بغداد/شبكة أخبار العراق- عد كل ما يمكن أن نكتسبه، ونحن نرى تحول حياتنا إلى ما كنا نتمناه، لا يمكن إلقاء اللوم عليها في فترة لم نكن بها مهيئين لمثل هذا اليوم، ففي صيف العام 1956، ستيفنز بتلر كبير الخدم والطاعن في السن من دار لينجتون هول يشرع في يوم عطلة إلى رحلة ستقوده إلى عمق الريف الإنكليزي حيث سيجد ماضيه بانتظاره، هكذا تبدأ الرواية أحداثها، وتمت كتابتها بأربعة أسابيع فقط حازت بعدها جائزة “مان بوكر” في سلسلتها المعروفة- الرواية الكلاسيكية العام 1989 لتقدمها السينما العالمية العام 1993 بتكييف قصتها حيث تولى بطولتها إيما تومسون وأنتوني هوبكنز وكريستوفر ريف من اخراج جيمس افوري .الكثير من الكتاب يعملون لساعات طويلة عندما يتعلق الأمر بكتابة رواية، هكذا وجدت نفسي أقضي أربع ساعات أو نحو ذلك من الكتابة المستمرة لكي أنجز كتابتها، كان ذلك في صيف العام 1987 حيث أصبحنا أنا وزوجتي لورنا على قناعة أن هناك ثمة حاجة إلى نهج جذري بإكمالها، من هنا لم أتخل عن العمل ذاك حتى اليوم محافظا بالوقت نفسه على إيقاع كامل للعمل والإنتاج، حتى مع روايتي الثانية ” فنان من العالم الطليق” 1986 مع ان إغراءات النجاح التي رافقت صدور روايتي ” بقايا اليوم” جلبت معها العديد من الانحرافات من دعوات على العشاء من جمعيات مختلفة ورحلات خارجية.وبعد ما يقرب من عام على هذا المنوال قررت لورا أن أكون بعيدا عن تلك الدعوات، بعد أن رأت أنني يجب أن أنظم حياتي وفق برنامج محدد، حيث تقرر أن يكون موعد الكتابة من الاثنين إلى السبت من الساعة التاسعة حتى العاشرة والنصف صباحا، أتوقف بعدها ساعة واحدة لتناول طعام الغداء واثنتين لتناول العشاء مع عدم التقرب خلال تلك الفترة من بريدي وهاتفي أو حتى استقبالي للضيوف. كانت الجمل بداية كتابتها قاسية نوعا ما وحواراتها بشعة ما حداني إلى حذف الكثير من مشاهدها تلك، وقد استغرق مني ذلك أربعة أسابيع، كنت أراجع خلالها مزيدا من المعلومات التي سوف أعتمد عليها في أحداث الرواية. هنا لا بد أن أشير إلى اثنتين من المشاهدات كانتا قد شكلتا تأثيرا واضحا عليّ مع أنهما أقل وضوحا من سابقاتها:
1- في منتصف سبعينيات القرن الماضي كنت أمر بمرحلة المراهقة فحضرت لمشاهدة فيلم ” المحادثة ” من إخراج فرانسيس فورد كوبولا، اضطلع ببطولته جين هاكمان الذي كان يلعب فيه دور خبير لمراقبة الاتصالات، يعمل بأجر للأشخاص الذين يريدون التنصت على غيرهم سرا، هاكمان كان يريد أن يبدو الأفضل في عمله، ولكي يصبح كذلك فقد زود زبائنه بالكثير من الأسرار التي أدت إلى عواقب وخيمة بما في ذلك القتل، حينها اعتقدت أن هذا الانموذج لا يمكن أن أقلده، لكنني استفدت منه كأنموذج مبكر لستيفنز بتلر بطل روايتي .
2- اعتقدت ان ” بقايا اليوم ” انتهت، لكني بعد ذلك سمعت أغنية عن جندي ترك حبيبته تنام ليعدو بعيدا حيث القطار الذاهب إلى الجبهة، هكذا تتحدث الأغنية التي لم أجد أية غرابة فيها بسبب أننا جميعا عشناها، لكنها عنت الكثير لدي لأنني غير معتاد على ارتداء العواطف في غير محلها، سمعت المغني يتفطر ألما، قلبه منكسر وهذا ما لم احتمله حينها بسبب توتر مشاعري التي لم أستطع التغلب عليها، ما جعلني وأنا أكتب الرواية، أن أحافظ على خطها الدرامي في دائرة عواطف بطلها حتى نهايته المريرة، حيث قررت أن اختارها بعناية، التي من شأنها أن تخلق جوا من الرومانسية المأساوية لم استطع إخفاءها حتى النهاية .