خبير اقتصادي يدعو الحكومة إلى إعادة النظر في الزيادات الضريبية الأخيرة
آخر تحديث:
بغداد/ شبكة أخبار العراق- قال الخبير الاقتصادي منار العبيدي ،الثلاثاء، أنه “لا خلاف على أن الضرائب والرسوم تمثل إحدى الأدوات الأساسية التي تعتمدها الدول لتوليد الإيرادات وتعزيز قدرتها المالية. غير أن التجارب الاقتصادية الناجحة تُظهر بوضوح أن الحكومات لا تبني سياساتها المالية على رفع نسب الضرائب بحد ذاتها، بل تركّز بالدرجة الأولى على توسيع الوعاء الضريبي والكمركي بما يضمن زيادة الإيرادات بصورة مستدامة ودون إلحاق ضرر بالنشاط الاقتصادي”.ويشدد العبيدي على أن أي زيادة في نسب الضرائب أو الرسوم “يجب أن تكون مبنية على دراسات دقيقة تأخذ بنظر الاعتبار مجمل الآثار الاقتصادية المحتملة، بدءًا من تأثيرها على معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، مرورًا بانعكاساتها على مستويات التضخم، وصولًا إلى أثرها المباشر على فرص العمل في القطاع الخاص”. ويرى أن النهج السليم يتمثل في “التوسّع الأفقي” للإيرادات عبر زيادة عدد المشاريع العاملة، وتحسين بيئة الاستثمار المحلي والأجنبي، أما اللجوء إلى “التوسّع العمودي”، أي رفع نسب الضرائب والرسوم، فيفترض أن يكون مرحلة لاحقة لا تُعتمد إلا بعد تحقق جملة من الشروط، في مقدمتها استقرار الأسواق، والحفاظ على مستويات التشغيل، وعدم الإخلال بمستهدفات التضخم.ويشير العبيدي إلى أنه خلال الفترة الماضية، ومع تصاعد الضغوط على النفقات العامة، اتجهت الحكومة إلى اعتماد خيار الزيادة العمودية للضرائب والرسوم دون استكمال دراسة آثارها الاقتصادية، حيث تم رفع التعرفة الكمركية وبعض الرسوم الضريبية قبل التحقق من حجم التأثير المباشر على القطاع الخاص والمواطن، وقدرة المشاريع القائمة على الاستمرار. وينبه إلى أن “زيادة الرسوم لا تعني بالضرورة زيادة فعلية في الإيرادات”، إذ قد تؤدي إلى تراجع نشاط المشاريع، وانخفاض قدرتها على توليد الدخل، ما يفرغ هذه الزيادة من مضمونها المالي.ويضرب العبيدي مثالاً بقطاع الاتصالات، موضحاً أن فرض أعباء إضافية “لا ينعكس فقط على كلفة الخدمة التي يتحملها المواطن، بل يمتد ليؤثر على نشاط هذه الشركات وربحيتها”، محذراً من أنه مع ارتفاع الكلف التشغيلية، قد تلجأ الشركات إلى تقليص نفقاتها، وفي مقدمتها أجور العاملين، مما يؤدي إلى تسريح العمال وارتفاع معدلات البطالة.ويختم العبيدي رؤيته بالتأكيد على أنه كان الأجدر بالحكومة التركيز على تهيئة بيئة استثمارية أكثر جاذبية وتبسيط بيئة الأعمال، وهو ما كان سيقود بطبيعته إلى توسّع أفقي في الإيرادات الضريبية. ووجه العبيدي دعوة للحكومة “لإعادة النظر في الزيادات الضريبية الأخيرة، والعمل بدلًا من ذلك على تحسين آليات الاستحصال الضريبي، وتطوير برامج فعّالة لضم الفئات غير الملتزمة ضريبيًا إلى المنظومة الرسمية”، مؤكداً أن “زيادة الناتج المحلي الحقيقي هي الطريق الأضمن لرفع الإيرادات الضريبية بصورة صحية”، قبل التفكير بأي زيادات عمودية لا تستند إلى دراسات علمية رصينة.