رواتب رفحاء بين الاستحقاق والأرتزاق.. والتوصيف القانوني لها..؟
آخر تحديث:
بقلم:جلال الزبيدي
يدور حديث متصاعدآ في الإعلام الوطني والدولي عن قيام الحكومه العراقيه بإعادة رواتب رفحاء بأثر رجعي. وهذا بحد ذاته يشكل اعتداءآ سافرآ على مبادىء المساواة والعداله الدستوريه ومنظومة القيم القانونيه بالعراق.. وانطلاقآ من أحكام الدستور العراقي النافذ في مادته 27/أولا والتي تقول(للأموال العامه حرمه وحمايتها واجب على كل مواطن) سأقوم بقراءه ومراجعه نقديه لقانون رفحاء بسبب مخالفته للتشريعات العراقيه وللقانون الدولي وللقانون الدستوري المقارن..؟ فقانون رفحاء الذي قام مجلس النواب بإصداره في2013 وبأثر رجعي اعتبارا من2006 تأسيسآ لتعديل قانون مؤسسه السجناء السياسيين الصادر في2006. علمآ أن مؤسسة السجناء السياسيين يهيمن عليها احزاب الإسلام السياسي الولائيه منذ تأسيسها ولحد الان..؟
عموما قانون رفحاء هو نتاج لصفقه سياسيه مشبوهة بين قوى المحاصصه البرلمانيه..؟ وهذا القانون يشكل انتهاكآ صارخآ للقيم الدستوريه وقواعد العداله الاجتماعيه بالعراق.فقد اشار الدستور العراقي بالماده 14منه ان( العراقيين متساوون أمام القانون…. دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القوميه أو اللون أو الدين أو المذهب….) ومن هنا نلمس تغول قانون رفحاء على الحقائق الدستوريه. وهو مجرد صفقه معيبه اخلاقيآ وقانونيآ وسياسيأ ويقف ورائها ثلة من تجار الطفيليه الدينيه بالعراق. فقانون رفحاء تم تلغيمه ماهر بمنظومه من العيوب القانونيه الجسيمة والتي تفقد صفته كقاعده قانونيه ملزمه. فهذا القانون ليس فقط هو نتاج صفقه سياسيه رخيصه لابل وقرصنه تشريعيه مستهجنه وشيطنه لقيم العداله الانسانيه الراسخه..
فالعراق حاضرة الدنيا وموطن حضارات الكون يتعرض لهجمه شرسه من قبل القوى الظلاميه القرووسطيه ومافيات الدوله العميقه التي ابتلى بها العراق.والتي استطاعت اختطافه بتواطىء أمريكي أيراني وذلك منذ تشكيل مجلس الحكم سيء الصيت ولحد الان..!! وللأسف أن القيم والمباديء الناظمه للعلاقات القانونيه والاجتماعيه الحداثيه هي من أكثر المتضررين من هذا
التدميرى للميكافيليه الدينيه السياسيه بالعراق. كما ان البرلمان العراقي للأسف تحول إلى أداة طيعه لخدمة المحاصصه السياسيه وحماية المشاريع الريعيه للطفيليه الدينيه التجاريه والتي كان سابقآ تتغذى على المساعدات الاجتماعيه لدول اللجوء بأوروبا. وتحولت بين ليلة وضحاها إلى كمبرادوريه ماليه كبيره؟؟وهكذا تحول مجلس النواب إلى سوق للمضاربه الماليه..فأنشغل بامتيازات أعضائه واصبح حاضنه للفساد التشريعي وأصدر مجموعه من قوانين العفو عن المزورين وسراق المال وأصحاب الجريمه المنظمه. وحاول بجداره استغباء الرأي العام العراقي بإصراره على سلوك هذا العبث القانوني بإصدار قانون رفحاء والبرلمان يتباكى اعلاميآ ويؤكد على عمق الازمه الماليه والتضخم الاقتصادي بالعراق وافلاس خزينة الدوله. ونجده يسارع لإصدار قوانين للاقتراض المالي من البنوك الوطنيه والدوليه.. ومع كل هذا العجز النقدي لا تخجل الحكومه بإعادة رواتب رفحاء وبأثر رجعي لاستنزاف المزيد من أموال الشعب العراقي في صفقة سياسيه مريبه..؟ وقد لاحظنا سابقآ كيف أثيرت ضجه اعلاميه مفتعله بمجرد قيام الكاظمي بإصدار قرارات لتصويب(وعقلنة) قانون رفحاء. وجري التصدي لذلك بالسلاح المنفلت وقطع الطرقات واشتغلت كواتم الصوت الولائيه بدرجات متصاعده؟
