بغداد/ شبكة أخبار العراق- على خلاف الأسواق الشعبية في سلطنة عُمان التي تبدأ حركتها التجارية في ساعات الصباح الأولى، تفتح سوق بلادسيت عند الساعة الواحدة ظهرا كل يوم، وتشهد ذروة نشاطها خلال يومي عطلة نهاية الأسبوع، وهو ما زادها تميّزا إلى تميّز منتجاتها المحلية وموقعها في قلب قرية بلادسيت بولاية بُهلاء في محافظة الداخلية.في مدخل القرية وبعد “برج اللوحة”، نمضي يسارا إلى “سوق بلادسيت” التي تتوسط البيوت الأثرية في حارة “الداخل” المؤلفة من عدد من بيوت الطين القديمة الشاهدة على تراث المنطقة.تبدأ حارة الداخل ببوابة كبيرة رئيسية، وتنتهي ببوابة أخرى يطلق عليها “باب الصباح”، وتُشرف على شجرة كبيرة معمرة تسمى “سدرة الصباح” كما يعرفها سكان المنطقة.تجاور سوق “بلادسيت” مسجد “الداخل”، وتتميز المباني الأثرية في الحارة بزخارفها المعمارية التي يُبرز طينها قصة تاريخية يتداولها أبناء المنطقة جيلا بعد جيل، وتدفع شباب القرية إلى المحافظة عليها وترميمها.كما أن القرية تحتضن مسجدا آخر عمره 200 عام، له قصة معروفة عند أهالي المنطقة. فالرواية تقول إن مسجد الرحيب سُمي بمسجد “الأمانة”، لأن الأهالي يحفظون فيه الأمانات إلى حين عودة أصحابها.تبلغ مساحة سوق بلادسيت ما يقرب من 600 متر مربع، ويعود تاريخها إلى 400 سنة خلت بحسب رواية الأهالي، وتشتهر بوصفها معرضا للمحاصيل الزراعية المحلية.تشكل السوق لوحة دائرية من مرتاديها من مختلف الأعمار، تتوسطهم المنتجات المعروضة، ويتهادى إلى أسماعهم إيقاع صوت “دلال السوق”، وهو يردد أسماء المنتجات المعروضة بلهجته المحلية، وسط تفاعل من مرتادي السوق يستمر إلى أن تُباع جميع المنتجات المعروضة.وعن تجربته مع سوق بلادسيت، تحدث الدلال جمعة بن حمدان الهنائي إلى الجزيرة نت قائلا إن سوق بلادسيت ليست معرضا للمحاصيل الزراعية فحسب، وإنما هي مكان للتجمع والتعارف بين الناس وتبادل أخبارهم.ويضيف أنه يتم في هذه السوق “تقسيم ماء الفلج” وإعلان مواعيدها، فيعرف كل مزارع التوقيت الذي سيكون له فيه حصته من المياه، كما تجري فيها أيضا مداولات بيع الأراضي والعقارات.وعن الرواج التجاري في السوق، يقول الهنائي “توقيت سوق بلادسيت في الساعة الواحدة ظهرا من كل يوم، ويتوافد إليها سكان المنطقة والمناطق المجاورة، وتتفاوت أسعار المنتجات”.وفي تعليقه على هذا التوقيت الذي تنفرد به سوق بلادسيت عن باقي الأسواق الشعبية في السلطنة، يقول الهنائي للجزيرة نت إن هذا التوقيت متعارف عليه منذ زمن الأجداد، وكانت السوق قديما تبدأ بعد صلاة الظهر وتمتد إلى ما بعد صلاة المغرب، أما الآن فإنها تبدأ عند الساعة الواحدة وقد تمتد إلى ساعتين، ويعتمد ذلك على كمية المنتجات المعروضة.وعن المحاصيل المعروضة في السوق، قال علي بن إبراهيم الهنائي، وهو أحد المزارعين الذين يعرضون منتجاتهم في السوق منذ ما لا يقل عن 30 سنة، إن هذه المحاصيل تختلف بحسب مواسم الحصاد.وأضاف “يمكننا أن نرى في السوق اليوم الليمون والرطب والسفرجل والثوم والتمور، أما في بداية فصل الصيف فهناك العنب والتين والفيفاي (البابايا)، ويبدأ عرض محاصيل فصل الشتاء بداية نوفمبر/تشرين الثاني”.وعند سؤاله عن مدى حرصه على عرض منتجاته الزراعية في سوق بلادسيت، قال الهنائي “أسعى من خلال ذلك إلى استمرارية السوق التي تشهد حركة تجارية نشطة تنعكس على المنتجات المحلية التي تتميز بها المنطقة عن غيرها من المناطق”.