منى سالم الجبوري
الشروط التي وضعها نوري المالکي”بحسب ماذکره موقع کتابات”، للتنحي عن ترشيحه لولاية ثالثة، مع انها غير تعجيزية لکنها ثقيلة جدا و کارثية تعکس فعلا بأن العراق قد صار يمر بمرحلة الکانتونات و الاقطاعيات السياسية التي تجسد ضعف العراق و تضعضعه.
الابواق و الطبول المأجورة و النشاز التي کانت تمجد ليل نهار بما کانت تسميه مکاسب و منجزات المالکي و کذلك بوطنيته و نخوته و صفاته و مناقبه التي تجاوزت ليس صدام حسين وانما حتى معمر القذافي الذي کان مغرما بالالقاب و الصفات و المناقب، تحاول تبرير دخول تنظيم داعش الارهابي الى داخل الاراضي العراقية بأنه مؤامرة ضده شخصيا لکونه کان”وبحسب هذه الابواق و الطبول الجوفاء”، يشکل صداعا و مشکلة لدول إقليمية و کبرى!
السياسات الفاشلة و المليئة بالاخطاء الاستراتيجية و بکل مظاهر الحمق و الطيش السياسي، کانت تمثل النهج العام للمالکي طوال ولايتين هدامتين بائستين فاشلتين له، وبقدر ماجعل المالکي همه في تنفيذ مخططات إيرانية في العراق کانت تهدف الى منح طهران المزيد و المزيد من النفوذ، فإنها”أي هذه السياسات”، قد نأت بنفسها عن مصالح و تطلعات و طموحات الشعب العراقي بل و جعلتها في آخر قائمة اولوياتها فيما لو کان لها من وجود هناك حقا!
تلك السياسات التي أثرت سلبيا على الاوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي طفقت تشهد تراجعا ذريعا جعل من العراق ليس فقط دولة غير آمنة وانما حتى دولة فاشلة في آخر قائمة الدول الفاشلة، وعوضا عن الاهتمام بالبنى التحتية و بالتنمية الاقتصادية و تطوير الشؤون الاجتماعية و رفع الوعي السياسي و الثقافي و الاجتماعي لدى الشعب العراقي، فإن المالکي جعل من نفسه رمزا طائفيا بل و صار يطلق علنا تصريحات طائفية صريحة ساهمت في تمهيد أفضل الارضية و الجواء لإنتشار و شيوع المشاعر الطائفية البغيضة و غلبتها على المشاعر الوطنية و الانسانية، ولعمري أن هذه النقطة لوحدها کافية لتقديم المالکي للمحاکمة و محاسبته لأنها تسببت بفتح ليس باب وانما أبواب الجحيم على الشعب العراقي.
من أدخل داعش الى العراق، هو من زرع الحقد الطائفي و بث روح الحقد و الضغينة و الکراهية بين أبناء الشعب الواحد و شق وحدة صفه بعصا الطائفية، وبقدر مايشکل داعش خطرا على العراق فإنه خطر خارجي مکشوف و معروف و حتى طارئ يمکن القضاء عليه عند عودة الوعي و الثقة بالنفس الى الشعب العراقي، فإن المالکي يشکل الخطر الاکبر لأنه بمثابة الوباء المزروع في داخل
اللحمة العراقية، وان إستئصال هذا الوباء و القضاء عليه يتطلب جهدا کبيرا لأن الوباء اساسا من طهران و معد من جانب الاقبية و الدهاليز المظلمة لنظام ولاية الفقيه، وبقدر مانجد صعوبة في النجاح في تحقيق عملية الاستئصال، فإنه في نفس الوقت لامناص من ذلك أبدا لأنها قضية مصير شعب و أرض و وطن.