تقرير أمريكي:الشعارات الوطنية التي يرفعها الصدر ربما تؤدي إلى تقوية النفوذ الإيراني في العراق
آخر تحديث:
بغداد/ شبكة أخبار العراق- قال “معهد واشنطن” الأمريكي ،الأحد، أن ايران لا تزال تنظر بخشية كبيرة لخطوة انسحاب الصدر من العملية السياسية” والاحداث الامنية الخطيرة التي جرت مؤخرا، في حين يتعثر حلفاؤها في الإطار التنسيقي في تشكيل الحكومة الجديدة، مضيفا أن مخاوف ايران تتزايد من أن يتسبب الصراع الشيعي الحالي بين الصدر وقوى الاطار في اعادة تشكيل المعادلة الشيعية، بما لا يتناسب مع الدور الايراني وأهدافه.وذكر التقرير؛ ان “الإشكال الرئيسي الذي تواجهه إيران في العراق، وتحديدا على مستوى ترميم البيت الشيعي، والحفاظ على التوافقات الشيعية -الشيعية ضمن سقف المصالح الايرانية، نابع في الأساس من عدة أسباب، أهمها، فشل قائد فيلق القدس اسماعيل قاآني، في ملئ الفراغ الذي خلفه قاسم سليماني”، مشيرا الى ان تولي قاآني قيادة فيلق القدس، كشف ان النظام الايراني لم يكن مستعدا للتعامل مع قضية بحجم اغتيال سليماني، أو حتى في تحديد الأولويات الاستراتيجية الايرانية في العراق بعد اغتياله.
وتحدث التقرير عن عدم امتلاك قاآني رؤية وتصور واضح عن الحالة العراقية، بما تحتويه من تفاعلات وتيارات وتقلبات، الى جانب عدم وجود شخصية مساندة له في العراق، كما كان عليه الحال مع قائد قوات الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، والدور الذي كان يلعبه إلى جانب سليماني، الى جانب تعدد أدوار المؤسسات الايرانية العاملة في العراق ومزاحمتها للحرس الثوري، مضيفا أنها متغيرات انعكست بطريقة أو اخرى على دور قاآني أولا، والحرس الثوري ثانيا، في كيفية إدارة الصراع الشيعي- الشيعي في العراق. وتابع التقرير؛ أن ذلك قد يفسر فشل قاآني عبر زياراته المتكررة للعراق، في أن يثني الصدر عن خطواته، مضيفا أن طهران اختارت مؤخرا مراقبة الوضع العراقي، من دون التدخل المباشر فيه، بسبب ردود الأفعال القوية التي أظهرها الصدر وتياره ضد الدور الإيراني، وما تبعه من شعارات مناهضة لإيران رفعها متظاهرو تشرين في احتجاجاتهم الأخيرة التي شهدتها بغداد مطلع الشهر الحالي.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التفكك السياسي الذي شهدته الجماعات الموالية لإيران، وتعدد الخطابات داخل الإطار التنسيقي الشيعي، سواء بعد انسحاب الصدر من العملية السياسية، أو بعد فض اعتصامه داخل المنطقة الخضراء، تشير كلها إلى أن إيران لم تعد قادرة على ضبط مسار الصراع الحالي، ليس بين الصدر والإطار فحسب، وإنما داخل الإطار أيضا. واشار التقرير الى انه برغم نجاح الصدر في تغيير قواعد اللعبة السياسية، غير أنه لا زال لا يمتلك اليد العليا في العراق حتى الآن. ولفت في هذا السياق إلى إعلان المرجع الديني الشيعي كاظم الحائري، اعتزاله العمل المرجعي والتقليدي، مشيرا الى ان الخطوة يمكن تفسيرها على أنها إهانة كبيرة للصدر، الذي سبق أن تتلمذ على يد الحائري.
كما لفت التقرير الى تصاعد الشكوك حول الأهلية الدينية للصدر وصفاته القيادية، بعد قرار الحائري، وإلى أن إيران تحاول المضي قدما في مشروع الأممية الشيعية أو المركزية الشيعية المرتبطة بقم وليس النجف، مشيرا الى ان قيام رجل دين شيعي عراقي مثل الحائري بحث أتباعه على دعم مرشد الجمهورية الايرانية علي خامنئي يصب بلا شك في مصلحة إيران، ويعطيها الأمل في وضع حد للصراع الشيعي التاريخي بين مرجعيتي قم والنجف، ومن ثم إعادة تشكيل العالم الشيعي وفق المركزية الإيرانية التي تقر بولاية الفقيه.وتابع التقرير؛ أن معسكر الصدر ما زال يقاوم، وأن الصدر أظهر رد فعل قوي إزاء المحاولة الإيرانية لتهميش آل الصدر، ومركزيتهم داخل البيت الشيعي العراقي.
