حكومة علاوي … بين الواقع والمتوقع

حكومة علاوي … بين الواقع والمتوقع
آخر تحديث:

بقلم:د.هاشم العوادي

دخل العراق في عالم المجهول، بعد فشل الكتل العراقية في البرلمان اختيار شخصية جديدة لرئاسة الحكومة، خليفة لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي ، وبعد ترشيح أسماء من الجدل والاختلاف بين المرشح الحزبي والمرشح الشعبي، ومؤشرات الاطراف الاقليمية والدولية من أصحاب المصالح في الجغرافية العراقية ومدى توافق ارادتها مع الارادة المحلية حزبية كانت او شعبية ، أفرز لنا هذا المخاض السياسي والشعبي اسم ” توفيق علاوي ” المؤيد للتظاهرات ومطالب المحتجين. ولكن لا يمكننا القول بانه شخصية توافقية ولكنه اقل جدلا من الأسماء الآخري . إلا أن تشكيل حكومة انتقالية يمثل ولادة النصر الحقيقي للثورة العراقية لتسير بخطواتها المرسومة للإصلاح.

أظهرت مشاهد الاستقالة والتكليف الجديد الظروف العراقية المعقدة سياسية كانت او اقتصادية او إجتماعية التي يعيشها الشعب والنظام العراقي، مما يعني ان التحديات التي تواجه الرئيس المكلف أكبر وأكثر من التحديات التي واجهها رئيس الوزراء المستقيل، والسؤال هل سيتطيع السيد علاوي محاربة تلك التحديات المعقدة؛ خصوصا وان الفترة الزمنية الممنوحة للسيد علاوي المكلف ربما لن تتجاوز الاشهر المتبقية من العام 2020 في أبعد الأحوال، اذ يأتي تكليف السيد محمد توفيق علاوي في واقع دولي وإقليمي ومحلي يتصف بـــالتعقيد ، لذا حددت هذه الحكومة بهدف أساس وهو العمل على وضع أسس الإنتخابات القادمة ووضع الحلول الناجعة للمشاكل المستعصية في البلد والتي من أهمها :-

1- تنامي الصراع الامريكية الايرانية وتطوره الخطير الذى تمثل في المواجهة العسكرية المحدودة بين طرفي الازمة على الأراضي العراقية. ومن ثم قرار البرلمان العراقي بانهاء التواجد الاجنبي لقوات التحالف في العراق وهو القرار الذي يستهدف الوجود الامريكي اكثر من غيره.

2- تعقد الوضع الإقليمي، وكيفية إبعاد العراق عن ميادين وتجاذبات الصراعات الاقليمية والدولية مع حجم ضغوطات المطاليب والوقت وقوى الدفع المعاكسة.

3- تنامي الهجمات الارهابية التي يقودها تنظيم داعش الارهابي بعد انحسار هذا التنظيم على الساحة العراقية خلال السنتين الماضيتين.

4- كيفية تشكيل الحكومة؛ بحيث لاتخضع للمعادلات الحزبية والطائفية والقومية، ولا تفرزها المحاصصة والمساومات والتنازلات والترضيات، لاسيما وان الجماعات الكردية والسنية مازالت متمسكة ومتشبثة بنهج المحاصصة تحت ذريعة الاستحقاقات السياسية والبرلمانية وهذا من شأنه تعقيد الامور والعودة الى نفس مساحات التأزم والانسداد السياسي .

5- الازمة الاقتصادية التي كانت سببا وراء خروج التظاهرات الاخيرة في تشرين الاول 2019. والتي يرتبط بها تفعيل الاتفاقية العراقية-الصينية .

وربما يمكن اضافة عدم الاستقرار الذي يشهده الشارع العراقي نتيجة تداعيات الاحتجاجات الشعبية وتاثيرها على العديد من القطاعات الحكومية كالتربية والتعليم والنقل والمنشات النفطية وقطع الطرق. وايضا يمكن اضافة تحدي اخر يتمثل بتراجع دور القوات الامنية في السيطرة على الشارع في قبال ظهور بعض التنظيمات التي (تقوم بوظيفة هذه القوات).

