بغداد/شبكة أخبار العراق – تقرير سعد الكناني .. من بين أهم الأمور المتشعبة التي تثير حفيظة المواطن هو التأخير المستمر في إقرار قانون الموازنة العامة للدولة ، وفي كل عام. ويعتقد مراقبون ان العراق احتل مراكز متقدمة في موضوع تأجيل جلسات التصويت على الموازنة وبشكل مستمر حيث حقق البرلمان العراقي رقما قياسيا في عدد حالات تأجيل هذه الجلسات وتأخير إقرار موازنة تتوقف عليها جميع نشاطات البلد. فما ان أكملت رئاسة مجلس الوزراء مشروع قانون موازنة عام 2013 وأرسلته إلى رئاسة مجلس النواب ، حتى بدأت الخلافات السياسية بالتصاعد وتوالت الشروط من قبل كتل سياسية لا سيما الكبيرة منها.هناك من ربط ما بين تضمين الموازنة تخصيصات تدفع كرواتب لقوات البيشمركة فضلا عن أكثر من 4 ترليونات دينار تدفع كمستحقات لشركات النفط العالمية التي تعمل في إقليم كردستان ، ومنهم من صار يطالب بتخصيص المبالغ التي رصدت لشراء أسلحة من روسيا ومناقلتها إلى موازنة تنمية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم. ومن هنا تستمر المعادلة الجدلية العقيمة التي دفعت برئاسة مجلس النواب إلى التأجيل على تصويت الموازنة إلى إشعار أخر ، أي إلى ان تتفق الكتل السياسية فيما بينها على الصيغة النهائية لهذه الموازنة ، وسيعلم النواب بموعد الجلسة المقبلة من خلال وسائل الإعلام. ويعزو عضو اللجنة المالية النيابية حسن اوزمن عدم الاتفاق على مشروع الموازنة العامة ، إلى إصرار التحالف الكردستاني على إدراج المستحقات المالية للشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان في الموازنة. وقال في تصريح صحفي ان ” إصرار التحالف الكردستاني على إدراج تلك المستحقات والبالغة 2ر4 ترليون دينار في أصل مشروع قانون الموازنة والذي تعارضه الحكومة ، وعدم اتفاق الجانبين على ذلك ، كان السبب الرئيس وراء تأجيل التصويت على الموازنة “. وأضاف ” كما ان عدم استكمال عملية التدقيق من ديوان الرقابة المالية الذي زار إقليم كردستان ، سبب أخر في عدم حسم الخلافات حول الموازنة “. واستبعد النائب اوزمن حصول اتفاق قريب على قانون الموازنة لانشغال النواب بشؤون محافظاتهم التي سيزورنها خلال الأسبوع المقبل. واتهم الكتل السياسية بعدم الشعور بالمسؤولية واللامبالاة سيما وان العراق يمر بفترة حرجة ولا توجد في موازنة تسير أعمال وشؤون الدولة وهم مسؤولون أمام الله والشعب العراقي عن هذا التأخير ، بحسب تعبيره ، مبديا تشاؤمه بإقرار الموازنة في المستقبل القريب. فيما كشفت النائبة عن ائتلاف دولة القانون بتول فاروق عن طلبات جديدة وردت إلى اللجنة المالية ، من التحالف الكردستاني تتضمن الحصول على نصف موازنة النفط الواردة من عمليات تصدير النفط من الإقليم إضافة إلى نسبة الإقليم التي تسببت برفع جلسة المجلس يوم أمس والبالغة 17 بالمائة.واستغربت من عدم حصول توافق بين القائمة العراقية والتحالف الوطني لإقرار الموازنة بدلا من تواصل الطلبات التي وصفتها بالتعجيزية وعمليات عرقلة إقرار الموازنة.وأشارت إلى ان ” الحسابات السياسية تمنع إقرارا لموازنة ، وهذا يعد أمرا خطيرا ، فبلد مثل العراق يمر بهذه الأزمات المتلاحقة ، وميزانيته لم تقر ونحن في نهاية الشهر الثاني ، أما الخاسر الأكبر فهو الشعب العراقي “. لكن النائب عن القائمة العراقية حيدر الملا اتهم ائتلاف دولة القانون والتحالف الكردستاني بإبرام صفقة تسببت بتأجيل إقرار الموازنة ، بحسب قوله .