هاشم العقابي
الذين يطالبوننا ان نعوف المالكي قد يصح حصرهم بأربعة أنواع:
الأول، يناصر المالكي ويعتبر ان الله لم يمنّ بنعمة على العراق مثل ما منّ به. لذا فانتقاده عندهم أقرب للكفر “بالمذهب” منه الى أي شيء آخر. الثاني، على عكس الأول تماما، يرى انه انتقام وقع كالزلزلة على البلد وقد دفع العراق، بفعل غطرسته وقلة درايته بأبسط شؤون الحكم والامن، من الخراب والدم والدمار ما لم يدفعه تحت ظل أي حاكم قبله. لذلك يطالبوننا بانتقاده حتى ولو بعد 100 عام لأنه شكل ظاهرة مأساوية مدمرة. الثالث يرى ان الرجل قد غادر منصب رئاسة الحكومة وعليه فمن فات فات، ومن مات مات. أما الرابع فيرى أصلا انه لا يستحق ان نعطيه هذا الاهتمام وان نشغل أنفسنا بما هو أفضل للعراق وأهله.
لست بصدد مناقشة تلك الآراء. لكن جلّ ما أريد قوله هنا، هو انني في اليوم الذي قال فيه المالكي، بعد ان سحب ترشيحه للولاية الثالثة: “لا أريد أي منصب وإن منصبي ثقتكم بي وهو منصب لا أرقى ولا أشرف منه”، هيأت نفسي لكتابة عمود اشيد به وأودعه بلطف ومحبة.
هاجس ما دفعني للتريث سببه أنى لاحظته صار يكثر من الحضور لاجتماعات مجلس النواب في أيام توزيع المناصب. سابقة لم نعهدها به من قبل اذ كان الرجل يتطيّر من حضور أي جلسة نيابية. عندها قلت لنفسي صبرا ولنلحق العيّار لباب الدار، كما يقولون. مجرد أيام، واذا به يسعى للمنصب سعيا محموما حتى حصّله.
من يرتقي منصبا حكوميا تحت باب “الدرجات الخاصة” مهما علا او هبط، فانه اشترى بنفسه ان يكون محط انتقاد ومحاسبة لا بل وشتم أيضا. لماذا؟ لأنه حتى “ريوكَه” يدفع من أموال النفط وان كان جالسا في بيته. هاي ما تجي بلاش. لذلك سمّوا المسؤول “شخصية عامة”. ومصدرها لا يعني انها “شعبية” انما لأنها تعيش على المال العام.
المهم، يا سادة يا كرام هو اني وصلت الى قرار لعله يرضي المعترضين والموافقين. سأعطي الرجل عطوة، لكنها مع “تَرَمْ”، ومعناه “شرط” حسب المصطلحات العشائرية. يبدو انه مأخوذ من term الإنجليزية:
إن التهى الرجل بعمله وان لا يصرح بما “يلچم” جراحنا، التي أقلها حسب الأمم المتحدة، 10 آلاف قتيل و20 الف جريح و 1.9 مليون مشرّد منذ بداية هذا العام فقط وكلها بسببه، فراح نعيفه. أما اذا لم يسكت فسنعود، والسلام.