خبير اقتصادي : وزاراتنا تحولت لساحة صراع بين الأحزاب التي استقطب كل منها مافيا تحارب نيابة عنها
الموصل / شبكة أخبار العراق – شكك الخبير الاقتصادي والمسئول في محافظة نينوى أرسلان سالم العباسي ، بقدرة العراق على التخلص من ظاهرة الفساد المالي والإداري خلال المديين القصير والمتوسط ، عازيا أسباب ضعف العلاجات إلى تحول الوزارات ومؤسسات الدولة كافة إلى ساحة صراع ما بين الأحزاب التي تمكنت من شق الولاء الوطني وهيمنة كل منها على عدد من موظفي ومسئولي الدوائر ، وبشكل يصعب معها إخضاعهم للحساب . وتابع العباسي خلال دراسة أعدها حول الواقع الإداري للدولة العراقية ،بثها مكتبه الإعلامي من محافظة نينوى ، أن” القطاع الإداري الحكومي يعاني من حالات غير صحية يمكن درجها تحت طائلة الفساد الإداري و التي تتمثل بتحجيم الطاقات الشابة و تغييب الكفاءات العلمية و التي تؤثر سلباً على العمل المنجز في الوحدة ,كما يؤثر على نوعية الخدمة المقدمة لصالح المواطن .كما وتلعب الطبيعة الاشتراكية لنظام الدولة العام دوراً أساسياً في تكريس ما يسمى بـ (الديكتاتوريات الصغرى) في المستويات الإدارية المختلفة في الوحدة الإدارية الواحدة .و التي تساهم و بشكل كبير إلى خلق حالة من” الفوبيا” في نفوس من تتقدم بهم سني الخدمة يعزى سببها إلى الأسباب التالية. الانتماء الكلي للموظف إلى أبوية الحكومة و عدم الإحساس بالمسؤولية الكاملة , فالموظف جزء صغير من كلٍ كبير مهما تقدم الموظف في الخدمة، وعدم إدراك التغيير البطيء في حركة عجلة التطور في المجتمع الاشتراكي , حيث تتركز الربحية بالاستثمار الواقع في رأس الهرم والخاص بـحوالات الخزينة الحكومية.من هنا أصبحت مؤسساتنا الحكومية مستودع لكم هائل من العاملين (البطالة المقنعة) يجددون ولاءهم للدولة دون فهم لماهية عجلة التطور و الوصول إلى أفضل السبل للإنجاز و تحقيق الربحية.نتيجة لما ورد يتملك الشخص حال وصوله إلى مرحلة التقاعد رعب و خوف بأنه سيصبح خارج دائرة الحياة و الدولة.كما أن كفاءة الفرد في الإدارة العليا تنحسر بالسيطرة المطلقة على العاملين في المستويات الدنيا لديمومة العمل اليومي الأمر الذي يقتل الكفاءة و قوة الشباب و يحجم الخبرة.أن الهيكلية أعلاه تخلق نوع عقيم من الاتصال يمكن تسميته بالاتصال ذات الاتجاه الواحد (الأوامر) دون السماح للاتصال العكسي الذي يسمح بمرور المقترحات التطويرية في العمل .تساهم جميع الأسباب أعلاه و بشكل مباشر في خلق مؤسسة من الدوائر المغلقة تستمد قوتها من المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة , الأمر الذي يؤدي إلى تعرض الأشخاص العاملين في تلك الدوائر إلى المضايقات و الضغوط النفسية والتي يمكن تسميتها بالوسواس القهري الذي يساهم و بشكل مؤثر في قتل الطموح بين الأشخاص العاملين ضمن المستوى الوظيفي الواحد و موظفي القيادات العليا لهم و الذين ارتضوا في أن يكونوا آلهة صغيرة في المؤسسة ترفض التغيير و تشجب الأفكار الجديدة التي قد تقع خارج قدرتهم في تمييز الأشياء و التي يمتد تأثيرها في أغلب الأحيان خارج الوحدة الإدارية تلبية للمصالح الفردية.إذا ما درسنا الآثار السلبية لطبيعة الإدارة في هذه الكيانات و مدى تأثيرها على عجلة التطور في المجتمع, فنجد أن داخل كل وحدة إدارية في العراق وحدة مافيا صغيرة تستوطن في المفصل الحيوي للدائرة و المكون الإداري , و التي تدور في فلك السيطرة و الكسب اللامشروع لدعم بقاءها و الحفاظ على مصالحها الشخصية و التي غالبا ما تتطلع إلى البحث عن مصادر قوة خارجية أو إدارات عليا لحمايتها.و من الظواهر السلبية التي يعاني منها التنظيم الإداري في العراق و التي تنعكس على سلوك و طبيعة توجه العاملين فيها هو عدم انتماء الموظف إلى المؤسسة التي يعمل فيها إي أن بقاءه في دائرته مقترن بكسب العيش و ليس باقتران شخصه بكيان المؤسسة و هو شعور يتولد نتيجة تغييب دوره في دائرته الأمر الذي يؤدي إلى انقطاع التواصل بينه و بين عمله لعدم وجود دور فعال له في الوحدة.و هناك عدة صور لمثل هذا الانقطاع يمكن ذكر بعضها في أدناه:-
أن نقل الموظف دون الرجوع إليه أو حتى محاولة معرفة اهتمامه أو ما يميزه عن أقرانه في العمل حالة سلبية تؤثر و بشكل مباشر على دور الموظف و موقعه في المؤسسة و الذي ينعكس سلباً على سير العمل في الوحدة الإدارية.
