بغداد/ شبكة أخبار العراق- الساحة العراقية أمام مشهد جديد، خصوصاً مع التوقعات بعدم قبول “الإطار” بشروط الصدر التي طرحها في خطبة الجمعة يوم 15 تموز 2022، وهو ما قد يرد عليه الصدر بإنزال جمهوره إلى الشارع لمنع تشكيل حكومة لا يوافق عليها.وشهدت الفعالية التي نظمها “التيار الصدري” أمس، تحت عنوان “صلاة الجمعة الموحّدة”، وأقيمت في مدينة الصدر، تصعيداً واضحاً من الصدر ضد خصومه السياسيين، والإعلان للمرة الأولى عن شروطه للقبول بأي حكومة تأتي من خلال “الإطار التنسيقي”، والذي خاطبه بعبارة إلى “من لا نُحسن الظن بهم”.وتُعتبر الفعالية أكبر حشد جماهيري في بغداد منذ سنوات، وقُدّر عدد المشاركين فيها بمئات الآلاف نظراً لمسافة الطريق (شارع الفلّاح) الذي نُظّمت فيه الفعالية، ويبلغ طوله نحو 7 كيلومترات وبعرض 40 متراً، وفقا لمسؤولين في اللجنة المنظمة في “التيار الصدري” .تُعتبر فعالية التيار الصدري أمس في مدينة الصدر أكبر حشد جماهيري في بغداد منذ سنوات
وألقى ممثل الصدر، محمود الجياشي، الخطبة التي كتبها زعيم “التيار الصدري”، وقال فيها إن “على الذين يريدون تشكيل الحكومة إخراج كافة القوات المحتلة من البلاد”.وشدّد الصدر على أنه “لا يمكن تشكيل حكومة قوية في ظل انتشار السلاح والمليشيات المنفلتة، وعلى الجميع حل الفصائل المسلحة، وإن عاد المحتل عدنا أجمع”، وأضاف: “يجب إبعاد الحشد الشعبي عن السياسة والتجارة وإعادة تنظيمه، كما يجب إبعاد الحشد عن التدخلات الخارجية وعدم زجّه في الحروب الطائفية”، وتابع: “سمعنا بعبارة أن المُجرب لا يُجرب، وعبارة (الشلع قلع) لذا لا تكرروا المجربين لمنع تكرار سبايكر والصقلاوية وباقي المآسي”، في إشارة مباشرة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وطالب الصدر بـ”إبعاد المليشيات عن المناطق المحررة، وأن تُبنى بأيادي أهلها”، شاكراً “أهالي المناطق المحررة في الموصل والأنبار وصلاح الدين وديالى لأنهم رضوا بنا محرّرين، ولولا تعاونهم لما حُرّرت الأراضي المغتصبة، ولا منّة للحشد عليهم”. وبيّن الصدر أن “المرجعية الدينية أغلقت بابها أمام جميع السياسيين من دون استثناء وهذه سبة لسياسيي الشيعة، وعليهم طلب العفو منها بعد التوبة إلى الله، كما على القوى السياسية التي ستشكل الحكومة محاسبة فاسديهم”.وأضاف الصدر متحدثاً عن خصومه السياسيين من القوى الشيعية بأن “أغلبهم غير مقتنع بأن حبّ الوطن من الإيمان، لذا فإن توجهاتهم خارجية”، مطالباً بـ”تجذير حب الوطن والتعامل مع الدول الأخرى بالمثل، فالعراق هو عراق علي (الإمام علي بن أبي طالب) وهو سيّد المذهب وإمامه، والعراق مُقدم على غيره وعليهم ترك التبعية المقيتة”.
وتعليقاً على هذه الخطبة، قال قيادي بارز في “التيار الصدري”، طلب عدم ذكر اسمه، إن “الشروط التي أعلن عنها ممثل الصدر في خطبة الجمعة، هي رسمية وتمثل التيار”.وأضاف القيادي على هامش مشاركته في الصلاة الموحّدة، أن “الإخلال بهذه الشروط، سيكون له ثمن”، وسأل: “يريدون تشكيل حكومة؟ هذه مطالب الشعب وعليهم أولاً وأخيراً عدم تكرار حكومات التحاصص الطائفي وهذه لك وهذه لي، وأن يتوقفوا عن التبعية”، وكشف أن “فعالية (أمس) الجمعة يمكن تكرارها متى ما تطلب الأمر ذلك في سبيل عدم تسليم العراق للفاسدين”.
من جهته، قال السياسي العراقي المقرب من “التيار الصدري”، النائب السابق فتاح الشيخ، إن “الصدريين أوصلوا رسالتهم، وبات تشكيل أي حكومة جديدة معقّداً وصعباً بعد الشروط المعلنة اليوم”.وبيّن الشيخ أن “أي حديث بعد صلاة الجمعة الموحّدة عن مفاوضات وحوارات سياسية لتشكيل الحكومة الجديدة هو كلام فارغ، فبعد هذه الجمعة أصبح صعباً جداً تشكيل أي حكومة على أساس التوافق والمحاصصة والتبعية للخارج”، متوقعاً أن تتراجع بعض قوى “الإطار التنسيقي” عن مشاركتها في الحكومة الجديدة.وتعليقاً على خطبة الصدر وصلاة الجمعة الموحّدة، قال القيادي في “الإطار التنسيقي” علي الفتلاوي، في حديث مقتضب ، إن “الإطار التنسيقي ومن معه من حلفاء، ماضون في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، ولا توجد أي عراقيل ستؤثر على هذه العملية التي تهدف إلى حلّ أزمات العراق على مختلف الأصعدة”.
وبيّن الفتلاوي أن “الإطار التنسيقي اقترب كثيراً من قضية حسم تسمية رئيس الوزراء الجديد، وسوف يعلن عن ذلك بشكل رسمي خلال الأيام المقبلة، كما أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ستتم خلال الأيام القريبة جداً”، معتبراً أن “على القوى الكردية الإسراع في حلّ خلافاتها والقدوم إلى بغداد بمرشح واحد يمثل الأكراد”.وعلى الرغم من إعلان “الإطار التنسيقي” عما وصفه بانتهاء حالة الانسداد السياسي في العراق، إثر قرار الصدر الخروج من العملية السياسية، واستقالة نواب كتلته من البرلمان، إلا أن أطراف الإطار لم تخض لغاية الآن أي مفاوضات رسمية مع الكتل والأحزاب السياسية، العربية السنّية والكردية الرئيسية، والمتحالفة سابقاً مع الصدر، أو النواب المستقلين والكتل المدنية، لتشكيل الحكومة الجديدة.
ورأى المحلل السياسي أحمد الشريفي،، أن الصدر فضّل إعلان شروطه السياسية من خلال تجمّع لقواعده الشعبية، وفيها رسالة واضحة لخصومه، مستدركاً بالقول إن “شروط الصدر لن يقبل بها الإطار التنسيقي، خصوصاً تلك التي تتعلق بمحاسبة من عليهم تهم فساد أو التخلي عن السلاح المنفلت”.ورأى الشريفي أن “الصدر يعرف جيداً أن الشروط التي وضعها لن يوافق عليها الإطار التنسيقي أو يعمل على تطبيقها، ولذلك فهو وجّه هذه الشروط بحضور هذا الجمع الكبير من أنصاره في بغداد، وذلك لإيصال الرسائل بأن عدم تطبيق الشروط يعني لا حكومة جديدة، بوجود هذا الجمهور الشعبي”.وأعرب المحلل السياسي عن اعتقاده بأن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات كثيرة على المستوى السياسي والشعبي، مضيفاً أن قضية نزول الجمهور الصدري إلى الشارع لمنع تشكيل أي حكومة جديدة أصبح أمراً وارداً جداً وقريباً، خصوصاً إذا لم يطبّق الإطار التنسيقي ما يريده الصدر .
فيما رأي آخرون أن انسحاب الصدر من البرلمان وهو يمتلك خيارات كثيرة للمناورة بها قبل الانسحاب إذا كان فعلا يريد ان يفتح بابا جديدا للتغير، وسلّم نصره الانتخابي الى الإطاريين لتعزيز المشروع الإيراني ، والصدر أحد أدواته المهمة فهو نفسه الذي ساهم بتدمير العراق منذ 2005 من خلال شرعنة الفساد وقتل الابرياء واجهاض ثورة تشرين وتأسيس الميليشيات العديدة وغيرها من وسائل واساليب دمرت البلاد والعباد .وما دعواته الإصلاحية إلا ضحكا على عقول البسطاء لتستمر إيران والفاسدين في نهب ثروات البلد وتفكيك نسيجه الاجتماعي ونشر الرذيلة والابتعاد عن المنظومة القيمية وتكريس عبادة الاصنام لإبقاء الفوضى قائمة خدمة لمصالح القوى المتنفذة.