بغداد/ شبكة أخبار العراق- متابعة …حرم العراقيون طيلة عقود من متطلبات الحياة الاعتيادية؛ بسبب انعدام الاستقرار وتواصل الحروب والمعاناة التي لم تعط الفرصة ان ينعم العراقي بحياته الطبيعية في داخل بلده او السفر لبلدان أخرى بداعي السياحة والتعرف على الثقافات الأخرى.وقد كان منع العراقي من الذهاب الى البلدان أحد العوامل التي كرست عزلة شبه تامة للعراقيين، ماعدا الذين اضطروا إلى الهجرة والإقامة في بلدان أخرى.وبعد احتلال العراق انفتحت ولكن بوتيرة بطيئة وبخطى خجولة بعض محطات السفر، وواصلت بلدان كثيرة وضع الحواجز أمام العراقي برغم تغيير النظام، ومقابل ذلك بادرت دول أخرى إلى إزالة تلك الحواجز وان كان لبعضها أسبابها الاقتصادية فان ذلك شكل بارقة امل امام العراقي.ومن الدول التي قررت فسح المجال امام العراقيين للسفر جمهورية جورجيا التي تقع في منطقة جنوب القوقاز من أوراسيا، أي غرب آسيا وشرق أوروبا التي تشكل روسيا حدودها الشمالية وعاصمتها تبليسي.في نهاية عام 2011 اعلنت الحكومة الجورجية انها قررت السماح للعراقيين بدخول أراضيها من دون تأشيرة والإقامة فيها 360 يوما وبعد انقضاء المدة المذكورة يحصل العراقي على الإقامة المطلوبة وفقا للقوانين الجورجية.وشعر العراقيون بعد هذا القرار بالفرح ومزيد من الأمل وقارنه البعض بالجفاء الذي قوبل به ولم يزل العراقيون من قبل الدول العربية قبل وبعد الاحتلال.وفي هذا السياق يقول احد العراقيين متهكما في موقع للتواصل الاجتماعي اثر سماعه خبر القرار الجورجي “عاشت جورجيا حرة عربية من النهر الى البحر والله اذا الخبر صحيح فهذا أجمل خبر اسمعه واحنه دنستقبل (نحن نستقبل) سنة 2012 ربي سنة خير عليكم .. ممكن واحد يدلينه على سفارة جورجيا الشقيقة؟”وبدأ العراقيون منذ ذلك التاريخ يشدون الرحال إلى الأراضي الجورجية معظمهم سافر بغرض السياحة وليس للإقامة الدائمة وان كانت الحياة الصعبة التي يعيشها العراقيون لاسيما في مجال الخدمات والأمن تدفع بالكثير إلى السفر الدائم وعدم العودة.ويلخص الشاعر طالب عبد العزيز الحالة في حديثه له بالقول “تجربة السفر عند العراقيين لا تزال في طورها الأول، فهم يصطدمون بعشرات المآزق هناك منها اللغة والسلوك والثقافة العامة في الطعام والمشي والتحدث مع الآخرين وسواها”.ويشير الى ما يسميه “إخفاق مئات الآلاف في الكثير من سفراتهم، وقد لا نحملهم أعباء الإخفاق ذلك، فالسفر بالنسبة للعراقي قضية لا تتجاوز حدود الوطن ولا خبرة له في السياحة”.ويضيف عبد العزيز بحرقة، ان “ما يوجع القلب هنا أن جيل المسافرين العراقيين الجدد ممن أتيحت لهم فرص زيارة أوربا لا يذهبون للمتاحف، ولا علاقة لهم بالمسرح والفنون الأخرى، بل ليس بينهم من حاول تطوير لغته الانجليزية”.ويقول إنه “لا غرض للسفر بالنسبة لغالبية العراقيين سوى النساء والخمر، وتزداد الصورة قتامة حين يصعّدون من خلافاتهم الطائفية حتى وهم على طاولة الطعام مع مسافرين وسياح من بلدان متنوعة”.وينقل عن عراقي بعد ان شاهد إقبال العراقيين في تبليسي و مدينة باتومي على شراء الشقق وفتح المحال التجارية والبحث عن فرص عمل: إذا استمر العراقيون بالتوافد على جورجيا ستصبح تبليسي “حيّانية” ثانية.