وقال انه ” على الرغم من ان نواب القائمة العراقية حضروا الاثنين بشكل فاعل إلى جلسة مجلس النواب للتصويت على مشروع قانون الموازنة ، ولكن تم تأجيلها لوجود صفقة بين دولة القانون والتحالف الكردستاني “.وتابع :” وبذلك فأنهم قدموا المصالح الحزبية على مصالح الشعب العراقي من اجل تحقيق مكاسب للكرد ودولة القانون ” .وأوضح ” ان تلك الصفقة لم تراع مطالب الشعب دعوات منظمات المجتمع المدني ، كما لم تراع المرجعيات الدينية التي تطالب بضرورة الإسراع بالتصويت على الموازنة “.وعلى الصعيد ذاته أكدت حكومة إقليم كردستان استعدادها إرسال وفد إلى بغداد ، إن تطلب الأمر ، لبحث مشروع قانون الموازنة الاتحادية ، داعية إلى إعادة النظر في مشروع قانون الموازنة وإضافة فقرة دفع مستحقات الشركات النفطية العاملة في الإقليم ، للقانون. وأوضح المتحدث الرسمي باسم حكومة الإقليم سفين دزيي في تصريح صحفي ، أنه ” لم يتقرر إرسال وفد من إقليم كردستان إلى بغداد بشأن مشروع الموازنة ” مؤكداً أن ” حكومة إقليم كردستان في تواصل مستمر مع اللجنة المشكلة لتسوية الخلافات بشأن الموازنة “.وشدد على أنه إن ” كانت هناك حاجة لحضور وفد من وزارة الثروات الطبيعية أو وزارة المالية في حكومة إقليم كردستان في بغداد ، فإقليم كردستان مستعد لإرساله “. ورأى أن ” الحكومة الاتحادية هي التي يفترض أن تدفع مستحقات الشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان ، وذلك بموجب الاتفاق الذي تم بين اربيل وبغداد في أيلول 2011 “.ولفت دزيي إلى أنه ” تم دفع جزء من هذه المستحقات ، أما الباقي والذي يقدر بـ 150 مليار دينار فلم تدفع بعد ” مبيناً ان “مسودة مشروع قانون الموازنة لا تتضمن فقرة دفع مستحقات الشركات النفطية “.ودعا إلى ” إعادة النظر في مشروع قانون الموازنة وإضافة فقرة دفع مستحقات الشركات النفطية العاملة في الإقليم للقانون “. وكان مقرر مجلس النواب محمد الخالدي اعلن انه تم الاتفاق على حضور وزير الثروات الطبيعية في إقليم كردستان إلى مجلس النواب لدراسة موضوع مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة في الإقليم.وقال انه في “حال تعذر حضور الوزير إلى بغداد فيمكنه إرسال تقرير عن نقاط الخلاف بشأن تلك المستحقات البالغة 2ر4 ترليون دينار”.وأكد ان مجلس النواب رفع جلسته إلى إشعار أخر لحين التوصل إلى حلول لنقاط الخلاف حول بنود الموازنة لاتحادية.فيما أوضح النائب عن ائتلاف دولة القانون احمد العباسي ان المجلس سيعقد جلسة استثنائية في أي وقت يتم الاتفاق فيه على الموازنة للتصويت عليها. فيما أكد التيار الصدري على مواصلة الاعتصام أمام مجلس النواب لحين إقرار الموازنة .وقال احد منظمي اعتصام التيار الصدري الشيخ عبد الهادي المحمداوي في تصريح صحفي إن ” مقتدى الصدر أرسل رسالة للمعتصمين أمام المنطقة الخضراء، يدعوهم للاستمرار باعتصامهم لحين إقرار قانون الموازنة”، مؤكدا أن “المعتصمين سيبقون في مكانهم تلبية لدعوة الصدر”.وكان موفد رئاسة البرلمان وعدوا المعتصمين من التيار الصدري أمام المنطقة الخضراء، وسط بغداد، بحسم قانون موازنة العام الحالي 2013، خلال اليومين المقبلين، فيما رفض المعتصمون تلك الوعود، وأكدوا أنهم باقون لحين إقرار الموازنة. ونظم الآلاف من التيار الصدري، من يوم أمس الثلاثاء، تظاهرة أمام المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، للمطالبة بإقرار الموازنة المالية للعام الحالي 2013، منددين بالجهات السياسية التي تعرقل إقرارها.