تقرير أمريكي: لن يستقر العراق بوجود النفوذ الإيراني وحشدها الشعبي وأحزابه
آخر تحديث:
بغداد/ شبكة أخبار العراق- أطلق الاحتجاج انتخابات جديدة في تشرين 2021 أعطت نتيجتها صورة جديدة على عكس الماضي، ظهرت الأحزاب الوطنية العراقية على أنها الرابح الرئيسي، وولد هذا الأمل في أن الحكومة الجديدة ستحاول معالجة قضايا عدم الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية والتضخم والبطالة وغيرها مع الكثير من الأمور الأخرى، سيتعين على الحكومة الجديدة إظهار بعض المهارات الدبلوماسية غير العادية لإدارتها.ويرى تقرير اعده موقع “Eurasia review” الامريكي ، أنه “منذ سقوط نظام صدام عام 2003 شاب الصراع العرقي وحركات التمرد والصراعات العنيفة المتكررة، في مثل هذه البيئة الفوضوية أثبتت الجهود المبذولة لاستعادة الشرعية والتنمية للبلاد أنها غير فعالة، وبسبب ضعف مؤسسات الدولة وافتقارها إلى السلطة لفرض القرار في البلاد كان حتى الحكم الأساسي يمثل تحديًا”.وأضاف أن “ارتفاع الفساد هو مصدر قلق يثيره عامة الناس لأنه يؤثر عليهم أكثر من غيرهم، و أظهرت دراسة حديثة أجراها مركز تمكين السلام في العراق أن حوالي 80٪ من العراقيين ينظرون إلى الفساد على أنه أحد أكبر المشاكل التي يواجهها العراق، وهذا يزيد بنحو 10 أضعاف عن عدد الأشخاص الذين يذكرون داعش 8.8٪ أو كورونا 5.9٪ باعتبارها قضايا أكثر خطورة”.
-نتائج انتخابات تشرين 2021 والتحالفات الممكنة-
في 10 تشرين الأول 2021، صوت العراق لانتخاب 329 برلمانيًا جديدًا سيختارون رئيس الوزراء المقبل، كما كان متوقعًا، ظهر حزب مقتدى الصدر – التيار الصدري – باعتباره الفائز الأكبر، حيث حصل على 73 مقعدًا على الأقل.وقال التقرير: “تشير الانتخابات البرلمانية لعام 2021 إلى أن التيار الصدري اكتسب شعبية بينما تراجع دعم فتح، ومع ذلك، لا تزال فتح تحتفظ برأس مال قسري قوي ومن المرجح أن تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل الحكومة الجديدة، في الواقع، من المتوقع قيام تحالف بين فتح والاتحاد الوطني الكردستاني، إذ اعلن الاتحاد الوطني الكردستاني مؤخرًا عن دعمه للرئيس برهم صالح، الذي يمكن القول إنه المرشح الأكثر نفوذًا سياسيًا في العراق، الائتلاف القانوني، يتطلع المالكي إلى رئاسة الوزراء، ولكن بدون دعم فتح، قد لا يكون قادرًا على تحقيق تطلعاته السياسية”.
وتابع: “قد يكون التغيير الأكثر إثارة للاهتمام هو تحالف الأحزاب السنية والكردية مع منافس فتح الرئيسي – التيار الصدري – لتشكيل الحكومة المقبلة، ومن المتوقع أن يشكل التيار الصدري ائتلافا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب التقدم، وقد حصلت الأحزاب الثلاثة على أغلبية الأصوات في الانتخابات، أي أنهم سيلعبون دوراً رئيسياً في انتخاب رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، وتشير التقديرات بالفعل إلى أن زعيم حزب التقدم الحلبوسي في وضع جيد للعودة، رشح الصدر أربعة أسماء لرئاسة الوزراء العراقية – مصطفى الكاظمي، وسفير العراق في المملكة المتحدة جعفر الصدر، نائب البرلمان حسن الكعبي، والزعيم الصدري نصار الربيعي”.