ونحن كقانونيين من واجبنا الوطني يجب علينا أن نتوقف عند بعض مفاصل قانون رفحاء ومدى معارضته لمبدأ المشروعيه الدستوريه محليآ ودوليآ.. فهو يشكل انتهاكا فضآ للقانون الدولي خاصة عندما تصبح (معادله المال مقابل النضال) هو العنوان العريض في التسبب القانوني لإصدار قانون رفحاء.. وهو بذلك( يقترب للارتزاق اكثر من حالة الاستحقاق الدستوري)؟
فأن احد اهم المأخذ والتحفظات السلبيه له أنه ينتقل بالنضال الوطني الخلاق في مقارعة الديكتاتوريه إلى ساحه وبورصه للأوراق النقديه حيث يتم تقييم قدسيات النضال الوطني ويتحول هذا النضال ودماء الشهداء إلى أوراق نقديه بالدولار الأمريكي وكأنها غنيمة حرب؟ وهذا للاسف يقع ضمن مفهوم الارتزاق بالقانون الدولي..حيث أشار الملحق الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف الموقع في1949 والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات الدوليه المسلحه وهي أول اتفاقيه دوليه تتناول بالتحديد (مفهوم المرتزق) حيث تقول((إنما هو شخص أو مجموعة أشخاص يجري تجنيدهم محليآ ودوليأ ليقاتل في نزاع مسلح أو يشارك بأعمال عدائيه بمقابل مالي)) هذا جانب وجانب آخر نجد أن الأمم المتحده هي الأخرى اعتمدت في4ديسمبر 1989 الأتفاقيه الدوليه المناهضه لتجنيد المرتزقه واستخدامه وتمويله وأنه لا يتمتع بوضع الأسير أو المقاتل بالحرب؟
كما أن القوانين العراقيه هي الأخرى ناقشت ازدواج رواتب رفحاء مع الراتب العام للعراقيين وأشارت إلى البطلان القانوني المطلق لازدواج الراتب العام. لانه مخالف لقانون الخدمه المدنيه رقم24لسنة 1960 ولقانون أنضباط موظفي الدوله العراقيه رقم 14 لسنة 1991. كما أن ازدواج رواتب جماعة رفحاء مخالف لقانون التقاعد والضمان الاجتماعي رقم39لسنة 1971..وأكد ذلك (مجلس شورى الدوله العراقي) وهو قمة هرم القضاء الإداري بالعراق.حيث أصدر قراره الشهير رقم39لسنة2014 والصادر بتأريخ 6/4/2014 قائلآ.. وحيث أن البند رقم11 من الماده 21 من قانون التقاعد العام الموحد رقم 9لسنة 2014
نصت ((على أنه لايجوز تقاضي أكثر من راتب تقاعد بموجب أكثر من قانون. وله أن يختار الراتب التقاعدي الأفضل))؟
وهنا لابد لي من الدخول في مفاصل بؤس وهزالة قانون رفحاء خاصة حالة العوار التي تلاحق أدوات صياغته التشريعيه.. وذلك كالتالي :
أولا : أن قانون رفحاء احد القوانين الداخليه بالعراق والماده 27من اتفاقية فينا للمعاهدات لسنة1969. تشير صراحة في حالة التعارض بين قانون داخلي بينه وبين القانون الدولي فتكون العلويه والسمو للقانون الدولي حتى لو أدى ذلك لتصويب الدستور خضوعآ لمتطلبات القانون الدولي.
