بغداد/ شبكة أخبار العراق- استغل “مقتدى الصدر” أجواء “العراق” المضطربة، للحصول على المزيد من تنازلات رئيس الوزراء، بحسب مفكر عراقي شيعي، كان وزير الصحة، “علاء العلوان”، قد قدم استقالته لأنه رفض “صفقة اللقاحات”، التي أبرمها تيار “مقتدى الصدر” وأراد فرضها على الوزير، ولأن الوزير وجدها فاسدة؛ ولم يقف رئيس الوزراء معه في التصدي للفساد، فقد قرر الرجل الاستقالة، حاول “عادل عبدالمهدي” خداع الرأي العام العراقي ـ والخداع حرفته ـ بأن نشر رسالته إلى “وزير الصحة” المستقيل، يقول فيها أنه يرفض استقالته ويمنحه إجازة مفتوحة لحين عودته ثانية لممارسة عمله.واستغل “الصدر” الموقف فوقع اختياره على، الدكتور “جعفر علاوي”، وهو طبيب معروف، لكنه بعيد عن “العراق” منذ زمن طويل، ومتقدم في العمر، وبعيد عن السياسة العراقية وتعقيداتها ومحاورها، وهذه مواصفات يبحث عنها “مقتدى الصدر”، (حامل لواء الإصلاح)، فصفقات تياره لابد أن تتواصل، وأن أفضل ظروفها حين تشتد الأزمات وتتدهور الأوضاع، فهذه هي الأجواء المثالية لسرقة المزيد، هذا بحسب الكاتب العراقي.
ويقول “سليم الحسني”، الأستاذ المتقاعد في الهندسة الميكانيكية بجامعة “مانشستر”: “تجمعت عدة مصالح لتنتج صفقة فساد جديدة، صنعها مقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي وعادل عبدالمهدي. وقد حصل مكتب عادل عبدالمهدي على رشوة بلغت (17) مليون دولار من جماعة الحلبوسي مقابل تمرير مرشحتهم، (سها خليل)، واخفى رئيس لجنة التربية، وهو من تيار مقتدى الصدر، (قصي الياسري)، أسماء المرشحين في الكتاب الموجه لرئاسة البرلمان، فلم يضع فيه أي اسم، وأرفق معه السيرة الذاتية لمرشحة الحلبوسي فقط، (سها خليل)، وهذه الخطوة كانت مخادعة؛ وهي تزوير من نوع جديد لتضليل أعضاء اللجنة. ومقابل هذه الخدمة، يبادل الحلبوسي، التيار الصدري، بخدمة مماثلة وهي إقناع النواب للتصويت على وزير الصحة، (جعفر علاوي)، وبذلك ينتهي أمر الإجازة المفتوحة التي منحها، عادل عبدالمهدي، للوزير، (علاء العلوان)، وتنتهي الاعتراضات على صفقات التيار الصدري في وزارة الصحة، فيصبح الطريق مفتوحًا أمامه مع الوزير الجديد”.
ويتابع “الحسني”: “تعهد الحلبوسي بمساندة، عادل عبدالمهدي، وتعطيل استجوابه المُقدم من قِبل أكثر من خمسين نائبًا، وبذلك يضمن بقاءه رئيسًا للوزراء، في حال وصول مرشحته إلى وزارة التربية.“وفي جلسة البرلمان، يوم الخميس، (10 تشرين أول/أكتوبر 2019)، اعترض قسم من النواب على ترشيح، (جعفر علاوي)، وغادروا القاعة، مما وضع محمد الحلبوسي في موقف صعب، فمع تركهم القاعة ستنهار الصفقة كلها، وهذا ما جعله يتوسل بالنواب المغادرين للعودة إلى القاعة والتصويت على وزير الصحة. وقد نجح في مسعاه، خاصة أن الموافقة على الصفقات وأجورها سهلة في أجواء الأزمات”.
ويسرد “الحسني” تفاصيل الصفقة بين رئيس الحكومة ورئيس البرلمان والزعيم الإصلاحي، قائلًا: “عادل عبدالمهدي؛ ضمن بقاءه في السلطة، بدعم من الحلبوسي ومقتدى الصدر، وحصل الحلبوسي على وزارة التربية، وأحتفظ تيار مقتدى بوزارة الصحة ضمن مملكتهم الواسعة بصفقاتها الفاسدة، وتخلصوا نهائيًا من احتمال عودة الوزير، (علاء العلوان). وحصل مدير مكتب رئيس الوزراء، (أبوجهاد الهاشمي)، على عدة ملايين من الدولارات يضيفها إلى مئات الملايين التي جمعها خلال عام من عمر هذه الحكومة؛ عن طريق الفساد السهل … جرى ذلك، بعد خطابين مملوئين بالتعهدات ألقاهما عادل عبدالمهدي، وضع فيهما حشدًا من الوعود بمحاربة الفساد وتلبية طلبات الشعب ومحاسبة المقصرين”.مضيفًا: “لا تنتهي أكاذيب هذا الرجل وخداعه، لقد حملها على ظهره جيلاً بعد جيل، فرأسه يُنتج المؤامرات وما يخدع به بعض الجهات”.
