سعد الكناني
“لا أحد فوق القانون”، عبارة توحي بسيادة القانون والمساواة والعدالة والإنصاف ، وهي عبارة لا تحتاج أن تطلب الاذن من احد عند تطبيقها. “لا احد فوق القانون”، عبارة نص عليها الدستور عندما أكد أن الجميع سواسية أمام القانون، فلا فرق بين “افندي ومعمم”، “لا احد فوق القانون” عبارة تكتب وتنشر في بيانات المسؤولين اليومية، وكلما سال الدم العراقي الطاهر من جراء الاعمال الارهابية أو جدَّت قضية مثيرة للجدل، يرى فيها الشعب العراقي ظلماً وتعسفاً، خرج علينا سياسيو الصدفة بعبارتهم الشهيرة “لا احد فوق القانون”.
المالكي ،قالها سلوكا في ولايته الثانية: “أنا المسؤول، وابني هو ابن المسؤول ، أصبحت الكل في الكل، القادر المقتدر ،والويل لكل من عاداني أو حتى يحلم بمعاداتي “فبشخطة “قلم سيصبح عدوي فاسد واكشف المستور، ولي سلطة بأن أجعل الحق باطل والباطل حق، وفي إدارتي التنفيذية والحزبية من يعاونني على جبروتي وهم يسرقون وأعلم بأنهم يسرقون فهم من يساعدونني على بقائي في “الهرم”، وأتقاسم معهم ما “يسرقون”, وإذا زارني مسؤول خارجي او إعلامي فأنا أول من يتكلم عن احترام حقوق الإنسان ومكافحة الفساد وشرف المسؤولية”.
سقطت المدن العراقية وراح بسببها اكثر من 12 الف مقاتل بين شهيد ومفقود وجريح، وذهب العرض والشرف وضاع ثلث العراق بيد داعش الإرهابي ،وخزينة خاوية بسبب الفساد والمشاريع الوهمية وملفات قذرة لاتعد ولاتحصى من جراء سياسة “المسؤول التنفيذي الأول “السابق في الدولة نوري المالكي ،كلها جاءت تحت عنوان «لا احد فوق القانون».
عمليات القتل التي ارتكبت خلال حكومته بدءا من ” مجزرة الزركة والفلوجة والحويجة والرمادي واتباع الصرخي وصولا الى سقوط العشرات من المدن والقصبات والقرى العراقية بيد داعش الارهابي ،من المسؤول عنها ؟. اليس هو باعتباره المسؤول التنفيذي الاول في الدولة في حينها، أن تولي المالكي رئاسة مجلس الوزراء واحدة من أكبر تناقضات التاريخ وصوره الانقلابية ألمضحكة في الزمن الاغبر! ، المالكي استطاع التلاعب بالأمن والسياسة والاقتصاد وعلى مبدأ فرق تسد ليكون بفساده وإجرامه فوق القانون ، فلو كان العراق بلد القانون والديمقراطية كما ينادي به قادة العملية السياسية ونوابهم ، لكان المالكي في داخل السجن ، والواقع يقول ان السيد المالكي فوق القانون ، وكأن القانون وجد في العراق للمستضعفين فيه فقط ، وأما الفاسدين الذين سرقوا ملايين الدولارات وبسببهم قتل الآلاف من أبناء الشعب العراقي هم فوق القانون ايضا .
المالكي وطيلة سنوات حكمه تفنن في خلق الازمات السياسية والفتن الطائفية والعشائرية بين أبناء الشعب العراقي وهو من وفر المناخ والأرضية لسيطرة داعش الارهابي على ثلث العراق ، المالكي الذي غيب أي دور رقابي من قبل الشعب ومؤسساته على أداء حكومته التي أينما تذكر يذكر الفساد معها ، فقد طال فساد حكومة المالكي جميع قطاعات المجتمع وكانت على شكل عقود وهمية، ورشاوى، وتزوير وثائق، واستخدام النفوذ السياسي والحزبي والعشائري، كل هذا في ظل غياب قانون حقيقي يطبق على الجميع ، واستبدل القانون بلجان النزاهة وهيئة النزاهة التي لا تمتلك حتى تقديم لوائح اتهام أو التحقيق مع أي شخصية من شخصيات حكومته ودولته .المالكي جعل العراق بلون الدم ورائحته وسجون تحبس بداخلها أحلام الآلاف من الشباب العراقي وفساد طال جميع مناحي الحياة ، وسؤال الشعب العراقي امس واليوم .. الى متى يظل المالكي فوق القانون؟.
نحن نأمل خيرا من شخص الدكتور العبادي أن يحكم العراق بحب وعدل ، وإحالة كل الفاسدين وسراق المال العام والذين اجرموا بحق الشعب العراقي وسلبوه حقه بالديمقراطية والإرادة وقتلوه بدم بارد الى القضاء ، وعذرا سيدي العبادي ، اننا وصلنا الى قناعة بان عبارة «لا احد فوق القانون»، هي عبارة بلا طعم وبلا لون في زمن بلد يدرك أهله أن فئة متنفذة تعيش فوق القانون.
لقد تولدت قناعة لدى الشعب ان الطبقة السياسية في العراق فوق القانون تفعل ما تريد دون أي حساب أو مراقبه والبلاد تنزلق نحو الهاوية والضياع والدمار ، وحينها لن ترحمنا أجيال المستقبل في السكوت والتهاون عن هؤلاء المجرمين الذين دمروا الوطن والمواطن ، ولن يرحمنا التاريخ الذي سيسجل صمتنا هذا ببصمة عار في جبيننا ، فآن الأوان أن يحال المالكي وكل من اساء للعراق للقضاء بطلب من حزبه وائتلافه اولا قبل غيره . وان يؤسس العراقيين بجميع أطيافهم ومعتقداتهم عراق الغد القائم على العدل والنزاهة ، ويكون الشعب كله تحت القانون.