واضاف ان الصدر كان يحاول انتزاع اعتراف إيراني بمركزية التمثيل الشيعي، وكان يطمح بأن تلجأ إليه إيران بعد اغتيال سليماني لإدارة الوضع العراقي، إلا إن إيران بدلا من ذلك لجأت لقيادات محلية أخرى، فضلاً عن تفعيل دور زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله داخل العراق. وبالاضافة الى ذلك، لفت التقرير ان الصدر يعتقد بضرورة الحفاظ على ثنائية “قم والنجف”، ولا يجوز أن تغير إيران هذه المعادلة، ولعل هذا ما يوضح قوله بعد اعتزال الحائري، بأن المرجعية الشيعية هي في النجف وليس قم.ومع ذلك، ذكر التقرير أن إيران حريصة على الجلوس على الهامش والاكتفاء بالمشاهدة، على الأقل في الوقت الحالي، اذ انه على الرغم من عدم فعالية قاآني وعجز إيران الواضح عن السيطرة على الصدر أو حلفائها في الإطار، فإن الديناميات الحالية في العراق، لا تزال تؤدي، بطريقة ما أو بأخرى، إلى إعادة صياغة المجتمع السياسي الشيعي العراقي لصالح إيران. واضاف ان طهران لا زالت تراهن على ترك الصراع العراقي الداخلي للتبلور من دون ممارسة نفوذها عليه.
وإلى جانب ذلك، اعتبر التقرير انه لا يزال بإمكان طهران استخدام الصدر كمصدر قوة في العراق، خصوصا إذا ما تعرضت الحالة الشيعية لتهديد خارجي مشترك، فحتى شعار الوطنية العراقية التي يرفعها الصدر قد لا تعني بالضرورة معاداة إيران، بقدر ما تعني إعادة تشكيل الدور الإيراني في العراق، بالإطار الذي يجعل الصدر بمنزلة الشريك وليس التابع لإيران.الساحة الدولية وختم التقرير بالاشارة الى ان هذه الاحداث في العراق تحمل العديد من التداعيات على السياسة الامريكية خاصة في ما يتعلق بإمدادات النفط والمحادثات النووية, واوضح ان إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن تواجه خطراً مزدوجاً من الوضع المتأزم في العراق؛ أولا، قد تتسبب الفوضى في العراق في حدوث تقلبات كبيرة في إمدادات النفط وهو ما قد يقوض الجهود المبذولة لتهدئة سوق النفط الخام في الولايات المتحدة قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الامريكي في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وتابع التقرير؛ ان الأكثر أهمية، أن تعثر تحركات الصدر قد تساهم في تقوية شوكة إيران، وذلك في لحظة جيوسياسية حساسة تمر بها الولايات المتحدة في العراق والشرق الأوسط، إذ يمكن أن يؤدي الظرف السياسي في بغداد، على المدى القصير، إلى زيادة النفوذ الإيراني، فيما لو تم تشكيل حكومة إطارية قوية تسحب أوراق الضغط من يد الصدر. اما على المدى الطويل، فإن ذلك يمكن أن يشجع إيران على تبنى نهج أكثر عدوانية في المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة. وخلص التقرير الى القول؛ إن إيران تبدو غير مستعجلة لتشكيل حكومة جديدة في العراق، فهي بانتظار نتائج المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، إذ سيؤدي فشلها، أو استمرار تعثرها كما هو مرجح في الوقت الحالي، إلى إمكانية أن تستخدم إيران الساحة العراقية بالضد من الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة، اذ ان خيار الفوضى السياسية قد يؤدى إلى وقف تدفقات النفط العراقي الى السوق العالمية، وهو ما سيكون مناسباً لإيران تماماً، لأن ارتفاع الأسعار سيوفر فرصة لتصدير كميات كبيرة من الإمدادات النفطية المقيدة بسبب العقوبات الامريكية، لتعويض الاحتياج العالمي، وهو ما تخشى منه الولايات المتحدة بالوقت الحاضر، إذ لا يزال البيت الشيعي العراقي مفككا، وأسباب انفجاره الداخلي لا زالت موجودة.