ويقول العراقي المقيم في العاصمة الجورجية ان الوضع ليس كما يراه معظم العراقيين القادمين الى جورجيا “فقداسة العمل ظاهرة ايجابية داخل المجتمع الجورجي الذي ورثها من عصور التربية الشيوعية ايضا، فالشابات اللائي يعلن عوائلهن ويستغنى عنهن من العمل، لأي سبب، يرفضن الانزلاق نحو الرذيلة في معظم الأحوال؛ بل قد يمارسن الاستجداء على قارعة الطريق او داخل عربات مترو الانفاق لكسب عطف الركاب، دون ان ينحدرن الى هاوية الرذيلة”.ويكشف عادل كاظم عن وجه آخر من أوضاع العراقيين في الخارج في حديثه بالقول إن “تجارا عراقيين يتعرضون للاختطاف في جورجيا بعد ايهامهم بصفقات تجارية مغرية تديرها شركات داخل العراق بتوسط مكاتب صيرفة في بغداد واسطنبول”.وهذا ما تؤكده لجنة العلاقات الخارجية النيابية التي ذكرت انها اثبتت وجود حالتين لخطف التجار في الخارج الأولى من صلاح الدين والأخرى من بغداد.وبينت أنه بعد البحث والتحقيق تم كشف المعلومات التي تؤكد وجود بعض الساسة الحكوميين السابقين في البلاد يقودون مافيات عراقية في الخارج تعمل على خطف التجار والشخصيات البارزة، ولاسيما ان جميع المعلومات تدل على ان جميع هذه المافيات ترتبط عبر مجاميع في دول عدة بمسؤول عراقي كبير.ويقول الكاتب أحمد عبد المجيد عن مشاهداته في جورجيا، انه “ليس من الصعب تلمس حجم الوجود العراقي على ارض جورجيا، فثمة مكاتب تتولى خدمات الطيران والإقامة والتجول السياحي فضلا عن السمسرة بالعقارات والمطاعم التي تقدم المأكولات العراقية”.ويتابع، ان “جل اهتمامات العراقيين في جورجيا، كما لمستها، هو ملاحقة النساء الجميلات ومحاولة استدراجهن وقضاء مواعيد عاطفية معهن. وهو حرمان يجعل العربي عموما مستعدا لقطع ألاف الكيلومترات للظفر بامرأة”.ويستدرك “المؤسف فان هذه الرغبة تصطدم دائما بالصدود والاستهزاء او الاستهجان ولاسيما ان العراقيين يستصعبون التفاهم مع البالغات فيلجأون الى “الصبايا” اللائي ينفرن من طرقهم في التعامل فيقفزن امام مرأى السابلة وكأنهن أصبن بلدغة أفعى!”.ويرى ان “عوامل عديدة أسهمت في استدراج العراقيين إلى بيئة بكر كجورجيا، أبرزها تداعيات الوضع الإقليمي الذي أملى على العراق الإقامة في نقطة اللا استقرار. ولعل معظم الذين وجدوا في سوريا محطة للإقامة، قبل أزمتها الراهنة، اضطروا الى اختيار ملاذات جديدة، ولم يجد أصحاب الأموال صعوبة في الانتقال، مع عوائلهم وأرصدتهم، نحو جورجيا”.ويضيف “واذا كانوا قد امضوا سنوات ما بعد نيسان 2003 في بلدان آمنة او كانت تتمتع بالحماية الأمنية او النأي بالنفس عما يجري داخل منصات التحولات الكبرى، وشكلت لهم أموالهم اوطانا بديلة لوطنهم، فانهم اليوم وجدوا في جورجيا وطنا آخر”.ويشير إلى أن هناك عاملا جوهريا يبعث على هجرة العراقيين نحو جورجيا ويتمثل بالرغبة بالحصول على الوثائق الجورجية، مما يمهد للعبور نحو دول الاتحاد الاوربي قاطبة التي تعتمد مع المهاجرين والمطاردين لأسباب سياسية وإنسانية معايير حقوق الإنسان الدولية.