بغداد/ شبكة أخبار العراق- بغداد بعد الساعة 12 ليلا تتوقف حركة المواطنين بشكل إجباري لأنه “منع تجوال” ، عند مدخل الكرادة من جهة حي الجادرية، وسط بغداد، كانت نقطة تفتيش للشرطة الاتحادية تحتجز طابور سيارات، تَخلف أصحابها عن توقيت حظر التجوال في الساعة الثانية عشرة ليلاً.في مقدمة الطابور، كان سائقٌ في عقده الثالث يناشد، بصوتٍ يرتجف، ضابط النقطة السماح له بالعبور “زوجتي في السيارة. حالتها خطرة، وعليّ إيصالها إلى مستشفى الراهبات”.وكانت الراهبات التي تبقى بأبواب مفتوحة حتى الصباح، لا تبعد سوى كيلو متر واحد.وبدأت فوضى منبهات العجلات، احتجاجاً، على الانتظار في هذا المكان بعد نحو نصف ساعة من السقف الزمني للحركة في العاصمة بغداد، فيما قرر الضابط نقل المريضة إلى المستشفى، بسيارة النجدة.البقية ينتظرون، وكان الجنود يتحدثون معهم عن ضرورة الالتزام بالوقت، والعودة إلى المنزل قبل تطبيق حظر التجوال.في منتصف الطريق إلى المستشفى، أوقفت نقطة متحركة للجيش العراقي سيارة دورية النجدة: “أين تذهب؟ ومن هؤلاء المدنيون”.حاول ضابط الشرطة تفسير ما حدث، ودار حديث بين الجيش والشرطة، قبل أن تصرخ المريضة، فانتبه الجنود، وفتحوا الطريق إلى المستشفى.صوب الكرادة مع حظر التجوال، قد تجمل مشهد العاصمة بغداد، وهي تقلص حركتها ونشاطها مع التوقيت الجديد، للأجهزة الأمنية.وأعلنت قيادة عمليات بغداد، الشهر الماضي، زيادة ساعات حظر التجوال، الذي صار يبدأ من الساعة الثانية عشرة، وينتهي في الرابعة فجراً.ويذكّرُ هذا التوقيت العراقيين، بأيام الحرب الأهلية في عامي 2006 و2007.ويقول حيدر احمد (24 عاماً)، وهو مالك لمجموعة محال لبيع الملابس الرجالية في منطقة “بغداد الجديدة”، إن وارداته اليومية انخفضت خلال شهر آب الماضي، ويتوقع أن يستمر هذا الوضع لشهر أيلول الحالي.وامتعض أحمد من الإجراءات الأمنية التي تزداد تشديداً، مع تصاعد هجمات المسلحين على مراكز لتجمع المدنيين. ويقول “حظر التجوال، والسيطرات التي تسبب كل هذا الزحام، لم يقضيا على الإرهاب”.ويعتقد شوان محمد طه، العضو الكردي في لجنة الأمن البرلمانية، أن “خطط الأمن في بغداد مكشوفة للمسلحين، وقادة الأمن يكررون تنفيذ أفكار كلاسيكية سبق وأن نُفذت في الشارع”.ويقول طه، إن “منظومة المعلومات الأمنية، وتعزيز التنمية، والتهدئة السياسية، أكثر تأثيراً من 100 ألف جندي على الأرض”. لكن الهجمات الأخيرة في بغداد، دفعت الأجهزة الأمنية إلى تشديد القبضة الأمنية في الشارع.في منطقة البتاوين، وسط بغداد، حيث عشرات العمال الذين يشتغلون في ورش ومعامل ومطابع أهلية، حتى وقت متأخر من الليل، بدأ الجميع يبحث عن غرف للمبيت، بعضهم يقضي الليل في كراجات السيارات.يقول سجاد عمران 33 عاماً، وهو عامل في ورشة لصناعة الأبواب، إنه لم يعد إلى منزله منذ أيام عدة.وأضاف “آخر مرة رأيت فيها ابنتي الصغيرة كانت قبل نحو أسبوع، والسبب حظر التجوال”.عمران والعشرات من زملائه ينجزون أعمالاً ليلية، تتطلب منهم البقاء أي ورشهم حتى الحادية عشرة والنصف ليلاً، وما بقي من الوقت، قبل حظر التجوال لا يكفيهم للعودة إلى المنزل.ويعني حلول الساعة الحادية عشرة ليلاً دخول اللحظة الحرجة في بغداد. ويبدأ الجميع بالتحرك سريعاً في سبيل العودة إلى المنزل.يقول مؤيد راضي، وهو شرطي مرور في حي القاهرة، إن شوارع بغداد تبدو في حالة فوضى بعد الساعة الحادية عشرة، ومنظر السيارات المسرعة يشبه حركة هاربين من مفخخة قد تنفجر في أي لحظة. وتابع “كلهم مسرعون، ويفرون من الشوارع إلى مناطقهم السكنية”.ويقول مصدر في استخبارات الداخلية “ليس هناك مفر من هذه الإجراءات، نشعر بأن الجيش والشرطة يفقدان المبادرة على الأرض، وعليهما استعادتها من الإرهابيين”.وأضاف المصدر، أن “أفكاراً جديدة يطبقها الجنود في الشارع، من بينها نشر عناصر بزي مدني عند الإشارات المرورية، تقوم بتفتيش السيارات بشكل مفاجئ”.ثمة رابحين من حظر التجوال. المراهقون في الأحياء السكنية يخرجون إلى الشوارع الرئيسة ليطلقوا مباريات كرة القدم، بينما الكبار الذين تمكنوا من العودة إلى عائلاتهم قبل حظر التجوال يفترشون الأرصفة، يشجعون صغارهم.مع ذلك، هذه الأوضاع يبدو أنها تؤثر سلباً على الحياة العامة للسكان.وتقول نغم نادر، أستاذة علم الاجتماع، إن زيادة ساعات حظر التجوال، تعني تقليص ساعات اليوم، وتراجع المعدل الزمني لحركة الأفراد، وهذا سيؤدي إلى مزيد من الضغط السلبي على العراقيين.