ولفت التقرير إلى أنه “من بين المرشحين لرئاسة الوزراء، يتمتع الكاظمي بفرص أفضل للاحتفاظ برئاسة الوزراء، لأنه غير مرتبط بأي حزب سياسي وليس مدفوعًا بأي أيديولوجية سياسية، وبالتالي قد لا يواجه الكثير من استياء القوميين، والأهم من ذلك أنه خلال فترة رئاسته للوزراء لمدة عام واحد كان أداء الكاظمي جيدًا بشكل معتدل مقارنة بالآخرين، على الصعيد الاقتصادي، قدم الكاظمي (الكتاب الأبيض للإصلاحات الاقتصادية) في تشرين الثاني 2020 والذي ذكر الأفكار المحتملة لتعافي الاقتصاد العراقي، نظرًا لطبيعة الأزمة الاقتصادية في العراق، على الجبهة السياسية، أطلق الكاظمي حملة لمكافحة الفساد، اقليمياً، برز أيضاً كشخصية مهمة للجهات الفاعلة الأجنبية مثل الولايات المتحدة وإيران والمملكة العربية السعودية التي تعتبره زعيماً مقبولاً لبلد معقد”.
على الرغم من العملية السلسة لترشيحات رئيس الوزراء، هناك عدد من التحديات المستقبلية التي تنتظر تشكيل حكومة جديدة على الجبهتين المحلية والإقليمية.
1-التحديات المحلية-
أشار التقرير الى أنه “من المرجح أن تواجه الحكومة المقبلة تحديات هائلة في إدخال إصلاحات اقتصادية قصيرة وطويلة المدى، ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات الأساسية ومعالجة البطالة والتضخم والفقر في العراق، كما سيتعين على الحكومة التعامل مع المشاكل المتراكمة على مدار السنوات ولا سيما محاكمة قتلة المتظاهرين الذين ثاروا ضد الحكومة في عام 2019، وتعاني البلاد أيضًا من أزمة صحية وأزمة عامة، نتيجة لتفشي Covid-19 في جميع أنحاء العالم، العراق لديه أقل معدل تطعيم في المنطقةحتى الآن، تم تطعيم حوالي مليون شخص بشكل كامل يمثلون أقل من 2٪ من السكان”.
مضيفاً: “سيتعين على الحكومة أن تكون حذرة للغاية في تخصيص الدولة الغنية بالنفط للأحزاب السياسية، تسحب بغداد 94٪ من ميزانيتها من عائدات النفط، بلغت ميزانية العراق لعام 2021، 89 مليار دولار أمريكي، بعجز يقدر بـ 19 مليار دولار أمريكي تم احتسابه على أساس سعر بيع النفط بالدولار الأمريكي، 45 دولار للبرميل، التحدي هو استخدام هذه الإيرادات لتحسين حياة العراقيين، بدلاً من التعرض للضغط وتقسيمها داخل شبكات الأحزاب السياسية الحاكمة”.
وتابع: “التحدي الآخر سيكون إعادة إعمار البلاد، من عام 2003 إلى عام 2014، تم إنفاق أكثر من 220 مليار دولار أمريكي على إعادة بناء البلاد، في فترة ما بعد داعش، عقد العراق مؤتمر إعادة الإعمار في الكويت حيث تعهد مانحون دوليون رئيسيون بتقديم 30 مليار دولار أمريكي، حتى الآن، لم يتم تحويل العديد من الأموال الموعودة بسبب الفساد وسوء إدارة الأموال من قبل الحكومة السابقة، بدون قدر أكبر من المساءلة والشفافية في الحكومة سيكون من الصعب للغاية كسر دائرة الفساد وعدم الكفاءة وكسب ثقة المتبرعين”.
