بغداد/شبكة أخبار العراق- سعد الكناني..الصحافة مرآة الأمة وحلقة الوصل المستمرة بين مطالب الشعب المغيبة ولها أهدافها السامية والخالدة وتحتل مكانة في الأفق على ان مسؤوليتها شرعية أكثر مما هي وطنية, وحجم التحدي فيها كبير ولا يتوقف عند حد معين, واذا تخلت عن تلك الأهداف والمسؤوليات فهي أشبه بالطبيب الذي يترك المرضى دون علاج فيصاب المجتمع بعاهات وتنتشر الأمراض الفتاكة ويحل الدمار بسرعة بين أفراد الشعب, ولها دور كبير في بناء ثقافة المجتمع وان تؤدي ذلك الدور بأمانة وشجاعة وصدق لا يساوم عليه أي شيء ، فلا يمكن اعتبار الصحافة مجرد حرفة الغاية منها الحصول على لقمة العيش فقط, علاوة على انها نور يرشد الفرد ويحسن اداءه وسلوكه وصولا لطرق الأمان ويقيه الضرر المفاجئ ويحصنه من الوقوع بكوارث المجتمع, لو استطرقنا الماضي لوجدنا ان كل كتاب النهضة وظهور الجمعيات العلمية والادبية اثناء الاحتلال العثماني للعراق وبروز حالة الوعي وتعبئة الجماهير ضد أي استعمار جاء بفضل ما لعبته الصحافة في كشف الحقائق, كون مؤسسي تلك الجمعيات والنوادي الأدبية كانت بدايتهم مع الصحافة على اعتبار الصحافة الطريق الاول والاكبر في انتشار المعرفة, مع العلم ان الصحافة والاعلام موجودة حتى في العصور الاولى قبل الاسلام وبعده, وعرف ذلك من خلال الخطابة والاشعار والرسائل والتي كانت مؤثرة جدا في طبيعة الناس وتحريك غرائزهم, واليوم عرف عنها بانها علم يتطور وله تأثير كبير في حركة الشعوب وتغيّر واقعها الجذري دون استخدام الآلة الحربية والمدافع في دك اسوار الحكام, وللصحافة ثلاثة اهداف رئيسة: الاول: هي توعية ابناء المجتمع من خلال كشف الحقائق ونقل الاخبار والتقارير لزيادة ثقافات الفرد كما يجب ان تنبه المجتمع من الوقوع بالدعايات وتحذرهم من جميع المخاطر كما لا يقتصر دور التوعية فقط في الجانب الثقافي بل يتعدى ذلك الى الجانب العلمي والصحي وأن تساهم في كشف مفاصل الفساد وتوقف تمدده من خلال اساليب حضارية لا تعمم ذلك على الجميع وان لا تعطي صورة اليأس والخلاص من الحياة, وفي الوقت الذي تعرج على الجوانب الايجابية لتشجيع السكان للخوض والمساهمة في البناء والرقي وان تراعي النزاهة والشفافية, وتشد من اواصر المجتمع وتعمل على زرع روح القيم الاصيلة والوطنية لدى المواطن بالكلمة الصادقة والمؤثرة فهي مسؤولية تحتاج الى صبر وديمومة من أجل الحصول على النتائج المرضية, والهدف الثاني هو الارتقاء المستمر بثقافات المجتمع، كما يتضح على ان لا تبقى مسؤولية الصحافة هي فقط نقل المعلومة والخبر بل تحتاج الى تجديد المعلومة ومواكبة كل شيء جديد من العلم, ونقله مباشرة وعلى ان تكون مستمرة دون فاصلة, فالمسوؤلية هنا اشبه بالصف الدراسي الذي يتعلم فيه الطالب جميع العلوم ليحصل كل يوم على معلومة جديدة ومختلفة ولا يقتصر على اختصاص ثابت ومعين, ويساعد ذلك على نشر الوعي الفكري ونفاذ البصيرة لدى المواطن ويتخلص من الاخبار القديمة والمعلومة التي تعاد عليه, فكل شيء قابل للتطور يتم فيه الارتقاء بعقول الناس ويرفع من كفاءة التفكير والتخطيط, وسنحصل على أفراد يكون فيما بينهم تنافس فكري وتتسع مساحات الثقافة وتتقلص فجوة الفساد والاجرام, فالشعوب المثقفة والتي يرتقي بها مستوى التفكير العقلي الى الانفتاح والمتابعة والاطلاع المستمر ربما ستقل كثيراً فيها مستوى الجريمة والمشاكل الاجتماعية, أما الهدف الثالث فهو تسييس الجماهير من خلال الصحافة، كلما كان مستوى الجماهير يعرف ويفهم السياسة وله اعين وافكار بمعرفة الواقع اليومي لبلده وتكون متابعاته بنظرة حيوية واسعة لا تقتصر على مفهوم الازمات بل عليه ان يمتلك الرؤية الثاقبة والتحليل السياسي لمعرفة ما يجري في اوساط المجتمع والعلاقة بين الحكومة والشعب بالتأكيد هنا سيتحصن الوطن من الاخطار الخارجية وتقل فيه السيطرة الاستعمارية وانهيار المال العام وسيسقط فيه الادعياء واصحاب المصالح، فالثقافة هي سلاح مميت للمفسدين والمتخلفين, فهنالك بلدان لم يدم الاستعمار فيها الا اياما وخرج بفضل ما تمتلكه الشعوب من رؤيا واضحة بمعالم السياسة مقرونة ببصيرة وثقافة واراء وافكار متعددة, لهذا انتهجت في بعض الدول الاوروبية وخاصة بريطانيا على ان الثقافة هي المطالعة المتنوعة في كل الابواب وكثيرا من المحاورة والنقاش وصولا الى نقطة الاختلاف والتقارب معا.
دور الصحافة في توعية المجتمع
آخر تحديث: