رغم وجود مليون جندي عراقي تحت السلاح! ومليون شرطي آخر في الخدمة! , غير مئات الالاف من عناصر الميليشيات الطائفية الزاعقة وفرق الموت الخاصة ومن بينها فرقة “سوات” السيئة الصيت والسمعة! ورغم وجود فرقة عسكرية كاملة لحماية القائد العام للقوات المسلحة, رئيس المخابرات ووزير الداخلية والدفاع, رئيس الوزراء الدكتور نوري المالكي!, فإن ذلك الحشد العسكري الذي لم يتوافر حتى لقائد قوات الحلفاء الجنرال إيزنهاور في عز مجده لم ينفعه أبدا في الاطمئنان على سلامته الشخصية, فضلا عن الدفاع عن الأمن والسلم الأهلي, أو عن حياة المواطن العراقي العادي الذي أصبح نهبا وسلبا لفرق الموت والعربات المفخخة وحملات الانتحاريين المفاجئة التي تداهمه في مقرات العمل, أو في المساجد, أو في أي نقطة موت عراقية.لقد انهار النظام الأمني تماما ! وتقوضت كل مؤسسات الأمن والحماية, ومع ذلك يظل المالكي يعاند نفسه بخشبية وصلف لا مثيل لهما, ويصر على التأكيد أن الأمن في العراق لم يسقط! وبأن كل شيء “عال العال وآخر إنسجام” , حتى جاء قرار القيادة الكردية بإرسال قوات “البيشمركة””الجيش الكردي” لحماية المنطقة البغدادية الخضراء ومقرات الحكومة الاتحادية مما أسموه “الغزوة الكبيرة” المحتملة لجماعات “القاعدة” والبعثيين جماعة عزة الدوري! وهي الغزوة التي إنتشرت أنباءها بحدة وأقلقت الشارع البغدادي بعد الخطاب التهديدي الأخير للهارب النائب السابق للرئيس العراقي الأسبق عزة الدوري الذي تحول شبحا رهيبا يؤرق مضاجع حكومة محصنة بملايين المقاتلين, ولكنها عاجزة عن الدفاع ومتخوفة من أشباح! , ويبدو أن القيادة الكردية وهي ترسل نخبة مقاتليها للدفاع عن “جنرالات الحجيرة” قد وضعت حدا لحالة الصراع المعلن ضد حكومة المالكي التي إشتعلت منذ شهور تبادل خلالها الطرفان شتى الإتهامات كان من بينها إتهام المالكي لمسعود بارزاني بإستقباله وحمايته عزة الدوري! ورد الرئيس الكردي بأنه يرحب بإستضافة الدوري في كردستان! ومن ثم توجيهه سهام النقد الجارح للحكومة المالكية بوصف عناصرها بكونهم أهل “البطون التي جاعت ثم شبعت”!! بل إن الحال بين الطرفين بعد إستقبال البارزاني لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي قد وصلت إلى حدود المواجهة العسكرية المباشرة!!المهم أن نوري المالكي في تراجعاته التكتيكية وفي إنزوائه السياسي, وفي لحس كل تهديداته وعنترياته السابقة لأطراف العملية السياسية قد أثبت إتقانه المريع لفن التراجع السياسي عن طريق البهدلة, ولحس الجراح, وهي حالة ضعف مباشرة تعتمد على نسيان التصريحات والتعهدات, وكل العنتريات السابقة التي لم تكن تعبر عن موقف قوة, بل عن موقف إنتهازي ضعيف لسياسي فاشل لايمكن أن يكون أهلا للثقة , بل إنه نموذج فظ لأعتى نماذج الفشل المقيم.القيادة الكردية وهي تحمي بغداد رغم الجيوش المالكية المنخورة, كسبت نقاطا مهمة لصالحها وصالح مشروعها, وأثبتت قدرة ستراتيجية هائلة في المناورة والتكتيك وإدارة ملف الصراع الداخلي بحرفنة وتميز , فيما يظل قائد حزب “الدعوة” وراعي الميليشيات الإرهابية كجماعة الخزعلي والبطاط و”سوات” وغيرها مجرد حالة إستعراضية رثة ومؤسفة , وجنرال مزيف من جنرالات حزب “الدعوة” الإرهابي والذي هوفي البداية والنهاية نموذج فظ لفشل تاريخي متأصل!الوضع في العراق يتجه, بكل وضوح إلى نهايات كارثية في طريق تهشم مؤسسات الدولة الرثة التي لم تقم على أسس منهجية للبناء الوطني, بل على أسس عشوائية وبأهداف ومصالح وتوجهات ورؤى طائفية هي أم الخراب الأكبر , واللجوء الحكومي لطلب العون من القوات الكردية في الحماية وإدارة الوضع الأمني العراقي, حالة غير مسبوقة من الإنهيار الحكومي الذي ستكون له نتائجه المباشرة والمريعة على مجمل الوضع العراقي العام. لقد أثبت نوري المالكي, على الطبيعة وأمام الملأ, عن قدرة هائلة على الفشل , وخطورة مباشرة على وحدة العراق , وعجزا مدهشا في مختلف المستويات , وتبدو مسؤولية الشعب العراقي في إدارة وضعه ومحاسبة الفاشلين مثيرة للسخرية! فهل من المعقول أن يجري كل هذا العيث الكبير والتدهور اللا معقول والشعب العراقي مشغول بأكل البقلاوة ولعب المحيبس وإحتساء الليمون بالنعناع? والله حالة… و”الله طرطره” … يبدو أن المرحلة العراقية المقبلة ستشهد توافد قوات الحرس الثوري الإيراني لحماية حزب “الدعوة” وشركاه! وهي الفضيحة العراقية المقبلة… ومبروك لنوري المالكي فيالق حمايته العظمى وهي تكتفي بشرب الليمون بالنعناع.كاتب عراقي[email protected]
المالكي في حماية “البيشمركة”! … بقلم داود البصري
آخر تحديث: