بغداد/شبكة أخبار العراق- سلط تقرير أميركي، السبت، الضوء على تطورات أزمة الحشد الشعبي بعد انفكاك أربعة ألوية تابعة للمرجعية الدينية، مشيراً إلى أن الكثير ألوية أخرى تفكر بالخروج. وبين التقرير الذي نشره موقع “الحرة”، أن خروج تلك الألوية سيحول الحشد إلى “واجهة أو كيان ضعيف لا يقوى على تغطية نشاطات الفصائل الموالية لإيران”. وفيما يلي نص التقرير:
تعرضت الفصائل العراقية الموالية لإيران إلى ضربة من العيار الثقيل، تمثلت بانسحاب أربعة من فصائل الحشد الشعبي العراقي، قبل نحو أسبوعين، من هيئة الحشد ودخولها تحت الإمرة المباشرة لرئيس الوزراء ومكتب القائد العام للقوات المسلحة. الفصائل، المرتبطة بالمرجعية الدينية التي يقودها السيستاني، الرجل الذي أسست فتواه لتشكيل الحشد الشعبي بصيغته الحالية، قالت إن “سبب انسحابها من قوات الحشد الشعبي والانضمام للقوات المسلحة الحكومية هو تصحيح بعض المسارات وضمان السير برؤى وطنية”. طوال فترة الحرب ضد داعش وما بعدها، اختلفت هذه الفصائل مع توجه الفصائل الأخرى، التي تأسست قبل الفتوى، بدعم وإشراف مباشر من إيران. ورغم أن الخلاف المعلن كان بشأن التسليح والانتشار والرواتب التي كان الجناح الإيراني في الحشد يسيطر عليها طوال فترة قيادة أبو مهدي المهندس -الذي قتل مع الجنرال الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركية مطلع العام الحالي – إلا أن الخلاف الحقيقي كان خلافا بين نهجي ولاية الفقيه الإيرانية، والمرجعية العراقية التي يمثلها السيستاني. فصائل السيستاني لم يعرف عنها التدخل في السياسة، وكان سجلها في مجال حقوق الإنسان في المناطق التي سيطرت عليها أفضل بكثير من سجل الفصائل الإيرانية. ولم تشترك فصائل السيستاني في عمليات قمع المتظاهرين، التي اشتركت فيها عدة فصائل إيرانية رئيسة مثل كتائب حزب الله والعصائب ومنظمة بدر. ولم تشترك فصائل المرجعية في النهج العدواني ضد قوات التحالف الدولي، أو شن الهجمات على تلك القوات.
الحشد السني
قبل ثلاثة أسابيع تقريبا، قالت مصادر لموقع “الحرة” إن قوات من كتائب حزب الله تجري تفتيشا بصورة مستمرة في قرى يسيطر عليها الحشد العشائري في مدينة القائم، غربي محافظة الأنبار. وبحسب تلك المصادر فإن قوات الكتائب تتعامل بشكل “خشن” مع المدنيين وقوات الحشد، بل وحتى مع المسؤولين المحليين، ووصل الأمر إلى حد “عناصر من الكتائب قامت بصفع قائمقام المدينة مما أثار غضبا واسعا”، كما يقول مصدر طلب عدم كشف اسمه. ويقول الخبير الأمني هشام الهاشمي لموقع “الحرة” إن لديه معلومات عن نية تلك الفصائل العشائرية للانضمام إلى حشد العتبات، أي حشد السيستاني، بسبب “شعورها بالتهميش وعدم المساواة مع الحشود الولائية، وهو شعور يكاد يكون عاما” لدى الجميع. ويؤكد الهاشمي إن هناك حوارات أجريت بالفعل مع الحشود العشائرية في الأنبار وغرب صلاح الدين وجنوب نينوى وسهل نينوى و”كلها أبدت استعدادها للالتحاق بقيادة حشد العتبات”. وهناك، بالإضافة إلى أربعة ألوية من حشد المرجعية، نحو عشرة أخرى تدين بالولاء للسيستاني، و14 لواء سنيا من الحشد العشائري والمناطقي، وبالطبع هنالك سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر. وإذا انسحبت كل هذه الفصائل، لن يبقى من عنوان هيئة الحشد الشعبي سوى واجهة أو كيان ضعيف لا يقوى على تغطية نشاطات الفصائل الموالية لإيران. ويقول الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي لموقع “الحرة” إن “قيادات العتبات وسرايا السلام لديها تصريحات مبكرة بالرفض والمطالبة بالعدالة في تقسيم المناصب في هيكلية الحشد وتشاركية أكثر شمولا”. لكن “العدالة في تقسيم المناصب” قد تعني أن الإيرانيين سيخسرون قيادة الحشد وكل المناصب المهمة فيه، فبحسب الهاشمي “تكون حصة القيادات الولائية (الموالية لإيران) تناسب حجم مواردهم البشرية وهو ما يقارب 35٪، والباقي أي 65٪ تتقاسمها باقي الحشود فيما بينها بعدالة”.
وساطة فاشلة!
وقال مصدر مطلع لموقع “الحرة” إن “هادي العامري أمين عام منظمة بدر، والرجل الأقوى في الحشد حاليا، فشل مؤخرا في إقناع حشد المرجعية في العودة إلى الحشد الشعبي”. وقال المصدر إن العامري اقترح “إقالة أبو فدك المحمداوي (الذي عين بديلا عن المهندس وجوبه تعيينه برفض من فصائل المرجعية)”، و”تعيين نائبين لرئيس هيئة الحشد الشعبي، أحدهما يتبع المرجعية والآخر يتبع الحشد الولائي”. وبحسب المصدر، فقد جوبه الاقتراح برفض قطعي من وكيل السيستاني، أحمد الصافي وفشل مشروع الوساطة بالكامل”. وأكد المصدر معلومات الخبير الهاشمي بالقول إن “انشقاق عشر فصائل أخرى والتحاقها بحشد المرجعية قريب جدا”. وأشار المصدر إلى أن هذه الفصائل العشرة، والفصائل السنية، وسرايا السلام، يكون مجموع أفرادها 90 ألفا، سيخرجون من مجموع 164 ألف شخص هم التعداد الكلي لقوات الحشد الشعبي. وتؤكد مصادر أن الفصائل التابعة للسيستاني تعتبر نفسها جزءا من المنظومة العسكرية العراقية، وتتصرف فعلا على هذا الأساس من خلال عدم التدخل بالشؤون السياسية أو الدبلوماسية أو حتى المحلية في المحافظات التي تنتشر فيها. في حين تتدخل الفصائل الإيرانية في كل شيء تقريبا، من تعيين المسؤولين، إلى النشاطات الاقتصادية، إلى السيطرة على الحدود، ومؤخرا، حتى محاولات السيطرة على الديبلوماسية العراقية. بل أن كتائب حزب الله حاولت إفشال تمرير المرشح لرئاسة الوزراء مصطفى الكاظمي، وهاجمت المرشح الذي سبقه، عدنان الزرفي، بشكل علني. ويتوقع الخبير الأمني هشام الهاشمي أن تشل هذه الخلافات هيئة الحشد، بسبب ارتباطات الفصائل التي وصفها بـ”الحشود التي لها ارتباطات سياسية وعسكرية داخلية وخارجية”. ويرى الهاشمي إن تضارب المصالح لهذه الحشود، مع وجهات النظر الخاصة بحشود المرجعية قد يدفع الصراع إلى العلن “،”وخاصة مع وجود التناقضات بين اقطاب القيادات المرجعية واختلاف في وجهات النظر على القضايا الدولية”، حسب تعبيره. كما أن هناك مشاكل أخرى، بحسب الهاشمي “تتنوع بين نزع سلاح الفصائل واحتكاره بيد الدولة، ومشاكل الرتب العسكرية والعمر والتحصيل الدراسي والتصنيف العسكري القتالي واللوجستي، وكلها “قد تحول هيئة الحشد الشعبي إلى مسرح للنقاشات الطويلة والعقيمة”، ويشل قدرتها على “اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة”. بحسب الهاشمي. وربما هذا ما تتخوف منه الميليشيات التي حاول إعلامها مواجهة انسحاب فصائل المرجعية بحملة دعائية كبيرة قوامها تخوين فصائل السيستاني، ووصفهم بـ”المنشقين”. لكن بحسب مختصين، فإن الفصائل الموالية لإيران تعرف إن فصائل المرجعية هي الحشد الشعبي (الشرعي) الذي يحترمه غالبية العراقيين. ويقول الهاشمي إن “الحشد الولائي (الموالي لإيران) بحاجة إلى حشد المرجعية كأداة ضرورية لتبرير وجود هيئة الحشد الشعبي دينيا وعلاقة تأسيسه بالفتوى الصادرة عن مرجعية النجف، والتي اشتهرت بفتوى “الدفاع الكفائي”. يعني ذلك أن انسحاب فصائل المرجعية من الحشد سيصعب على قيادات الميليشيات استخدام فتوى المرجعية لتبرير وجودها.