حمزة مصطفى
الشعب العراقي يحب طبقته السياسية.بل يحبها جدا جدا. اما “ليش؟ ما يدري”. حب العراقيين وولعهم وغرامهم لحكامهم وزعمائهم دكتاتوريين وديمقراطيين لا جديد فيه ولا غريب. فكلما اصبح الزعيم او القائد حتى لو كان “ضرورة” محبوبا اكثر ومرقوصا امامه اكثر ينال بعد مغادرته السلطة انقلابا او ذبحا او سحلا من الشتائم مالم ينله غيره في التاريخ. السياسيون العراقيون يعرفون هذه الحقيقة التي هي بالنسبة لهم ليست مرة. فلا غرابة في ان يبداوا بالتمثيل عليه امام الكاميرات والفضائيات. الغريب ان الشعب لايمثل ابدا. فهو صادق حين يحبهم. وهو صادق حين يلعنهم بل حتى حين يسحلهم.
الان وفي زمن الديمقراطية والشفافية والنزاهة فان هذا الحب المتبادل بين العراقيين وطبقتهم السياسية يتجدد “على سنة الله ورسوله” كل اربع سنوات عند كل انتخابات . الشعب يجدد لطبقته االسياسية عهد الولاء والبراء برغم انه لايرى احدا منهم الا خلال الحملة الانتخابية التي تسبق موعد الانتخابات. مع ذلك فهو مستعد للتصويت عليهم كل اربعة شهور اذا اقتضت الحاجة والضرورة. اما “ليش؟ هم ما يدري”. وحتى يثبت ان لا غبار على ولائه واخلاصه وبرائه فهو مستعد للتصويت على نفس الوجوه والكروش والصلعات كل اربع ساعات شريطة ان تطبع مفوضية الانتخابات المزيد من البطاقات الالكترونية الذكية.
لا اغالي ولا ازايد اذا قلت ان هناك من هو مستعد للتوجه الى صناديق الاقتراع كل اربع دقائق متحديا حظر التجوال والارهاب واهانات السيطرات لكي يقول امام الفضائيات وقد غمس اصبعه بالحبر البنفجسي ” ويلك ياللي تعادينا ياويلك ويل”. اما “ليش؟ صدقوني ما يدري”. هو يحب على السليقة مع ان هذه السليقة جلبت له الويلات والمصائب على مر العصور. مع ذلك لايسال .. لماذا يحصل ما يحصل؟ وكيف يحصل؟ والى اين تستمر حكاية “الواوي والذيب” وميغاوطات وزارة الكهرباء وغارات اوباما على سدي الموصل وحديثة حتى لانغرق في فيضان الفضيحة. بل الى متى يبقى البعير على التل؟ اما الدكتور قدري وعلى عناد الزميل صباح اللامي فبعد حصوله على اعلى الشهادات من اكاديميات سوق مريدي فقد تحول من قيادة بقرنا الى قيادة بشرنا.
الان وصلنا الى الحكومة الثالثة.. فما الجديد؟ انتم قولوا.. الم يتفاوض القوم منذ شهر على المطالب والحقائب. الاعراق تتفاوض والمكونات والاحزاب والكيانات والطوائف والمذاهب والاكثريات والاقليات والمحافظات والاقضية والنواحي والقرى في تغييب تام لشئ اسمه الوطن ولهوية اسمها المواطنة. رشقوا وزارات واستحدثوا مواقع وهيئات. اخرجوا سياسيين من الابواب واعادوهم من الشبابيك. مع ذلك فان آخر نغمات الشعب هي “يمعودين بس خلصونا” أو “شكلوا الحكومة وفضوّها”. وهذا لعمري هو جوهر ما تريده الطبقة السياسية. لم يعد مهما ان يكون بينهم فاسدون او مفسدون. تجار او متاجرون. سراق او”بواكون”. اما كيف يحصل ذلك ولماذا. فالشعب “مايدري”. اما انا بوصفي فردا من هذا الشعب احب انا الاخر طبقتي السياسية. اما “ليش؟ والعباس ما ادري”.