تطهير واسعة مرافقة للدعوات الموجودة لتطهير باقي مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والإدارية من العناصر الفاسدة ، بدء من الرؤوس الكبيرة في السلطة القضائية الذين كانوا أيادي بيد حكام الفساد في الحكومة السابقة ،وطرد العناصر البعثية التي كانت السرطان الذي ينخر جسد الدولة العراقية .
كما يجب التصدي بحزم لعمليات الابتزاز الواسعة والتي يمارسها بعض القضاة والذين يفترض ان يحملوا أمانة حفظ ارواح الناس ، ويكونوا على قدر المسؤولية ومؤتمنين على احقاق العدل بدلا من ان يسقطوا في دائرة الفساد والتلاعب في النصوص القانونية لتحقيق منافع شخصية ، كما ان العامل السياسي دخل بصورة مؤثرة على القضاء فشّل حركته ، ومنعت مساءلة القضاء او التحقيق معهم .
اليوم نحن ننتظر من المجلس الاعلى للقضاء الوقوف بحزم امام اي تدخل حكومي يؤثر على استقلاليته ونزاهته ، وموقفاً شجاعاً وجريئاً لمواجهة ظاهرة الفساد المستشري في جميع المؤسسات القضائية ، بعد ان استفحلت وأضرت كثيرا ً في جميع الجوانب والتي تصب في خدمة العراق وشعبه .