قواعد الاشتباك مصطلح جديد دخل على مفاهيم الحروب الحديثة، الذي يعني مناوشات متفق عليها وغير قابلة للتوسع، بمعنى خلافاً للحروب التقليدية التي غالبا ما يشتد فيها الصراع من اجل تحقيق نصر نهائي لأحد طرفي النزاع، مع مراعاة قواعد القانون الدولي مثل التزام الطرفان بعدم استخدام الاسلحة المحرمة دولياً او الاخذ بنظر الاعتبار تجنب الخسائر في اوساط المدنيين .. اما مفهوم الالتزام بقواعد الاشتباك هي اتفاق الاطراف المتحاربة على ضربات محدودة في رقعة جغرافية محددة ولغايات واهداف غير المعلن عنها وبتعبير ادق ان يكون العداء فوق الطاولة والتوافق تحت الطاولة اي التظاهر بالعداء في العلن والتوافق في الخفاء على اساس ان الغاية تبرر الوسيلة من اجل تحقيق منافع تصب في مصلحة الاطراف المتحاربة من خلال خداع الاخرين بخلط الاوراق والتداخل ما بين السياسة والحرب وما بين العمل الاستخباري والتظليل الاعلامي أي إستخدام ممارسات تأخذ طابع عدائي لخداع الشعوب من خلال سيناريوهات متفق عليها في صناعة مصادمات وهمية وقصف متبادل وتقدم وانسحاب ومناوشات ومهاترات اعلامية، لهذا في كثير من الاحيان يتم تهويل الخسائر بين الطرفين المتحاربين او الاصح بين الطرفين المتفقين على الحرب المضللة للوصول الى اهداف وغايات خبيثة، مثلما اتخذت امريكا من التفجير المزعوم في برجي التجارة العالمي ذريعة لاحتلال افغانستان والعراق .. وكذلك الحرب بين حزب الله واسرائيل عام 2006 التي ادت الى اضعاف مفاصل الدولة اللبنانية لكي يتمكن الحزب من الهيمنة على لبنان وتوظيف مقوماته لصالح دولة اخرى .. واليوم تعاد نفس المسرحية من خلال مناوشات متفق عليها بضربات محدودة غير قابلة للتصعيد بين الطرف الاسرائيلي وحزب الله وفق مايسمى الالتزام بقواعد الاشتباك لان الغاية من وراء ذلك رد ماء وجه ايران التي تخلت عن ما يحصل في غزة بعدما صدعت روؤس العالم بكونها رائدة المقاومة والممانعة، يعني اتفاقات سرية مبطنة تحصل في مسار الحرب او قبلها، خلاف ما يروج في الاعلام كونها حرب دفاعية وتضامن مع الاشقاء في غزة، لخداع شعوب المنطقة لتحقيق مآرب مشبوهة .. والمثال الاخر والأهم هو العداء الامريكي الايراني الذي اسس قواعد اشتباكات مصطنعة بعيداً عن اراضي الدولتين استمرت عقود من الزمن لتضليل واستغفال الكثير من الدول والشعوب بعد تفويض الماكنة الاعلامية لتروج اعلى درجات العداء المعلن، وتحت الطاولة اتفاقات مبطنة للضحك على ذقون الاخرين بعد فسح المجال بتأسيس مجاميع مقاتلة تحمل شعارات وطنية للهيمنة على دول مستهدفة بعينها وخصوصاً دول الطوق لاسرائيل وتحطيم جيوشها وشل انظمتها السياسة وجعل تلك المجاميع هي الحاكم الفعلي بعد ممارسة الخداع والتظاهر بالعداء لامريكا واسرائيل وتقوم بمناوشات محسوبة لاجل اهداف غايتها الاساسية انهاء مقومات الدولة الحاضنة لها، وبعد ذلك تظهر حقيقة تلك المجاميع بأنها ليست الا اذرع عميلة مهامها تنفيذ مهمات لصالح الدولة التي تتبعها في الولاء كما هو حال الميليشات الموالية لايران التي نفذت ضربات على القواعد والمقرات الامريكية، وبالمقابل شاهد الجميع كيف كان الرد الامريكي الخجول على مواقع تلك الميليشيات في سوريا والعراق واليمن بعد تحذيرات مسبقة تم فيها اعلام الخصم عن اماكن وتوقيت الضربات لإعطاء فرصة اتخاذ الاحتياطات اللازمه باخلاء جميع المقرات لتفادي الخسائر، وبعدها لعبت الماكنة الاعلامية دور في تضخيم تلك الضربات المحدودة وفق المصطلح الذي بات متداول في القاموس العسكري المسمى الالتزام بقواعد الاشتباك الذي يعني مناوشات متفق عليها لايهام العالم بأن هناك عداء استراتيجي بين أمريكا من جهة وايران واذرعها من جهة اخرى .. مما يعني ان مضمون هذا المصطلح ليس الا شو اعلامي لخداع الناس من اجل اهداف وغايات مشبوهة لم تعد مخفية على الجميع .
المقصود بمصطلح الالتزام بقواعد الاشتباك بقلم : طلال بركات
آخر تحديث: