أربيل: شيرزاد شيخاني :أجرى نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، مباحثات مهمة مع مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، وقادة الإقليم بشأن القضايا الخلافية التي تعصف بالحكومتين الاتحادية والإقليمية. والتقى أثناء زيارته أربيل أمس برئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني الذي حضر جانبا من اجتماع مجلس الوزراء العراقي، قبل أن يتوجه إلى قاعة أخرى بانتظار انتهاء الجلسة الحكومية لعقد اجتماع ثان للجنة العليا المنبثقة عن الاتفاقية التي وقعها الجانبان خلال زيارة رئيس حكومة الإقليم الأخيرة إلى بغداد.
وكان وزراء الحكومة الاتحادية قد وصلوا إلى مطار أربيل الدولي على طائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية في تمام الساعة الـ9:10، أعقبها وصول الطائرة العسكرية الخاصة برئيس الوزراء العراقي الذي رافقه نوابه الدكتور روز نوري شاويس والدكتور حسين الشهرستاني والدكتور صالح المطلك.
وكان في استقبال المالكي بالمطار مسعود بارزاني، رئيس الإقليم، ونيجيرفان بارزاني وكوسرت رسول علي والدكتور برهم صالح نائبا الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني وعدد كبير من مسؤولي الحكومة والأحزاب الكردستانية. وفور وصوله، توجه المالكي إلى قصر المؤتمرات بأربيل وعقد في الساعة العاشرة صباحا اجتماع مجلس الوزراء الاتحادي بحضور كامل أعضائه. وخرج صالح المطلك نائب رئيس الوزراء إثر انتهاء الاجتماع وأدلى بتصريحات مقتضبة للصحافيين شدد فيها على ضرورة انسحاب جميع قوات البيشمركة الإضافية التي أرسلت إلى المناطق المتنازع عليها مؤخرا، مع تأكيده على عدم جواز تهجير أو طرد العرب الوافدين إلى كركوك، وهو الأمر الذي دعا إليه محافظ المدينة الدكتور نجم الدين كريم وأعطى مهلة أسبوعين لهؤلاء العرب الوافدين لترك المدينة والعودة إلى مناطقهم السابقة.
وبعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء دخل المالكي يرافقه كل من طارق نجم مدير مكتبه ومستشاره فالح الفياض، برفقة كل من نيجيرفان بارزاني وعماد أحمد والدكتور فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، إلى قاعة اجتماعات أخرى لعقد اجتماع اللجنة العليا المؤلفة من هؤلاء الستة، وتقرر في الاجتماع الاتفاق حول أسماء أعضاء تلك اللجان من الجانبين وتفعيل اللجان الفرعية الست المشكلة وفق اتفاقية بغداد وهي لجنة حل الخلافات حول العقود النفطية وعوائد النفط، ولجنة لتفعيل المادة 140 من الدستور المتعلقة بتطبيع أوضاع المناطق المتنازع عليها، ولجنة صياغة مسودة قانون مشترك للنفط والغاز، ولجنة الموازنة، ولجنة عسكرية وأمنية لإدارة شؤون المناطق المتنازع عليها بصورة مشتركة، ولجنة مراجعة القوانين المعروضة على البرلمان العراقي.
وبعد استراحة لتناول طعام الغداء، عاد المالكي للقاء رئيس الإقليم مسعود بارزاني، وبحسب اتفاق الطرفين جرى تحويل اللقاء إلى اجتماع مغلق ضم الاثنين، من دون مشاركة أي من المسؤولين المرافقين لبارزاني والمالكي.
وبعد انتهاء الاجتماع عقدا مؤتمرا صحافيا مشتركا تحدث خلاله رئيس الإقليم معتبرا زيارة المالكي «مهمة جدا، وستشكل بداية لإزالة كل الإشكالات بإذن الله». وأضاف: «اتفقنا على تفعيل اللجان التي تم الاتفاق عليها لبحث كل المشكلات وإيجاد الحلول لها، واتفقنا على أن نتعاون لحل جميع المشكلات التي تواجه العراق بشكل عام، وأن نتعاون بعد الآن بشكل أخوي وودي، ونجعل الدستور هو المرجع وهو الحكم في كل المسائل أو الخلافات التي قد تحدث، ومن الطبيعي أن تحدث، لكن هناك تصميم على أن نذلل كل العقبات ونحتكم إلى الدستور في حال وجود اختلاف على أي موضوع».
