حمزة مصطفى
بعد ثمانية اعوام قضيناها بين مد وجزر بين “معسكر يزيد ومعسكر الحسين” طلع علينا السيد رئيس الوزراء السابق والنائب الحالي لرئيس الجمهورية نوري المالكي بكلام اقل ما يمكن ان نقول عنه انه “عسل مصفى”. ففي سياق كلمته في الاحتفال الذي اقامه مجلس النواب في ذكرى المولد النبوي الشريف قال “لاتوجد مشكلة بين الشيعة والسنة” في العراق. الرجل ذهب الى ما هو ابعد من ذلك حين قال “لا يوجد شئ عند الناس اسمه شيعة وسنة” اصلا. المالكي الذي قال هذا الكلام في مبنى البرلمان اليوم هو نفسه من بقي يرفض طيلة السنوات الاربع الثانية من حكمه السماح حتى لنائب عريف الذهاب الى هذا المبنى بسبب وجود الدواعش الذين يمكن ان يحصلوا على معلومات امنية خطيرة لايريد التفريط بها. مع ذلك وقف المالكي ليقول ان المشكلة الطائفية هي ليست مجتمعية بل هي سياسية وان السياسيين لا المواطنين هم من يتحدث عن سنة وشيعة. اما العراقيون من وجهة نظر المالكي ـ النسخة الجديدة فكلهم سنة وكلهم شيعة من منطلق ان العشائر العراقية كلها دون استثناء تقريبا تتكون من نصف شيعي واخر سني بالاضافة الى عمليات التزاوج والمصاهرة.
المالكي حمّل وانا معه القوى الخارجية التي اسماها قوى الاستكبار آفة الطائفية السياسية في العراق. السؤال الذي تبادر الى ذهني وانا استمع بكل دقة الى خطاب المالكي الذي كان بينه وبين مجلس النواب ما صنع الحداد .. ماالذي تغير؟ هل المالكي هو من تغير ام مجلس النواب ام المواطنون؟ ثم هل كان الحديث الصادم طوال السنوات الماضية عن معسكري يزيد والحسين مجرد دفاع مشروع عن النفس وعن الطائفة حيال تهديدات الشيخ علي الحاتم؟ اذا كان دفاع عن النفس فهل يستدعي ذلك حرق الاخضر واليابس لمجرد البقاء في السلطة؟ اما اذا كان دفاع مقدس عن الطائفة فاين ذهب المعكسران الان؟ وتستمر التداعيات واسئلتها من قبيل مالذي كان يمكن ان يحصل لو ان المالكي بدلا من كيل التهم واطلاق شتى الاوصاف الى ساحات التظاهرات في الرمادي من كربلاء او الناصرية بل التوجه الى تلك المحافظات وجمع الناس هناك الذين هم اليوم وحسب خطاب المالكي شعب عراقي واحد متصالح متصاهر ليس فيه شيعة وسنة والحديث عن العراق الواحد الذي ليس فيه مشكلة طائفية مجتمعية بل طائفية سياسية المسؤول الاول عنها السياسيون ومنهم المالكي نفسه؟ اقول لو كان المالكي فعل ذلك لسحب البساط من تحت اقدام كل سياسيي الفتنة من سياسي الصدفة الشيعة والسنة معا. ولكان قد اسس قاعدة جماهيرية متينة سنية ـ شيعية متصالحة , متصاهرة “على كولته” كان يمكن ان تقف سدا منيعا امام كل المؤامرات الخارجية والتي مكنت داعش من التمدد الى الحد الذي اسقطت فيه مدنا ومحافظات عراقية بساعات وبدون قتال, واهانت المؤسسة العسكرية العراقية العريقة التي دفعت مثل الشعب ثمن خلافات السياسيين البائسة والتي كثيرا ما يجري الاعتراف بها .. بعد فوات الاوان.