أكثر من أربعة آلاف كيلومتر مسافة الحدود البرية الفاصلة بين العراق ودول الجوار.. أطولها الحدود
( العراقية – الإيرانية ) إذ تتجاوز ألفا ومئتي كيلومتر وأقصرها مع الكويت ولا تتجاوز مئة وتسعين كيلومتر تقريبا وما تبقى يوزع بين حدود العراق مع تركيا وسوريا والأردن والسعودية .. أما الحدود البحرية فيرتبط العراق بمسافة ضيقة جدا مع الكويت وإيران كانت سببا في إندلاع مشاكل وحروب عدة وبخاصة مع إيران التي تتقاسم عنق الطريق البحري للعراق وهو شط العرب وما سببه الخلاف على تقاسمه من حرب إستمرت ثمان سنوات ! وأعتقد جازما أن معظم مشاكل العراق مع دول الجوار كان للمنافذ الحدودية والسيطرة عليها أو تقاسم النفوذ فيها ، دور كبير في تأجيج الصراع بسببها..المنافذ الحدودية تشيد بين أي دولتين بعد إتفاق مسبق يعتمد على القوانين الدولية وتبادل المعلومات والمصالح المشتركة ويسيطر على حركة عبور الناقلات والمسافرين للمنافذ البرية وكذلك يتكرر الأمر على المنافذ البحرية والجوية.. أغلب دول العالم كثفت وزادت من عديد قواتها العسكرية والأمنية المرابطة بينها وبين دول الجوار وبخاصة إذا كانت إحدى الدولتين تعاني من اضطرابات وعدم إستقرار أمني كما يحدث الآن في المنطقة.. قبل عام
( ٢٠٠٣ ) تمكنت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ حكومات العهد الملكي وحتى عام ( ٢٠٠٣ ) المحافظة بنسب متفاوتة على أمن المنافذ الحدودية بين العراق ودول الجوار.. وبعد توسع وزيادة حجم التبادلات التجارية و الصناعية كان لابد من إفتتاح منافذ أخرى تعود بالفائدة للطرفين، المعضلة الأساس كانت عدم القدرة(ولحد الآن ) في السيطرة على منافذ المناطق الشمالية لكونها تقع في مناطق جبلية وعرة وتعرضت لعقود متواصلة لإضطرابات وصراعات عسكرية وسياسية ماقلل من أهميتها بشكل عام..بعد عام ( ٢٠٠٣ ) إستباحت قوات الإحتلال الأمريكي الحدود العراقية وفتحت محاور جديدة وتحديدا من جهتي السعودية والكويت ، أما الحدود الشمالية المحاذية لتركيا فكانت تحت سيطرة السلطات الكوردية .. الإيرانيون فتحوا حدودهم بالتزامن مع بدء الحرب واندفعت من خلالها فصائل المعارضة العراقية نحو مدن الجنوب وبغداد.. تبقى منافذ المنطقة الغربية التي استمرت بضخ ونقل البضائع والسلع من ميناء العقبة على البحر الأبيض المتوسط إلى مدن العراق بدون توقف؛ ما أفقد يوما بعد يوم أهمية جميع المنافذ الحدودية الأخرى والاعتماد المطلق على منفذ الكرامة (طريبيل ) الحدودي مع الأردن , أما بقية المنافذ فقد تحولت إلى أبنية متروكة ومهملة بعد سرقتها وتحطيم وحرق عدد من أبنيتها .. انتبهت السلطات العراقية بعد ( ٢٠٠٣ ) إلى هذا الأمر فكان لابد من إعادة الحياة للمنافذ المتروكة أو إفتتاح منافذ جديدة لأن الإعتماد على منفذ واحد في منطقة غير مستقرة أمنيا يعرض الإقتصاد العراقي إلى خطر كبير.. في الشمال لا يمكن إفتتاح منافذ أخرى مع منفذي الخابور وابراهيم الخليل مع تركيا أو منفذ بنجوين وحاج عمران وباشماق وباسني مع إيران لأن حكومة الاقليم مسيطرة بالكامل على منافذ المناطق الشمالية ولديها إتفاق أبرم مع الاتراك يقضي بإفتتاح أربعة منافذ واحد مع أربيل وثلاثة مع دهوك !مع السعودية ورغم وجود منفذ قديم وكبيرة وهو عرعر لم يوافق السعوديون إلا على تخصيصه لعبور الحجيج.. وكذلك الكويتيون وإصرارهم على عدم زيادة المنافذ البرية والإبقاء على منفذ سفوان فقط.. بقية المنافذ مع سوريا كربيعة من جهة نينوى والقائم والتنف في الأنبار لا يمكن الإستفادة الإقتصادية منها إلا بحدود ضيقة أو للمسافرين فقط.. وعليه فقد لجأت السلطات المختصة في العراق وإيران إلى إعادة الحياة وتأهيل منافذ الشلامجة والشيب وبدرة وزرباطية والمنذرية ومندلي وسومار وبرويز خان وهي المنافذ الوحيدة العاملة الآن بعد إغلاق منافذ ربيعة وسيطرة قوات الاحتلال الداعشي على منفذي القائم والتنف .. أما منفذ طريبيل فهو أقرب نقطة للوصول إلى الموانئ العالمية في أوربا وأمريكا وقصر المسافة لتفريغ الحمولات داخل الأراضي العراقية بسهولة لوقوعه في وسط العراق بينما تفتقد المنافذ الأخرى هذه الخواص فسفوان مع الكويت تبلغ أجور التحميل والتفريغ والتوصيل لأي بضاعة من الخليج العربي عشرات أضعاف طريبيل وكذلك مع إيران وهي لا تعود بالنفع إلا لإيران والصناعة والزراعة والتجارة فيها ولفائدة بعض الأحزاب والقوى السياسية في العراق التي تقاتل على عدم الإعتماد على منفذ طريبيل والإبقاء على منافذ العراق مع إيران لأنها هي المسيطرة كليا أو بصورة جزئية على تلك المنافذ .. أما طريبيل وسيطرة الحكومة العراقية عليه سيؤدي حتما إلى إبطال مشاريع تآمرية كبيرة .. فمنافذ العراق مع إيران خارج سيطرة الدولة وهناك شبه تقاسم للسيطرة عليها وعلى رسومها والموافقة على مايدخل إلى العراق ومايخرج منه ، بين أحزاب سياسية وقوى دينية معروفة والخروقات والتجاوزات التي حدثت في هذه المنافذ معروفة والقوى المسيطرة عليها معروفة أيضا والحكومة على علم بها لكنها عاجزة عن التدخل للحد من هيمنة تلك الأحزاب لأنها أصلا بالإتفاق المسبق مع الإيرانيين ما يبقي باب الخطورة مفتوحا على مصراعيه وثغرة التأثير السلبي على التجارة والصناعة والزراعة المحلية وتسويق سلع يصدرها مزاج التاجر الإيراني ويستوردها تجار عراقيون بلا أي رقابة أو حسيب !