بغداد/شبكة أخبار العراق- على الرغم من مرور أكثر من 20 يوماً على إعلان السلطات الأمنية في أربيل بإقليم كردستان العراق نتائج التحقيق بالهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة “حرير”، أبرز قواعد قوات التحالف الدولي، شمالي أربيل، منتصف الشهر الماضي، موجهةً اتهامات رسمية لمليشيا “كتائب سيد الشهداء” بالوقوف وراءه، وعارضةً أثناء إعلان نتائج التحقيق الذي شاركت به قوات التحالف الدولي، اعترافات لأحد عناصر المليشيا بالمشاركة في الهجوم، إلا أنّ السلطات في بغداد، لم تعلق على الإعلان، أو تتخذ أي إجراءات من جانبها. كما لم تكشف عن نتائج لجنتها التحقيقية الخاصة بالهجوم.الهجوم الذي انتهت حصيلته بقتيلين؛ أحدهما عراقي مدني والثاني متعاقد أجنبي لصالح قوات التحالف الدولي، فضلاً عن جرح تسعة آخرين بينهم عسكريون أميركيون، أعقبته هجمات صاروخية أخرى استهدفت قاعدة “بلد” الجوية، بمحافظة صلاح الدين في 20 فبراير/شباط الماضي، وقاعدة “عين الأسد”، غربي الأنبار في 15 مارس/آذار الحالي. ولم تكشف بغداد أيضاً عن نتائج تحقيق اللجان التي أعلنت عن تشكيلها بالاعتداءين.
في السياق، تحدّث نائب عراقي بارز في البرلمان ضمن تحالف “النصر”، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي،عما قال إنها “ضغوط كبيرة ومساومة تتعرّض لها حكومة مصطفى الكاظمي، من قبل جهات سياسية وفصائل مسلحة، بشأن ملف التحقيق بقصف أربيل تحديداً”. وأوضح أنّ “وزارة الداخلية الاتحادية في بغداد تسلمت من حكومة إقليم كردستان أوراق التحقيق واعترافات أحد المتورطين وملابسات الهجوم، والأشخاص الذين وردت أسماؤهم بالتحقيق، ويتواجدون في بغداد حالياً، لكنها لم تتحرك أو تستدع المتهمين للتحقيق معهم”. وتابع النائب نفسه، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه اطلع على مجريات تسليم أربيل نتائج التحقيق الذي أشرفت عليه قوات التحالف الدولي أيضاً، إلى حكومة الكاظمي في زيارة رسمية أجراها وفد كردي إلى بغداد، لكن “رئيس الوزراء يتعرّض لضغوط؛ سواء بشأن التحرك ضد الواردة أسماؤهم بالهجوم وهم ثمانية أشخاص بينهم زعيم كتائب سيد الشهداء، أبو آلاء الولائي، وعناصر أخرى جميعهم يعملون ضمن الحشد الشعبي”.
وأوضح النائب أنّ الكاظمي حاول إشراك هيئة الحشد الشعبي في تبني التحقيق والتعامل مع ما ورد في تحقيق أربيل، في محاولة منه للتخفيف من المسؤولية الملقاة على عاتقه، لكن رئيس هيئة “الحشد الشعبي” فالح الفياض، ورئيس أركان “الحشد” عبد العزيز المحمداوي (أبو فدك)، لم يتجاوبا مع مساعي الكاظمي في هذا الإطار، وطالبا بأن تقوم أربيل بتسليم الشخص الذي أدلى بالاعترافات، حتى يتم التأكد من سلامة التحقيق”. ولفت إلى أنّ الحكومة “تعثّرت أيضاً في الإيفاء بوعود إبعاد الفصائل المسلحة عن محور التماس مع حدود إقليم كردستان بسبب رفض تلك الفصائل تغيير مواقعها”، مفسراً موقف الكاظمي بأنه “لا يسعى إلى خلق أزمات ذات بعد أمني قبيل الانتخابات (المقررة في 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل) التي ترغب بعض الأطراف السياسية المقربة من إيران في تأجيلها لأقصى وقت ممكن”.