في ظروف بالغة الحساسية والخطورة، ومع تصاعد الدعوات لإصلاح عاجل، نرى أن رئيس الوزراء يتعمد القيام بخطوات استفزازية للشارع العراقي، من خلال استمراره في تعيينات تخدم الكتل السياسية، وخاصة كتلة (سائرون)، وآخرها تعيين، “جعفر الونان”، لرئاسة “شبكة الإعلام”، وهو من كتلة (سائرون)، والأكثر استفزازًا أنه ابن عم أمين عام مجلس الوزراء، “حميد الغزي”، وهذا ما يجعل علامات استفهام كثيرة تطل برأسها.
هل يريد “عادل عبدالمهدي” التهدئة ؟.. أم خلق المزيد من عوامل الاضطراب ؟.. ولماذا هو مطمئن إلى هذا الحد للاستمرار في منصبه … إن كان “عبدالمهدي” يأمل في البقاء باستمرار الدعم الإيراني والبرلمان النفعي ومدعي الإصلاح الإنتهازيين أمثال “الصدر” فهو واهم لأن الكلمة الأخيرة ستكون للشعب القائد والمعلم.
وبرغم دعوة “الصدر” للمتظاهرين والهتاف ضد “أميركا” و”البعث”، وهذا ما يعتبره المراقبون أنه سيعيد التوازن إلى المشهد، ويقلل من أخطار محاولة نشر وتسييد العداء للهيمنة الإيرانية فقط؛ والسكوت على الاحتلال الأميركي، وما قد يجره ذلك من سطو حلفاء “أميركا” من العسكريين أو المدنيين حتى في (التيار الصدري) أو الأحزاب الحليفة له على نتائج الحراك الشعبي. ورغم كون “الصدر” وتياره من مكونات النظام، ولكن معاداة التيار ككل، وخصوصًا كقاعدة جماهيرية من الكادحين أمر خاطيء. ولكن مشاركته وتياره في تظاهرات خاصة به من حقه، ومن حق غيره، سواء جاءت كأفراد أو حشود تيارية منفصلة، ولا يجوز ديموقراطيًا منعه من ذلك، ولكن ينبغي الحذر من محاولاته السيطرة على الحراك الشعبي ككل والإنفراد بقيادته وتحويله لمصلحته الحزبية. وسيكون النظر إلى التيار الصدري، (التنظيم والقاعدة الجماهيرية والفصيل المسلح)، ككتلة منسجمة نوعيًا خطأ كبيرًا؛ فهو ليس كذلك ولن يكون، وهو لا يختلف عن أحزاب النظام نوعيًا – إلا في تمرداته اللفظية عليه ومشاركته في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال التي إنتهت مبكرًا إلى الانسحاب من الميدان والإلتحاق بالعملية السياسية الأميركية – ولن تتردد قيادته حتى عن قمع جماهيرها إن أقتضت مصالحها السياسية ذلك، ولكن يجب أن تكون العين والقلب على جماهير “الصدر” من الكادحين.
ويعول “الصدر” على مرحلة ما بعد الانتخابات تحت الإشراف الدولي لتغيير موازين القوى في الشارع والبرلمان، وهذا أمر صعب فخصومه لن يتفرجوا عليه مكتوفي الأيدى، وخطاب “الصدر” السياسي لم يعد موضع ثقة منذ زمن طويل، وتحديدًا منذ تخليه عمليًا عن أي موقف مناهض للاحتلال الأميركي ودوره التدميري لـ”العراق” ولم يوجه أنصاره للقيام حتى باعتصام صغير أمام “السفارة الأميركية”، أو حتى بإصدار بيان ضدها في أخطر الظروف والمناسبات والمجازر، “النيران الصديقة”، وإستباحة “ترامب” لسيادة “العراق”، كما أن موقف “الصدر” من “أميركا” – و”إيران” التي لم يذكرها إلا تلميحًا – لن يتحول إلى مناهضة لدرجة القطيعة للدولتين، وبما يكرس المطالبة باستقلال “العراق” الفعلي وإخراج القوات الأجنبية وإنهاء الهيمنة والتدخلات الخارجية الإيرانية وغيرها، خاصة مع زياراته المتكررة لـ”إيران”.
ومن دلائل إنتهازية “الصدر” تخييره جمهوره بين؛ “الثورة في الشارع” وبين “الثورة في صندوق الانتخابات”، وهذا يعني أنه لم يحسم موقفه تمامًا من الحراك الشعبي، وأنه كما يقولون: “عين فى الجنة وعين فى النار”. كما أنه لم يحسم موقفه من النظام في “المنطقة الخضراء” فهو يحتفظ بوزرائه الأربعة في الحكم ونوابه الأربعة وخمسين في البرلمان، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الدرجات الخاصة، وحتى توجيهه لنوابه بتجميد نشاطه وعدم حضور الجلسات لم ينفذ بشكل جدي بل هو أقرب للباحث عن حل وسط يعود عليه وعلى تياره بالفائدة ولا يؤذي الهيكل العام للنظام ودستوره ومؤسساته الطائفية