عدم امتلاك القيادات الإدارية الثقافة الشاملة والكاملة لصناعة القرار وافتقارها للشجاعة الشخصية الكافية للتغيير أثر مهم في تعطيل عجلة التطور.
ازدواجية الفكر البرجوازي المتطرف لكثير من القيادات الإشتركية في الدوائر العراقية و الذي نما بشكل ملفت للنظر بعد عام 2003 , أدى إلى حصول صراع نفسي أشبه بالتسابق الداخلي بين الشعور بالحيف الاجتماعي في ظل فكرة التحول الرأسمالي المجرد من كل المعايير الصحيحة و الفساد الإداري الداعم للحكومة العراقية. و الذي يمكن أن نطلق عليه تعويض الماضي بالشراكة و التراضي.
أن ظهور مافيات صغيرة في القطاع العام أدى إلى وقوع الكوادر العاملة تحت طائلة الترهيب و الخوف .
حجب الكفاءات العلمية و تحجيم دورها و خصوصاً تلك التي تمتلك بعض أدوات التغيير.
يؤدي عدم التواصل و الإحساس بالخوف و التهميش إلى خلق حالة من الإحباط و الصراع السلبي في المؤسسة و الذي يكرس حالات من التباعد و النفور.
انعدام قيمة الفرد الذي ينتمي إلى دولة و أنظمة فاسدة يؤدي إلى خلق موظف بعيد عن الأنظمة الاقتصادية الصحية.
أن بقاء الكائن الحي و اكتساب قيمته الإنسانية في المجتمع الاشتراكي تعتبر امتداد و جزء لا يتجزأ من الكيان الاقتصادي للدولة, حيث يمثل جزء من الحلقات الحية التي تربط قيمة الفرد الحيوية بحاجة المجتمع و التي تدور في فلك دورة الحياة الاقتصادية , فإذا ما تعرض هذا الكيان إلى العزلة و الفساد و بالتالي إلى الانهيار فأن قيمة الفرد و شعوره بالانتماء ستنهار و تتحول دورة العمالة الاقتصادية إلى حلقة مفرغة تصب في مصلحة الكيانات الانتهازية الصغرى للمتنفذين في الدولة.أما في المجتمع الرأسمالي تتمثل قيمة الفرد بزيادة رأس المال التشغيلي للمؤسسة و الذي يصب في خدمة التنافس السلعي على حساب قدرة المواطن و التي تعتبر جزء من حلقة دورة رأس المال الاستثمارية و التشغيلية فإذا ما حصل أي خلل في الدورة المذكورة يتحول الإنسان إلى آلة استهلاكية و يدخل في دوامة الاستغلال و الاستنزاف.
و أخيراً و ليس آخراً فأن الكيانات الإدارية ما هي إلا مفصل من مفاصل المجتمع المتعددة كل حسب طبيعة عملها و التي تحافظ على استمرارية الحركة الفعالة لدورة رأس المال و التي تدعم الموارد البشرية و الاقتصادية على حد سواء.كما أنها بمكانة الدم لجسد الإنسان الذي يديم الحياة لجميع أجزاء الجسد في الكائن الحي. و من هنا تلعب الإدارات الالكترونية (الحكومة الالكترونية) دوراً إيجابياً في حلحلة جميع العقد و تفكيك جميع العصابات المتنفذة,كما أنها توفر سهولة أكبر و عامل زمني أقل لإنجاز و تحقيق و دعم عجلة الاقتصاد النموذجية الخاصة ببلدنا العظيم.