من جهته، أكد القيادي في الحزب “الديمقراطي الكردستاني” الحاكم بإقليم كردستان، عماد باجلان، في حديث صحفي، ما أدلى به النائب العراقي من معلومات، مبيناً أنّ “حكومة إقليم كردستان، سلّمت فعلياً ملف التحقيق مع كافة المعلومات المستوفاة إلى بغداد، لكن الحكومة لا قدرة لها على إكمال هذا التحقيق واعتقال الأشخاص الذين ثبت تورطهم بالهجوم الصاروخي على أربيل”. وأضاف: “نعتقد أنّ الملف سيكون حاله حال ملفات التحقيق المهملة منذ سنين”.ووفقاً لباجلان، فإنّ “حكومة الإقليم رفضت ضغوطا ومحاولات لتسوية القضية سياسياً بغية إغلاقها، لكن هناك في الوقت نفسه ضغوطا وتهديدات تمارسها قوى سياسية وقوى مسلحة على الحكومة العراقية، تسببت بوقف التحقيقات من قبل السلطات في بغداد. وهي الضغوط نفسها التي أوقفت تحقيقات سابقة في قضايا اغتيالات وقصف وفساد مالي، فهذه الأعمال تشترك في كون منفذيها أو المتورطين بها، جهات سياسية متنفذة، لها أجنحة مسلحة تعمل خارج سيطرة الدولة والقانون”.بدوره، اعتبر الخبير في الشأن السياسي والأمني العراقي، مؤيد الجحيشي، مضي بغداد بالتحقيقات في الهجمات الصاروخية؛ سواء في أربيل أو في تلك التي استهدفت القواعد الأميركية الأخرى، “غير ممكن، بسبب فرض جهات مسلحة وسياسية سيطرتها على الأداء الحكومي في بغداد”. وأضاف الجحيشي في حديث صحفي: “حسب معلوماتنا، تمت ممارسة ضغوط كبيرة من قبل شخصيات حكومية وسياسية على حكومة إقليم كردستان، من أجل منعها من الكشف عن نتائج التحقيق لقصف أربيل، لكن الإقليم تصدى لهذه الضغوط، وأصرّ على إعلان النتائج التي تخشى بغداد كشفها”.وأوضح الجحيشي أنه “لا يخفى على أحد، أنّ القوى السياسية والفصائل المسلحة الموالية لطهران، تفرض سيطرتها على الملف الأمني والسياسي وحتى الاقتصادي في العاصمة بغداد، ولهذا الحكومة العراقية لا تستطيع فتح أي ملف يتعلّق بهذه الجهات، على الرغم من امتلاك الأجهزة الأمنية المعلومات الكاملة عن الجهات والأعمال غير القانونية التي تقوم بها”.وتابع: “حكومة الكاظمي تملك كامل المعلومات والتفاصيل عن منفذي عملية قصف أربيل، خصوصاً أنّ الشخصيات المتورطة بهذا العمل، موجودة وسط العاصمة، لكن الحكومة لا تستطيع التحرك ضدها، فهناك ضغوط، بل ابتزاز وتهديدات تمارس على الحكومة، ليست داخلية فقط، بل هناك أيضاً تدخل من قبل شخصيات وجهات إيرانية مؤثرة، كون كتائب سيد الشهداء تعتبر من أبرز فصائل إيران في العراق”.وكانت فصائل عراقية مسلحة حليفة لإيران في العراق قد أعلنت، مواقف موحّدة تجاه رفض نتائج التحقيق الذي أعلنته حكومة إقليم كردستان، بشأن الهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة “حرير” منتصف الشهر الماضي، محملةً الكاظمي تبعات اتهام أربيل لأحد الفصائل بالهجوم، ومطالبةً في بيان مشترك بما وصفته “تحقيق يُجرى في بغداد”.