فلاح المشعل
التحول السياسي الدراماتيكي في سلوك “داعش” من تنظيم مسلح يستهدف أعداء محددين مثل قوات الإحتلال الأمريكي ، والدفاع عن “مظلومية” طائفة الى إعلان دولة إسلامية واعتبار “البغدادي ” خليفة للمسلمين ،وقيام افراد وجماعات هذا التنظيم بإضطهاد وقتل ابناء الديانات الأخرى كما حصل مع الأيزيدية والمسيحيين وغيرهم ،كذلك في قتل الشيعة والسنة على حد سواء واضطهاد المسلمين جميعا وانتزاع ممتلكاتهم وكرامتهم ومصادرة مايغري بالمصادرة .
هذه المعطيات جعلت التركيز يتجه بتقديرات سياسية تحقق مبدأ الشك ، بأن الأهداف التي تقف وراء صناعة هذا الوحش المدعو “داعش” يقصد منه جملة من الغايات لأحكام السيطرة والهيمنة على الشرق الأوسط واضعاف طاقاته التي استعرضتها شعوبه في انتفاضات وثورات تكررت بنجاح في تونس ومصر دون تدخل امريكي أو غربي ، وقد نجحت هاتان الثورتان واسستا لمنهج واسلوب حكم ديمقراطي وإنفتاح للحريات دون ذلك النهج الذي درجت عليه امريكا في انبات التجربة الديمقراطية على نحو قسري ، كما حصل في العراق .
الحالة الآن تكشف عن تخندقات سياسية ودولية تتمحور على افكار ومفاهيم طائفية ومذهبية وترشح خلافات عقائدية لاتبحث عن حلول وسطية إنما تنطوي على فكرة الغلبة والنصر على الآخر، هذا الإستيقاض الذي يكرس دول الشرق للتخلف والعنف ، ويجعلها بؤرة لإنتاج الإرهاب والحرب الدائمة ، وهاهي “داعش” تخوض الحرب ضد الشيعة والعلويين والدروز والمسيحيين والأيزيدية والكورد والسنة المعتدلين الذين لايبايعونها ولايؤمنوا بالتكفير وقتل الآخر ، وهي تهدد وجود حياة تلك الأديان والمذاهب والمكونات ، وبحساب ضعف الحكومات العربية وهزيمتها امام الدواعش ، يكون من الوارد جدا ان يكون لكل مكون دولته وحدوده الجغرافية التي تشكل الرقعة المذهبية أو الطائفية للسكان ، خصوصا وان الصراعات الطائفية على اشدها في هذه الدول وهي صراعات تمت صناعتها وابتكارها وتغذيتها بطريقة ذكية ومحكمة ، تجعلها تأتي بالمزيد من الكوارث على شعوب هذه المنطقة وإضعافهم الى درجة تجعلهم بمسيس الحاجة لحماية دولية تتكفلها الدولة العظمى وهو مانسمع صدى دواتها تظهر بين الفينة والأخرى من قبل بعض المكونات التي تعرضت لجراح بلغية، وهنا ياتي دور امريكا وبقية الدول الأمبريالية في وجود دائم بهذا الشرق الملبد بغيوم الرعب .