فلاح المشعل
مغامرة غير محسوبة النتائج أقدمت عليها المملكة العربية السعودية في شن الحرب على جارتها اليمن ، بإدعاء إعادة الشرعية للرئيس المهزوم هادي عبد منصور، ولاتجرأ على رفع شعار يبحث في الهدف الجيوسياسي ، أي ضد التمدد الإيراني على أهم منفذين بحريين في العالم .
عاصفة الحزم ، عنوان إطلق على هذه الحرب بدعم امريكي صريح ، وإصطحاب مجموعة دول الخليج (عدا سلطنة عمان ) ، وتلك شعوب ودول لاتجيد القتال والدفاع عن نفسها ، بل عادة ماتستنجد بالمرتزقة لحمايتها ، وهو مايجعل هذه الحرب تعلق في الفضاء ، اي تنحصر في حدود القوة الجوية والصاروخية ، وتبتعد عن المواجهة الأرضية .
الحرب ضد تشكيلات ثورية يؤلفها الحوثيون منذ عقود عديدة بين صخور الجبال والوديان وشعابها ،ثوار يطعمون أنفسهم الجوع ويتوسدون البنادق في انتزاع حقوقهم ودورهم ، تلك ورطة حقيقة وزج صريح للسعودية في مستنقع اليمن ، وتفريغ ملياراتها المودعة لدى بنوك امريكا واوربا .
الوهم الذي سقطت فيه السعودية يذهب لمحاكاة الأزمة الداخلية التي تعيشها المملكة والتنازع العائلي من جهة ، وبروز مطاليب أهالي المنطقة الشرقية ، حيث النفط والماء العذب والفقر المتراكم للشعب ، أو المراتب الدونية التي يوضع بها اهل الشمال والجنوب سواء في مستوى المعيشة والمشاركة في السلطة والأدوار ، أزمات لايسع المجال لتعدادها ، وهي تتناظر مع ماتعانيه بقية الإمارات والمشايخ الخليجية ، التي شاخت بفساد سلطاتها وتهاوت امام الوعي الرافض لشعوب دول الخليج سواء في البحرين ام الكويت ام غيرهما .
الجانب الآخر من الوهم هو فشل السعودية في بناء اي استراتيجية قومية وانعدام ذلك في عموم النظام العربي، الذي صار يستقوي على شعب جائع ثائر ضد الفساد في اليمن ، بينما وقف يتفرج أحيانا أو يساهم في اكثر من غزو أجنبي تعرضت له الدول العربية مثل العراق والصومال ولبنان ، ناهيك عن دولة فلسطين المحتلة منذ ستين عاما ً، ولانتحدث عن الفواتير التي دفعتها دول الخليج لإسقاط الدولة العراقية .
الخطأ الإستراتيجي الذي تورطت به السعودية يندرج في اكثر من مستوى ، فاذا كانت تنادي بالشرعية لنظام الرئيس هادي ، لاندري اذا كانت السلطة السعودية نفسها قد اكتسبت شرعية وجودها ..؟
اعتقدت السعودية ان نصف الشعب اليمني والفصائل المسلحة وبقايا الجيش والقبائل ستكون ضد حكومة الحوثيين ، وستبادر الى قتال الحوثيين، وما القصف الجوي سوى دور إسناد لهم ، لكن هذا لم يتحقق على الأرض ، بل على العكس فقد اثار القصف الجوي ، غضب ورفض الشعب اليمني ، لأن ماحدث سلوك عدوان ، وثمة دماء وارواح يمانية تنزف جراء نزق وخواء سياسي ترتكبه السعودية .
السعودية في قراءتي للحدث إنها أُدخلت في مستنقع اليمن على غرار إدخال ايران في المستنقع السوري ، وإذ يشارف المستنقع السوري على الجفاف بعد أربع سنوات من بقاء معادلات اللعبة ،و نزيف مالي وبشري وخراب عام ، فأن مستنقع اليمن سينعكس على خراب ودمار سعودي لايستطيغ احد ان يتكهن بعمقه المأساوي .