أيضا الضغط الذي تشكله بيانات المرجعية الدينية والتي باتت هي الاخرى تحت ضغط الاحداث تضطر الى التصريح شبه الاسبوعي عن موقفها من الاحداث. اذ كانت وماتزال المرجعية الدينية تدعو الجهات السياسية الى الاسراع في انقاذ الموقف السياسي محذرة من انزلاق الاوضاع السياسية في البلاد الى المجهول، وفي ذات الوقت تقف المرجعية الى جانب المتظاهرين منادية بضرورة المحافظة على سلمية الحراك لضمان التعاطف المحلي والدولي، اضافة الى الحذر من استغلال هذه التظاهرات من قبل اطراف داخلية او خارجية بالمستوى الذي يمكن ان تقوم هذه الاطراف بتوظيف هذا الحراك بالاتجاه الذي يقود البلاد الى منزلق المواجهات المسلحة.

ونستطيع القول ان السيد علاوي يعي ويتفهم تلك التحديات، إذ يشمل برنامج علاوي، الذي تضمن 14 تعهداً عدّها كثيرون برنامجاً حكومياً متكاملاً يعبر عن رؤية واضحة للتغيير: منها إلغاء اللجان الاقتصادية للأحزاب والقوى السياسية ، وهناك تعهد آخر بدا أيضاً صعب التحقيق؛ وهو أن علاوي أعلن عبر كلمته التي وجهها للشعب العراقي عقب تكليفه ، أنه سيكاشف الحراك الشعبي في حال عرقلت الكتل السياسية خططه وأنه سوف يتخلى عن المنصب طبقاً لإرادة المتظاهرين. وبالرغم من صعوبة التحديات وخطورتها الا ان الواقع السياسي يقول بان السيد علاوي غير معني باي من هذه التحديات بمقدار ما هو معني بالعمل على التحضير لانتخابات مبكرة، وإمضاء قانون الموازنة بأسرع وقت ممكن .

فأهمية الانتخابات تعود كونها الفرصة الآخيرة أمام العراقيون ليقولون قولتهم ازاء شكل وطبيعة البرلمان العراقي القادم على امل ان يكون الناخب العراقي قد استوعب دروس التجارب الانتخابية السابقة ومدى المسؤولية التي تقع على عاتقه في وصول الوضع العراقي الى ما وصل اليه الان.

بمعنى ان على رئيس الوزراء المكلف ان يجتهد في عملية تصحيح رؤية الناخب العراقي من خلال رفع الوعي الانتخابي بحجم المسؤولية الملقاه على عاتق الناخب العراقي في مسار الاصلاح، وان نتائج الانتخابات القادمة يمكن لها ان تكون الخطوة الاولى في الاتجاه الصحيح نحو اعادة بناء المنظومة السياسية في العراق ووضعها على المسار الاصلاحي بشرط وجود الوعي لدى الناخب.

لذا فان على رئيس الوزراء المكلف ان يكون حذرا في انتقائه لكابينته الوزارية، تملّك رؤية للعمل الإجرائي إذا ما كانت فعلاً مريدة لهدف بناء الدولة وتصحيح المسار في ترميم ما يمكن ترميمه في المرحلة الحالية مستفيدة من ضغط الجماهير كمساند قوي ضد قوى الاعتراض على الإصلاح والتغيير. اضافة الى المهمة الأساسية للسيد علاوي وهي تهيئة الاجواء المناسبة لانتخابات مبكرة يرمي بها الكرة في ملعب البرلمان الجديد في اختيار حكومة جديدة تاخذ على عاتقها العمل على تلبية مطالب الناخبين، والانطلاق في بلورة مشروع وطني لادارة الدولة بعيدا عن المحاصصة الطائفية والقومية.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *