ابتلى العالم منذ القدم برجال الدين وهؤلاء أغلبهم وعندما نقول أغلبهم فإننا قاربنا الوصول إلى الغالبية العظمى من العدد الكلي ، فالإنسان حينما يولد يبحث عن طريقة ما يستطيع من خلالها أن يجد الاحترام ومع الاحترام المكانة الاجتماعية بين أبناء مجتمعه ومنها ينتقل بحكم المنطق إلى البحث عن المال لتحقيق غايات وهذه من المسلمات والحقوق التي يرنو إليها أي إنسان في هذا العالم ، نعم كلنا نبحث عن الاحترام وعن المكانة المرموقة بين أبناء مجتمعنا الذي نعيش فيه وبنفس الوقت نبحث عن وسيلة لتأمين العيش الكريم ثم الانتقال بعدها إلى الطموحات الكمالية التي هي كما تعلمون مكانها في أعلى هرم أبراهام ماسلو ( نظرية في التحفيز الإنساني ولكن هذا الحق يصبح باطل عندما نتلاعب بالثوابت ونسفسط الغايات ( السفسطة هي التلاعب بمعاني الألفاظ ) وهنا يتبين لنا الفرق بين الإنسان الطموح من منظور الحق ( الإنسان السوي ) والإنسان الطموح من منظور الباطل بلباس الحق ( رجل الدين ) .
حينما يولد الإنسان ويفهم حيثيات هذا الكون وأسلوب العيش بطريقة يريدها يبدأ مشوار البحث عن الطرق التي توصله إلى الغاية ، هذا الإنسان عندما يشعر (بعقد نفسية ) أغلبها عقد دونية تجعله يبحث عن وسائل للارتقاء من هذا الواقع الدوني الذي يرتبط معه ويعشعش في أفكاره حتى وإن أصبح بعمر الستين عاما ، فالمعروف عند علماء النفس إن مراحل تكوين الشخصية هي تسع مراحل ستة منها تبدأ من اليوم الأول للولادة وتنتهي في سن (18) عاما والثلاثة الباقيات تبدأ من سن (18) إلى يوم الممات ، المراحل الستة الأولى هي التي تتحكم بطريقة تعامل هذا الإنسان مع هذا الناس والعالم ومع نفسه ، فمنهم من يكون ناجحا بحق وإخلاص ومنهم من يكون ناجحا بغش ومنهم من يكون فاشلا دون أن يعلم أو يقصد ومنهم من يكون فاشلا وهو يستحق الفشل .
رجال الدين ينتمون بالفعل والقوة إلى البشر الذين يشعرون بدونية في أولى مراحل حياتهم ، يشعرون إنهم محتقرون ولكن هؤلاء المحتقرون لهم ميزات تجعلهم يتجاوزن هذا الفشل من خلال التمسك بالنهج الديني وارتداء اللباس الديني طلبا لراحة ومغادرة هذه العقدة النفسية ، فهم يشعرون بالراحة حين يتكلمون دون أن يعترض أحد على ما يقولون حتى وإن كان قولهم هراء وخزعبلات ، أغلبنا لا يستطيع مجادلة رجل دين ليس لأننا غير قادرون ، هو يوهم السامعين بأنه القادر على قيادة النقاش والسيطرة على العقول بالحجج المنطقية ، لكننا نحاول أن لا نجادل لأن التهمة ستوجه لنا بأننا ملحدون مهرطقون فاسقون ، عندما يُحرج رجل الدين من سؤال أو عندما يشعر بعلامات الحيرة في عيون السامعين نراه يحاول أن يقلب الطاولة على رؤوس السامعين ولا يسمح بالسؤال لأنه يعلم أن هناك عقول تدحض الكثير من الأقوال ، فالكل يستطيع أن يتكلم ولكن من منا يستطيع أن يترجم القول، القياس بالفعل وليس بالقول ولو كان القياس بالقول لكان فتاحوا الفال أفضل المتكلمين ، لو سمح لنا أن نتعامل مع رجل الدين بطريقة نسميها مجازيا بـ ( الخيال العلمي الطبي ) وهي لو فتحنا العقل ورأينا ماذا يحوي هذا العقل لوجدنا السواد الأعظم قد لف كل خلية من خلايا المخ ، العقد الدونية التي زرعت بمرحلة من مراحل العمر في عقول هؤلاء تجعلهم يكنون كل الشر لكل العالم ، يتكلمون بالخير وهم لا يعرفون طريق الخير ، يتكلمون بالتعاون وهم أعداء للتعاون ، يتكلمون بنغمة الأمر بالمعروف وهم ينهون عن المعروف سرا ، يتكلمون بالنهي عن المنكر وهم عبيد للمنكر ، إياك أن تكون عدوا لنوعين من البشر ( رجل الدين والعاهرة ) لأنك لا تعرف مدى التهمة التي تواجهك ولم ولن تخطر على بال أحدنا .
رجال المعابد سابقا في الحضارات القديمة كانوا يعيشون على الخرافات التي ينسجونها ، كانوا يوهمون الناس بأن الميت حين يوارى الثرى سيكون بحاجة إلى طعام وهو في ( العالم السفلي ) وفي حاله عدم إطعام هذا الميت سيضطر إلى أكل التراب الممزوج بالماء ( الطين ) حينها ستمتلى بطنه ويخرج إلى الأعلى وسيكون بمثابة المنتقم الأول من أهل المتوفي ( أهله ) ويبقى هذا الشبح يتابعهم ويفزعهم ويحاربهم في أرزاقهم ولا سبيل للخروج من هذا المأزق إلا بإطعامه حينها سيعود مرتاحا إلى مكانه في باطن الأرض ( العالم السفلي )، من خلال هذه الخزعبلات يقوم أهل المتوفي بإحضار الطعام اللذيذ لكهنة المعبد ( مرة واحدة في الأسبوع ) ورجال المعبد ينعمون بهذا الأكل وهم فرحون بهذا الانتصار والخرافة وهكذا توارث رجال الدين فكرة الضحك على عقول السذج من أيام الأكديين والسومريين والبابليين والفراعنة وليومنا هذا ، ولو تابعنا أعمال رجال الدين فنجدها محصورة بالكلام فقط ولو نظرنا لأناملهم لوجدناها أرق وأنعم من أنامل الفتيات ( الصبايا ) لأنهم لا يعرفون أي عمل وكما نقولها باللهجة الدراجة في عراقنا ( عطالة بطاله ) مهنتهم الكلام وتسفيط وتزويق الأقاويل بما يخدم مصلحتهم في الباطن وفي الظاهر تنفيذ لأوامر ربانية وسنة نبوية ونهج إمامي ومنطق إنساني ، هنا ستكون المعادلة تتناسب طرديا مع الزمن أي بعبارة أخرى ( كلما مر الزمن كلما زادت الأباطيل والخزعبلات والخرافات وزاد عدد رجال الدين وبدأ التناحر فيما بينهم لكسب أكبر عدد من المريدين والمؤيدين ومن يدفع لهم أتعاب مهنة الكلام ( اللغوة الفارغة) حينها سيكون أحدهم ككاهن المعبد سابقا يأكل من خيرات الناس ويضحك سرا على عقول الناس ورجال الدين في عراق ما بعد السقوط خير دليل وهذا هو سر العداء المعلن والمخفي بين رجال الدين .
في نهاية هذه السطور سيقول البعض ما هذا التحامل والقسوة بقلمك يا فواز على رجال الدين حينها سيكون ردي إن قساوة ولاذعة قلمي لا تعادل قطرة دم واحده سقطت من أجساد بريئة لأبناء بلدي العزيز بسبب فتاوى شيطانية خرجت من أفواههم العفنة .
د. فواز الفواز