إلى جانب ذلك، تمثل التحديات الأمنية مصدر قلق حيوي لأن “داعش يواصل تنفيذ هجمات متفرقة في جميع أنحاء البلاد، مما يؤدي إلى عدد من الضحايا والخسائر المالية مقارنة بعام 2014، لكن يشير الخبراء إلى أن القبض على مجموعات صغيرة أو قتلها أصعب بكثير من قتل المسلحين في معارك مفتوحة، يجب القيام بغارات لمكافحة الإرهاب لمدة لا تقل عن 5-10 سنوات للقضاء على الإرهابيين المتبقين، وتعني عمليات مكافحة الإرهاب أيضًا أنه سيتعين على الحكومة الجديدة التعاون مع وحدات الحشد الشعبي، والتي تم إنشاؤها للمساعدة هزم داعش في 2014”.
-التحديات الإقليمية-
يرى خبراء، أنه من الأهمية أن تحافظ الحكومة الجديدة على علاقات جيدة مع إيران والولايات المتحدة لسببين:
أولاً : “للتفاوض على اتفاقية وضع القوة مع الولايات المتحدة ، لسحب قواتها المقاتلة من العراق”.
ثانيًا: “الاستمرار في الإشارة إلى حكومة رئيسي إبراهيم الجديدة بأن العراق يريد علاقات قوية مع إيران على أساس مبدأ من عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، كما أنه سيبني الثقة بين السكان العراقيين الذين طالبوا بإزالة النفوذ الأجنبي في البلاد في احتجاج 2019، ومع ذلك، لن يكون الأمر سهلاً على الحكومة الجديدة”.
وأوضح الخبراء أنه “إلى جانب الأكراد، ستبحث دول الخليج التي لا تزال قلقة للغاية بشأن النفوذ الإيراني في المنطقة عن طرق للتأكد من بقاء الحكومة الجديدة على مقربة من الولايات المتحدة وحلفائها، والإمارات العربية المتحدة تنظران إلى إسرائيل على أنها شريك قوي ومستعد للعمل بالقوة لمواجهة خصمها الإقليمي – إيران”.
وبيّن “تنظر روسيا، إلى جانب إيران في العراق على أنه مسرح آخر يمكن أن تعمل فيه على إنهاء النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة وإعادة تأسيس نفسها كقوة مهيمنة، لكن القيام بذلك يضر بالاستقرار العراقي، تستغل روسيا وتزيد من حدة التوتر في العلاقات الأمريكية العراقية لتسريع الانسحاب الأمريكي من المنطقة، التحدي الآخر الذي يواجه بغداد هو التعامل مع تركيا التي تتجاهل بشكل متزايد الاستقرار العراقي وتزيد من هجماتها العسكرية في شمال البلاد”.
-استنتاج-
منذ سقوط نظام صدام عام 2003، لم يتمكن العراق من تحقيق الاستقرار السياسي أو إحراز أي تقدم اقتصادي، كشفت الإطاحة بنظام صدام عن الانقسامات العرقية داخل البلاد وبدأت مجموعات عرقية مختلفة تقاتل من أجل الوصول إلى السلطة وممارستها لمصلحتها الخاصة،ومع ذلك فإن إجراء الانتخابات وتشكيل الحكومات في العراق ولّد الأمل، خاصة وأن السياسيين والقادة الفاسدين أجبروا على الاستقالة بسبب الاحتجاجات الجماهيرية، كانت الانتخابات الأخيرة أيضًا نتيجة لمثل هذه الاحتجاجات، أعطت نتيجة الانتخابات صورة جديدة على عكس الماضي، ظهرت الأحزاب الوطنية العراقية على أنها الرابح الرئيسي، وولد هذا الأمل في أن الحكومة الجديدة ستحاول معالجة قضايا عدم الاستقرار السياسي، والأزمة الاقتصادية والتضخم والبطالة من بين أمور أخرى، سيتعين على الحكومة أيضًا الحفاظ على التوازن بين الولايات المتحدة والحلفاء العرب وإيران، الفاعلين الخارجيين الرئيسيين النشطين في العراق، بالنظر إلى عدد التحديات وشدتها سيتعين على الحكومة الجديدة إظهار بعض المهارات الدبلوماسية غير العادية لإدارتها.