خطورة المزاج .. نفور جارتنا من الملايا الحسينية !

خطورة المزاج .. نفور جارتنا من الملايا الحسينية !
آخر تحديث:

بقلم:خضير طاهر

السيدة جارتنا لديها توجهات دينية حسينية فهي في كل عاشوراء تقيم مجلس نسائي للتعزية واللطم والبكاء لمدة عشرة أيام .. ودائما تردد ان إقامة مجلس العزاء الحسيني فيه خير وبركه ودفع بلاء … علما طوال حياتها كانت تعيسة ولم تلمس البركات الموعودة من المجلس الحسيني ، ومع هذا ظلت مصرة على إقامة المجلس رغم فقرها المالي .

في أحد الأيام توفيت الملايا التي كانت تقرأ التعزية لها لمدة طويلة ، وكانت منطقتنا صحراوية فقيرة خارج المدينة لاتجذب الملايات للمجيء اليها ، ولم يكن أمام جارتنا غير خيار واحد هو توفر ملايا تأتي الى المنطقة وتقرأ بشكل جماعي بالتسلسل في عدة بيوت في اليوم الواحد وفي آخر عاشور تجمع الوارد والأرباح وتغادر ، على الفور أعلنت جارتنا رفضها جلب الملايا الجديدة والوحيدة المتوفرة ، والسبب ان الملايا تلبس ساعة يدوية في يدها مما أثار نفور وإشمئزاز جارتنا وأعتبرت إرتداء الساعة فعل ينم عن الوقاحة والإستهتار وبعيد عن الأجواء الحسينية ، وتم تعطيل إقامة المجلس الحسيني للنساء رغم تحذيرات نساء المنطقة من ان ( الزهرة راح تزعل عليج إذا عطلتي مجلسها ) والمقصود الزهراء بنت الرسول محمد كونها أم الحسين ، وتوجد حيلة – وربما عن جهل وأوهام – تلجأ اليها الملايات وشيوخ المنبر الحسيني للترويج والدعاية لبضاعتهم ، الملايا تؤكد لهن ان ( الزهرة تحضر المجلس ) وشيوخ المنبر يصرحون بأن ( أئمة أهل البيت يأتون لحضور المجلس والبكاء على مصيبة الحسين وبعضهم يزيد ويؤكد حضور الملائكة كذلك ) ولاأحد يسأل نفسه ، كيف يحضر الموتى الى كل هذه المدن والبلدان ، وإذا كان الرسول محمد حينما هرب من مكة إستعان بدليل للوصول الى المدينة وهذا دليل على انه لايعلم الغيب وليس لديه إتصال مع السماء والملائكة ، فهل لدى أرواح الأئمة جهاز خرائط GPS؟!

علما ان الحوزات الدينية وأوساط رجال الدين محرم إجتماعيا لديهم إرتداء ساعة اليد ويكتفون بحمل ساعة الجيب المربوطة بسلسلة .

في مثل هذه المجتمعات المتخلفة التي تنطلق أحكامها على الناس بدوافع مزاجية عدوانية ، ويغيب عن فكرها ومشاعرها وسلوكها المنطق والعلم .. هذه المجتمعات العيش بين صفوفها سجن يغلي بالجحيم الذي يستنزف العمر ويرهق الاعصاب ويحطم الشخصية وهو ثمن يظل الفرد يدفعه بإستمرار بسبب لعنة الجغرافية والولادة في أرض كالعراق والمنطقة العربية وأفريقيا والدول اللاتينية والكثير من البلدان الأسيوية ودول أوروبا الشرقية.

ما هو المعيار العقلي والأخلاقي الذي نعتمده في علاقاتنا الإجتماعية ؟.. الحقيقة بعد فضيحة الإسلاميين وظهور فسادهم وجرائمهم .. تأكد فشل الأديان في التهذيب وتنمية القيم الإنسانية لدى الناس ، وأيضا بعد هزيمة الأيديولوجيات الشمولية: الشيوعية والقومية والإسلام السياسي التي إدعتت وجود حلول إجتماعية أخلاقية لديها .. ليس هناك معيار مؤثر لضبط الفكر والمشاعر والسلوك ، والأمر يظل محصورا داخل إطار الجهد الفردي النادر في تربية الذات على قيم العدالة والشفقة والتعاطف .. اما السلوك الجمعي فهو للأسف خاضع للمزاج المنفلت من أي ضوابط .

و كي لايكون كلامي مجرد تسطير مثاليات بعيدة عن الواقع البشري ، أنا شخصيا أيضا لديّ مزاجيات تطلق الأحكام حول البشر ، وليس من باب التبرير ، لكن القاعدة العامة حسب قناعاتي هي ان الإنسان كائن طبيعته فيها الكثير من العيوب – حتى لو كان مثقفا – ولدينا صدمة كبرى حينما إختلف جماعة عالم النفس فرويد ودخلوا في مشاكل فيما بينهم وهم علماء نفس يفترض بهم أكثر الناس سيطرة على أفكارهم ومشاعرهم وسلوكهم ، مع هذا فشلوا في التحكم بطبيعتهم البشرية وبالتالي فلا أمل في إصلاح الإنسان الحالي وتنقيته من العيوب ما لم يتدخل العلم وينجح في تطوير خلايا الدماغ وينتج كائنا بشريا متطوراً يخلو من الأنانية والشر ويحب الخير والعدالة !

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *