المعوقات السيكولوجية في الشخصية العراقية التي تحول الديمقراطية إلى كارثة
آخر تحديث:
بقلم:خضير طاهر
أُراقب مذعوراً على مستقبل العراق الدعوات التي تتراوح بين : الساذجة والعشوائية والخبيثة … للديمقراطية وإجراء الانتخابات .. وأشعر بالحزن للجمود والتخلف في الوعي السياسي الجمعي لدرجة حتى الوطنيين الشرفاء لم يدركوا بعد ان سبب فشل الديمقراطية في مجتمعنا ليس بسبب التزوير ، بل التزوير وغيره هو نتيجة للتخلف البنيوي الأصيل في الشخصية العراقية !
فالقيم العليا والأسس المنطقية للحياة ليست بالضرورة تنسجم مع المجتمعات والشعوب التي تتصرف بدافع بدائي افتراسي شيزوفريني مضاد للذات ومدمر لمصالحها والأخطر انها تفتقر الى عملية الإستبصار وإدراك عيوبها ومشاكلها طبقا لقوانين فصام العقل الشيزوفريني حسب الطب النفسي .
وما لايدركه العقل السياسي العراقي ان الديمقراطية نتيجة لبنية نفسية عقلية حضارية ، وليست سببا تعززه الممارسة ، وبما ان الديمقراطية فلسفة ومعنى وآلية فهي تعبير عن مجتمع متطور منظم أرادها كإسلوب لنظامه السياسي ، لكننا قمنا نحن في العراق وفي بعض البلدان العربية بفرض الديمقراطية بشكل فوقي عشوائي غير مسؤول لايهتم بمدى ملائمة البيئة النفسية والعقلية والإجتماعية لهذه الشعوب لمثل هذا النظام السياسي .. نعني به النظام الديمقراطي !
في مجتمع يبحث عن ( التطابق ) العاطفي والفكري والسلوكي على صعيد الأفراد والجماعة ، وأما الحرية الفردية والخروج على سلطة القطيع تعد جريمة ، إذ ليس لدينا ذلك المستوى من الوعي الحضاري بحيث (نحترم حق الإختلاف ) ، وشعارنا الدائم هو (( إما معي .. أو ضدي )) بسبب ان منطلقاتنا في فهم تنوع النفس البشري متخلفة جدا ويغيب عنا الإيمان بوجود ( الفروق الفردية ) بين البشر وبالتالي ستكون عملية ممارسة حق الإختلاف والتعبير عن الرأي وطرح المشاريع السياسية المتنوعة ، والتبادل السلمي للسلطة وباقي الممارسات الديمقراطية محكوم عليها مقدما بالفشل الذريع ، بل والتسبب في حصول المصائب للبلد مثلما حصل في لبنان ومصر وليبيا والعراق والكويت وتونس.. لاحيث نتج عن الديمقراطية والإنتخابات الفوضى وسقوط هيبة الدولة ، و صعود المجرمين واللصوص والعملاء والقوى الدينية الظلامية !
والسؤال : أمام هذا الغياب الخطير جدا لأسس الديمقراطية .. كيف نتجاسر وبلا أدنى شعور بالمسؤولية ونرتكب حماقة الدعوة للديمقراطية ونجري الإنتخابات ، ثم نشاهد بإستسلام أمام أعيننا كيف أدت الديمقراطية الى كارثة حطمت بقايا العراق ومزقته الى دويلات وقسمت المجتمع ، وفي وضح النهار تم سرقة ثروات بلدنا وإفقاره وتزايد أعداد الفقراء والجياع والمرضى فيه.. ولازلنا نردد نفس المطالب التي صنعت مأساتنا ونريد تكرار إجراء الإنتخابات !
لاشيء ينمو من دون أساس .. وأحد معوقات مجتمعنا الثابتة هي تمجيد القوة ، والبحث عن التطابق وقمع الإختلاف .. والصدمة الكبيرة هي ان هذه العيوب ليست ناتجة من جراء التخلف وغياب التعليم والثقافة والبيئة المتحضرة .. بل هي عيوب في أصل الخلقة والتكوين مثلما رأينا من سلوك الجاليات العراقية والعربية في أوربا وأميركا وكندا وأستراليا حيث أعادت هذه الجاليات تكرار تخلفها هناك ولم تتبدل وتتطور رغم التعليم الجيد والبيئة الحضارية !
ختاما .. في عهد الديمقراطية انهارت الصناعة والزراعة والتجارة والتعليم وكل شيء واستباحت إيران العراق … بينما في عهد الدكتاتور صدام حسين وكمثال على أهمية القوة واستعمالها تمكن ( الجندي شبه الأمي حسين كامل ) بفضل إستعمال القوة من بناء صناعة عسكرية ومدنية هائلة ، وحكمة التاريخ والواقع وطبيعتنا النفسية والعقلية .. تقول ان العراق لاتناسبه الديمقراطية ، بل هو بحاجة إلى القوة (و الدكتاتورية الإيجابية ) بوصاية دولة كبرى مثل أميركا على غرار التجارب الناجحة لدول الخليج العربي .