من جانبه قدم المالكي شكره وتقديره لحسن الاستقبال، وقال: «كان استقبالهم وديا وأخويا، ولقاؤنا هذا هيأ الأجواء والمناخات التي جعلت من هذه الزيارة فعلا محطة من محطات العمل المشترك والتعاون في فتح كل الملفات التي ينبغي أن نتعاون عليها سواء ما يتعلق بالعلاقة بين إقليم كردستان أو الحكومة الاتحادية، وفتحنا ملف الأوضاع العراقية بشكل عام، فنحن يهمنا أن يستقر العراق وأن تهدأ الأوضاع لصالح بناء العراق بناء ديمقراطيا اتحاديا بدستوره الذي نحرص عليه، وتناولنا أيضا التطورات التي تعيشها المنطقة وآثارها ومخاطرها علينا في العراق وما ينبغي أن نتخذ من إجراءات تعاونية لمنع انتشار ظاهرة الاضطرابات التي تعيشها المنطقة إلى العراق، وراجعنا كذلك كل ما تم في الزيارة السابقة للأخ رئيس حكومة إقليم كردستان إلى بغداد وما تمخض عنها من تشكيل لجان لمناقشة كل القضايا العالقة المشتركة بين الإقليم والمركز، لم نتحدث عن مكون دون مكون إنما تحدثنا عن العراق، ككل، وأنا في أربيل عاصمة إقليم كردستان أوجه كلامي وشكري وتحياتي للشعب الكردي وأثمن التاريخ النضالي والمعانات الذي عاشها هذا الشعب في ظل الأنظمة الديكتاتورية، وما وقدموا شهداء في حلبجه والأنفال ولذلك نجد من اللازم علينا في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم أن نمد يدنا بالعون والمساعدة وتخفيف المعاناة عن كل ضحايا النظام السابق الأنفال أو حلبجه أو المقابر الجماعية أو الانتفاضة الشعبانية وكل الذين مارس النظام معهم كل ألوان العنف والقتل والتدمير، ولهذا لا بد وأن تكون هناك اتفاقية مشتركة ذات طابع مركزي، وأن تخصص الموارد اللازمة الاتحادية ما يمكن أن يخفف من معاناة عائلات الضحايا والذين يحتاجون إلى خدمات، هناك قضايا كثيرة متعلقة بمسائل تحتاج إلى حلول، وأهم هذه الأمور هو إيجاد أجواء إيجابية ومناخات ملائمة والتي تعتبر مقدمة ضرورية لكل العمل الذي نريد أن نتقدم فيه وهو تهدئة الأوضاع بشكل عام في العراق وخصوصا بين الإقليم والحكومة الاتحادية، ثم التوجه نحو تفعيل دور اللجان المشكلة لبحث كل المشتركات التي ينبغي أن تبحث، فهدفنا هو الوصول إلى عملية استقرار متكامل، وأن نمضي على أساس الدستور والمصالح المشتركة التي نعتقد أن فيها خدمة شعنا بكل مكوناته ودون أن نغفل خدمة أي مكون من المكونات التي تشترك معنا في هذا الوطن».
ووجهت «الشرق الأوسط» سؤالا المالكي حول ما إذا بحث مع بارزاني الخلافات الدستورية، خصوصا وأن مجمل المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد تتعلق بتفسيرات متناقضة للدستور من الطرفين، مثل حق تطوير القطاع النفطي في الإقليم، وإبرام العقود النفطية والخلاف حول المادة 140 وكذلك الخلاف حول موازنة البيشمركة التي تصر وزارة البيشمركة الكردية بأن الدستور يعترف بحق البيشمركة من الموازنة الاتحادية للتسليح والتدريب والتجهيز، فأجاب المالكي، مسألة التعديل الدستوري مسألة صعبة تحتاج إلى تفويض شعبي على أي تعديل، فحتى لو كان الهدف هو تغيير حرف واحد بالدستور، فإنه يحتاج إلى تصويت شعبي، لكننا اتفقنا على أن بعض القضايا مثلا المتعلقة بالمادة 140 أو المتعلقة بالبيشمركة هناك أوليات لا نستطيع أن نحسم القضايا العالقة من دونها، ولذلك سنمضي سويا في إنجازها، مثلا من أجل حسم مشكلة المناطق المتنازع عليها أو المادة 140 لا بد أن يكون هناك تعداد سكاني ونحن جاهزون وعازمون إن شاء الله في هذه السنة أن نصل إلى مرحلة التعداد السكاني لحسم القضية، ثانيا نحتاج إلى تفعيل قانون حدود المحافظات المرفوع من قبل رئيس الجمهورية، والآن هو موجود في مجلس النواب ونطالب المجلس بتفعيله حتى إذا أصبح عندنا تعداد وعينت حدود المحافظات، تبقى بقية المسائل سهلة لحسم القضايا المتنازع عليها حسب طبيعة السكان الموجودين في كل منطقة، عندها سيكون لهم الحق بأن يختاروا إلى أي جهة ينتمون.