يعنى مفهوم الدعم وصناعة الشيء بطبيعة الأدوات أو الخدمات التي تعمل على تبسيط وفهم جميع المعطيات المطلوبة والمرتبطة بالقرار المراد اتخاذه. وقد تكون أدوات دعم العمل نماذج أو تطبيقات إلكترونية شأو خدمات استشارية أو دراسات موضوعية من شأنها توضيح مكمّلات العمل المرتبط بصناعة بعض النواحي المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار.إذا سقطنا مفهوم الفعل الداعم في صناعة مفردات العرض المسرحي، سنرى بأنّه مجموعة من العمليات والسياسات والخطوات التي يتم بوساطتها الوصول للقرار النهائي واتخاذه في هذا الجانب، وقد يشمل ذلك أنموذجًا لمرحلة تتطلب القدرة على تتبع عملية الإجراءات التي يستطيع المسرح بوساطتها أن يحافظ على الاستمرارية والبقاء والتطور والنضج في ظل المتغيرات الحياتية ومجموعة الإشكاليات الإدارية والفنية المعنية بفن المسرح.
سعى الكاتب والمخرج “بيتر بروك” إلى تطوير المسرح عبر عدد من الأسس التي تشكل الأساس الفكري لهذا الفن، ومن هذه الأسس أن يقوم فن المسرح بكشف الواقع الاجتماعي من أجل تجاوزه وعدم التسليم به كدعوةٍ للتغيير، فضلاً عن ضرورة وعي فناني المسرح بالسمات الجوهريَّة للفن المسرحي، ومن ثمَّ فإنَّ المشاركة الفعليَّة للجمهور هي أيضًا أمر ضروري إذ لا بدَّ أن يتوافق المسرح مع السلوك الإنساني الاجتماعي مؤثرًا فيه ومتأثرًا به، من أجل عملية الإنتاج وما يرتبط بها.
كما تعد عملية دعم صناعة المسرح عبر شراء التذاكر، إنتاجًا للعرض المسرحي، فضلا عن القرارات الفكريّة والجماليّة الخاصة بالمنجز الإبداعي المرتبطة باختيار النص المسرحي، وصولًا لآخر خطوات العرض المسرحي، وهنا قد تظهر نتائج صناعة العرض عبر عملية الإنتاج وطبيعة علاقتها مع المتلقي الذي يحدد نجاح العرض من فشله، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يعتمد العرض المسرحي على الظروف الاقتصادية للإنتاج، فالمخرج هو المفكر في المسرح، وهو الذي يسير كل جزئيات العرض ومنها ما ترتبط بالجانب الاقتصادي “الإنتاج” الذي يعتمد على تذاكر دخول العرض المسرحي.
اعتقد أنَّ قطع التذاكر عند دخول العروض المسرحية ثقافة متعالية القيم، بعيدًا عن فكرة دعم العرض المسرحي ماديًا، هناك فعل فكري جمالي يعكس طبيعة التطور الذي حصل على المكان أو المؤسسة المعنية، وايضا على ثقافة الجمهور والبلد الذي يعيش فيه. وهذا ما يؤكد أن شراء تذاكر المسرح لا يمنحنا الفرصة لمشاهدة المواهب والإبداعات المذهلة على المسرح فحسب، بل يلعب أيضًا دورًا حاسمًا في دعم صناعة المسرح كمنظومة تسهم في زيادة الإيرادات الناتجة عن مبيعات التذاكر بشكل مباشر وفي تكاليف الإنتاج، ليمكن أن تدفع أجور الممثلين وكادر العرض، فضلاً عن الحفاظ على النظام البيئي للمسرح، وعليه يمكن عبر شراء التذاكر حدوث فرق كبير في دعم صناعة المسرح والأخذ به نحو آفاق جديدة.
شراء التذاكر في دعم صناعة المسرح، لها تأثير في النجاح الذي يحققه العرض، الغاية ليس بتحقيق الإيرادات فقط، بل بالإمكان تهيئة فرص مختلفة لكادر العمل الفني، فضلاً عن بيان القدرة التي يمتلكها المسرح للوصول إلى جمهور مختلف، أي بعيد عن الجمهور المتخصص، ومن ثم الانفتاح بالعروض المسرحية على مساحات جديدة، وتجارب تثبت الدور المهم الذي يمكن أن تؤثر فيه شراء التذاكر في دعم صناعة المسرح، وأيضا في صناعة وعي مغاير لحضور ودعم المسارح المحليَّة.
أغلب العروض المسرحية تفتقر إلى الإنتاج الجيد، وهذا ما يؤثر في طبيعة مضمونها ومستوى الأداء الذي يقدم فيها، وهناك حسابات في العمل المسرحي، كلما كان الإنتاج جيدًا يكون العرض متعالي الجمال، نصًا وإخراجًا واداءً، بما في ذلك نفقات التصميم والديكور والأزياء والإضاءة ومعدات الصوت وكل ما يدعم العمل المسرحي، بالمقابل إذا كان الإنتاج فقيرًا فقد يؤثر في العرض المسرحي، ومن ثمَّ يفتقر إلى العديد من العناصر التي تساعد على نجاحه، ومن دون التمويل الكافي، قد تعاني العروض من خلق تجارب إنسانيّة متجددة للجمهور. وعليه، فإنّ المساهمة بشراء تذاكر العرض المسرحي تعد من أهم الطرق التي يتم بوساطتها دعم وصناعة المسرح، فضلاً عن المساهمة في ميزانيات الإنتاج، وتمكين المسارح من تقديم عروض عالية الجودة تؤثر في عملية التلقي، وتدفع المتلقي إلى تشاركية العرض المسرحي.أرى أن اعتماد التذاكر في العروض المسرحية، يعكس التطور في المؤسسات المعنية التي تعتمد رؤى تلامس التخطيط الذي يعطي أفكارًا بعيدة المدى تدخل في صناعة المسرح وتعزيز ميزانيات الإنتاج.