ثانيآ : قانون رفحاء صدر في2013 ولكنه نص على أنه يسري بأثر رجعي وهذا يشكل انتهاك لأحكام الدستور العراقي. حيث أشارت لذلك الماده 19/تاسعا.. من الدستور العراقي بالقول(ليس للقوانين إثر رجعي).
ثالثآ: أن قانون رفحاء من القوانين الانتقالية الغير مستقره. وادبيات القانون الدستوري المقارن أشارت بأنه لايجوز للقوانين الانتقالية الغير مستقره أو الوقتيه أن تسري بأثر رجعي.؟
رابعآ : قانون رفحاء يعارض بشكل صريح قانون الأحوال الشخصيه العراقي عندما سمح بإعطاء راتب للطفل الذي ولد برفحاء حتى ولو كان عمره شهرا واحدآ؟ والمشرع العراقي والبرلمان العراقي للأسف كان جاهلآ لاشتراطات قانون الأحوال الشخصية العراقي (فالطفل الرضيع) بقانون الأحوال الشخصيه يعتبر (صبي غير مميز) اي فاقدآ لقدراته العقليه للتمييز والادراك. علمآ أن كل صبي لم يبلغ السابعه من العمر يكون منعدم الاهليه القانونيه. فليس له حق التصرف بماله ولا يمكن أن يباشر اي تصرف قانوني الا من خلال موكله وعليه محرم ( عقود الاغتناء) مثل رواتب رفحاء؟ لابل لايجوز له قبول الهبه وليس له حق إبرام عقود البيع والشراء.. وهذا مايقول به أيضآ العلامه الفقيه عبد الرزاق السنهوري.
خامسآ : كما أن رواتب قانون رفحاء امتدت لتشمل الذين كانوا ( متزوجين بتلاثي ورباعي- وما ملكت أيمانكم).!! ومهما كان عدد الاطفال مما أرهق واستنزف ميزانية الدوله العراقيه وهذا للاسف أدى لأن يكون إجمالي بعض رواتب عوائل رفحاء يصل إلى أكثر من20 مليون دينار شهريآ..!! بينما راتب الموظف المتقاعد بعد خدمة عشرات السنين لا يتجاوز المليون دينار شهريآ؟
اخيرا مخيم رفحاء لا يحمل المواصفات القانونيه كونه سجنآ أو معتقلآ.. لأن أغلب ساكنيه كانوا في بيوت مؤثثه.. ويقع تحت حماية الأمم المتحدة وتصل لهم المواد الغذائية بانتظام.. ولا ينطبق عليهم مفهوم المعتقلين أو السجناء لأن كل أسباب الترف الاجتماعي متوفره لديهم..وبعد 2003 قامت الأمم المتحدة بنقلهم بطائرات خاصه إلى عشر دول أوروبيه وحصلوا على جنسيات هذه الدول الاوروبيه. ويتلقون منها رواتب ومساعدات شهريه؟ واصبح الكثير منهم من الأثرياء والمقاولين وأصحاب شركات عقاريه؟؟ ومع ذلك يستمرون بأخذ رواتب رفحاء التقاعدية الباطله قانونآ.. وبالمقابل هناك مئات العراقيين الذين قارعوا الديكتاتوريه وأصبحوا نزلاء للسجون العراقيه. وتعرضوا للتعذيب اليومي داخل هذه السجون. لكن مؤسسة السجناء السياسيين وقضاتها يرفضون بشمولهم بقانون السجناء السياسيين لكونهم شيوعيين أو ديمقراطيين ومستقلين وغير محسوبين على ملاكات احزاب الإسلام السياسي بالعراق هذه هي عدالة الإسلام السياسي بالعراق…؟هذه بعضآ من المحاججات القانونيه على خطل وخطأ قانون رفحاء والذي أشار الإعلام العراقي إلى إعادة العمل به بأثر رجعي..؟ وهذا ان تأكد ذلك فيشكل جريمه جنائيه وأعتداء جسيم على أحكام الدستور العراقي وحقائق القانون الوطني والدولي…؟والله من وراء القصد