حوارات تَكشّفُ أسرار كتابة الرواية الحديثة

حوارات تَكشّفُ أسرار كتابة الرواية الحديثة
آخر تحديث:

فيصل عبدالحسن
الحياة ليست كما يجب، وصار من الصعب عيشها، هذه العبارة وردت على ألسنة الكثيرين من الروائيين والروائيات الأوروبيين والأميركيين، المعاصرين والقدماء، الذين اختارت الكاتبة لطفية الدليمي ترجمة حواراتهم للغة الضاد في كتابها “ أصوات الرواية “الذي نشرته مجلة دبي الثقافية مع عددها 128 يونيو 2015 .     محاورة كتاب الرواية الحديثة هي إحدى وسائل استقطاب أفضل العقول لكتابة آرائهم، لمعرفة ما يدور في المجتمعات من أفكار من خلال ما يعبرون عنه في حواراتهم. فهم مؤهلون فكرياً ونفسياً وثقافياً لتحديد مسار القافلة البشرية، وآراء هذه المجموعة تُعد آراء نخبة تنقل نبض الناس وتطلعاتهم.

مهمة عسيرة
 
تقول الكاتبة لطفية الدليمي عن جمعها للحوارات وترجمتها « وأنا أُعدّ الحوارات على مدى الشهور القليلة الماضية تجمعت لدي جملة من الملاحظات والتنويهات التقنيّة، أحب أن أشارك القرّاء بعضاً من هذه الملاحظات»  ومن الملاحظات التي أشارت إليها أن اختيارها للحوارات لم يكن من بين الحوارات العابرة، والمرحلية أو ذات الانطباع الآني، ولذلك فهي اتجهت إلى مجلة « باريس ريفيو» العالمية المرموقة والمجلات ذات المستوى الثقافي المرموق لكي تختار مادة كتابها.  واعداد كتاب من هذا النوع في غاية الصعوبة، إذ تكون أمام الكاتب مهمتان الأولى اختيار موضوعات الحوارات التي يربط بينها رابط ما أو فكرة معينة أو صبغة خاصة، كأن تكون فلسفية أو فكرية أو نفسية أو لها علاقة بعلم الاجتماع والميثولوجيا. والثانية أن تبرع بترجمة المادة التي اختارتها، والمهمة عسيرة حقاً، لأنها قامت بدورين اعداد كتاب باختياراتها من بين صفحات المجلات المتخصصة، وترجمة ذلك الكتاب الذي اعدته بلغته الأم إلى لغة الضاد.   وهذا الجهد المبذول في ظني لا يفعله إلا كل عاشق، فالعاشق لا يهمه أن يبذل مهجته، ويسهد الليالي لإرضاء ذلك التوقّ النبيل لبلوغ الكمال، والكاتبة عاشقة حقيقية للرواية وكتابتها، لذلك جاء جهدها مخلصاً مفيداً للمهتمين بهذا اللون الأدبي.

المصير البشري
 
الكتاب مرجع مهم لمن يوّد معرفة مآلات الفن الروائي الحديث في الأدب الحديث من ألسنة كتابه، وفي طروحاتهم الفكرية من خلال إجاباتهم عن اسئلة محدثيهم ومستجوبيهم، وهؤلاء من أفضل العقول الثقافية في العالم.  ضم الكتاب ثمانية عشر حواراً، وقد فاز بعضهم بجائزة نوبل، ومن هؤلاء الكتاب توني موريسون خوزيه ساراماغو، جويس كارول أوتس، بول أوستر، فيليب روث، أنتونيا بيات، إدواردو غالينو، كارلوس فوينتس، ثوماس كينيللي، أليف شافاق، هاروكي موراكامي، لويزا فالنسويللا، أورهان باموك، أناييس نن، دوريس ليسنغ، إيتالو كالفينو، كولن ويلسن، مارغريت أتوود. ومما قاله المحاورون عن المصير البشري، وصعوبات العيش في عالم مملوء بالظلم وعدم الإنصاف في تقاسم الثروات، فقد أجاب صاحب رواية مدن لا مرئية، وحكايات إيطالية:  « الصراع بين الخيارات التي يفرضها العالم، مع نزوع الإنسان المتواصل والمسكون بفكرة إيجاد معنى ما   وقال عن موضوعات رواياته « الخيارات، هو أنموذج لما يتردد غالباً في جميع ما أكتبه « وكرر أنه يخاف من تكرار نفسه في عمله الأدبي. وقالت الروائية الفرنسية أناييس في حوارها، أنها منجذبة بقوة عجيبة إلى عالم الإحلام، وذكرت أن الجنس البشري لا يمكن أن يعيش بسعادة من دون اتحاد الوعي واللاوعي في كل إنسان. وقال الروائي الأميركي بول اوستر مُذكراً بقول هيراقليطس الفيلسوف اليوناني « في بحثك عن الحقيقة كُنْ متأهباً دوماً لما هو غير متوقع، لأن الحقيقة مُنهكة في البحث عنها، وباعثة على الحيرة عند إيجادها «  وقال الروائي البرتغالي الحائز على نوبل ساراماغو « من المهم للغاية أن نواجه التاريخ الرسمي بكلمة « لا « وهذا هو عين ما يدفعنا للتنقيب حتى نعثر على تاريخ يمكن لنا أن نقول له « نعم « وينطبق هذا القول على تواريخ حيواتنا والروايات التي نقرؤها، والإيديولوجيات الشائعة التي نسمع عنها أو نتعامل معها. أصوات الرواية الذي ترجمته وقدمت له لطفية الدليمي من الكتب المهمة، التي يحتاجها القارئ، لمعرفة أسرار كتابة الرواية
الحديثة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *